يعد كتاب «التقييس الحديث» مرجعاً مهماً في قطاع التقييس والجودة، كما يسد ثغرة قائمة في هذا المجال الحيوي في المكتبة العربية ويعد هذا الكتاب ثمرة جهود مخلصة قام بها المؤلف معالي الدكتور خالد بن يوسف الخلف مدير عام الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس وذلك بهدف تسليط الضوء على أنشطة التقييس وابراز مفهومات الجودة والتعريف بأهم متطلباتها ونشر مزيد من الوعي بالتقييس، كل ذلك من أجل دعم الجهود الهادفة الى تطبيق المواصفات والمقاييس واستخدام الاساليب الحديثة في ضبط الجودة والمساهمة في تطوير الصناعات الوطنية، وتقليل التكلفة الاقتصادية وتنمية الصادرات وتحسين جودة المنتجات حيث اصبحت جودة الانتاج تشكل العامل الاساسي لاستمرار المنافسة والدخول الى الاسواق العالمية في ظل قوانين ومبادئ منظمة التجارة العالمية «WTO».
ويغطي هذا الكتاب بوجه عام مختلف مفهومات وتطورات التقييس حيث يقوم بعرض شامل، لانشطته ومجالات عمله وقد احتوى الكتاب على مقدمة الدكتور لورانس ايكر السكرتير العام للمنظمة الدولية للتقييس «ISO»، منوها فيها الى ان الكتاب يعد مرجعاً مهماً في قطاع التقييس والجودة وانه يسد ثغرة قائمة في هذا المجال الحيوي في المكتبة العربية.
ويتضمن هذا الكتاب سبعة فصول، كرس الفصل الاول منها لالقاء نظرة شاملة على مفهومات التقييس وتطوراتها عبر التاريخ مركزا على التطورات المعاصرة في مجال التقييس وعلى علاقته بمختلف العلوم. بينما يلقى الفصل الثاني نظرة عامة على أهداف التقييس ومزاياه، ويتناول الفصل الثالث مستويات التقييس التي يؤثر فيها ويتأثر بها مركزا على المستوى الوطني بصفته من اهم التطورات المعاصرة، وظروف نشأة التقييس في الدول النامية وهيكلية اجهزة التقييس الوطنية ليعرض بعد ذلك المستويات الاقليمية والدولية للتقييس. وبذلك فان الفصول الثلاثة الاولى تحاول القاء نظرة شاملة على التطورات التاريخية للتقييس. وكيف يواكب التطورات المتتابعة في العلوم والتقنية على مر العصور.
ويتم بدءاً من الفصل الرابع تناول المجالات المتخصصة للتقييس والمعايرة «المترولوجيا» والتي تطورت صورها تطورات متتالية مع تطور المجتمعات البشرية، وصاحبت الحضارة البشرية منذ فجر التاريخ بصورة او بأخرى نظراً لارتباطها بتنظيم دقة المعاملات البشرية وضبطها. في مجالات التجارة وقياس الاراضي الزراعية واراضي البناء وغيرها من صور المعاملات حتى وصلت الى النظام الدولي للقياس في عصرنا الراهن الذي اصبح قاعدة التطور العلمي في مختلف المجالات. ثم يعرض لاسس القياس والمعايرة بمختلف مجالاتها، والتي تشمل المعايرة القانونية والمعايرة الصناعية والتطبيقية والمعايرة العلمية ومهام المختبر الوطني للقياس والمعايرة.
بينما يعالج الفصل الخامس موضوع المواصفات
القياسية التي تطورت بدورها تطوراً مستمراً بلغ ذروته في عصر النهضة الصناعية حيث ظهرت المواصفات الوطنية التي أصبحت النواة التي يدور من حولها النشاط الوطني والانشطة الاقليمية والدولية للتقييس، ومن ثم المستوى الاقليمي والمستوى الدولي وانماط المواصفات القياسية واهدافها ومزاياها واساليب تطويرها.
أما الفصل السادس فقد كرس لعرض مفهومات الجودة، وكيف تطورت مع تطور مفهومات التقييس لتبلغ ذروتها في العصر الحاضر الى مفهومات الجودة الشاملة، ويعرض هذا الفصل المدارس الاساسية السائدة حاليا، وكيف تبلورت في المواصفات القياسية الدولية لادارة وتأكيدالجودة ايزو 9000، و مفهومات هذه المواصفات الدولية ومدلولاتها العملية، ثم ينتقل الى التدقيق طبقاً لهذه المواصفات الدولية وانواع التدقيق الداخلي والخارجي، والتدقيق من طرف ثالث، ومؤهلات المدقق وادوات التدقيق لينتقل بعد ذلك الى عرض موضوعات علامة الجودة وشهادة المطابقة واعتماد الخدمات بوصفها من أهم أساليب تأكيد الجودة بواسطة طرف ثالث والتي أصبحت شائعة الاستخدام على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية ومن ثم اكتسبت أهمية بالغة.
أما الفصل السابع فيتناول الخدمات المساعدة والتي أصبحت تحتل اهمية بالغة، حيث يتناول المختبرات التي تعدّ عصب أنشطة التقييس سواء في الاجهزة الوطنية للتقييس او في المؤسسات والاجهزة المعنية، ثم ينتقل الى عرض موضوع المعلومات التي اصبحت كذلك من اهم وسائل تطوير انشطة التقييس، واكتسبت اهمية في منظمة التجارة العالمية التي تشترط ضرورة وجود نقطة استفسار وطنية في كل دولة عضو في المنظمة، ويعرض هذا الفصل لاهم متطلبات منظمة التجارة العالمية في هذا الاطار، ثم يعرض هذا الفصل لموضوع الاعلام واهميته في مجال التقييس بصفته نشاطاً فنياً متخصصاً ولكنه يحتاج الى تفهم وتفاعل مختلف الاطراف المعنية حتى ولو لم تكن متخصصة. ومن هنا فان احد عوامل النجاح هو مدى تفاعل وتفهم هذه الاطراف لانشطة التقييس، مما يوضح اهمية الاعلام في هذا المجال المتخصص.
ومن الامور اللافتة للنظر، ان هذا الكتاب يعرض في طريقة سلسة الصلة الوثيقة بين التقييس، ومختلف التطورات التي تجري في مختلف القطاعات التنموية، وتأثره وتأثيره في مجريات التاريخ، حتى يصل الى الصلة الوثيقة التي تربط بينه وبين احدث هذه التطورات المعاصرة الا وهو انشاء منظمة التجارة العالمية في اول يناير 1995م، وكيف تفاعل انشاء هذه المنظمة مع مختلف مجالات التقييس، بما ادى الى تطوير في المفهومات والادوار والاساليب، لتتمشى مع متطلبات التجارة العالمية بمفهومها المعاصر.
وبذلك فانه يمكن القول ان هذا الكتاب يهدف الي إلقاء نظرة شاملة على التقييس ومجالاته ومفهوماته، تساعد الراغبين على تكوين فهم متكامل لمختلف مجالات التقييس وأنشطته ودوره في الحياة المعاصرة.
ومن المؤمل ان يساهم هذا الكتاب في توضيح فوائد التقييس وتأثيراته الاقتصادية والعلمية وان يشكل خطوة متقدمة الى الامام لترسيخ مبادئ الجودة ومفهوماته وادراك الحقائق المتعلقة بالتقييس ودوره الحيوي في ازالة العقبات التي تعيق انسياب التبادل التجاري وتعزيز سبل واجراءات حماية المستهلك وان تجد الجهات المعنية ذات العلاقة بالتقييس في هذا الكتاب ما يضيء امامها الطريق لادراك فوائد التقييس وأهميته وضرورته وان يكون فيه ما يساعدها على تحقيق ما تصبو اليه من غايات وأهداف بإذن الله.