مما لا ريب فيه أن الترفيه والتسلية والمتعة من طبيعة الحياة البشرية التي تستهويها وتنضوي تحتها، فالترويح عن النفس مطلب لها من حين لآخر.

‏وجميع وسائل الترفيه يجب أن تخضع لميزان الشرع، فإما توافقه أو تعارضه. وهنا يكمن مربط الفرس، فدستور المملكة العربية السعودية كتاب الله وسنة نبيه، والمنع والقبول مرتكز عليهما، فإذا ما حرَّم العلماءُ كافةً نوعًا من أنواع الترفيه بالدليل الشرعي فيجب تركُه في هذه البلاد - بل وفي غيرها - حتى وإن كان له عوائد اقتصادية كبيرة في نظر البعض؛ لأن الذي منحَ المال لم يأذن لنا في صرفه فيما نهى عنه (يمحق الله الربا ويربي الصدقات).

‏ولو تأمل الناظر في قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } لوجد أن الإيمان والتقوى أساس البركة في الرزق والسعادة.

‏ومما يؤلمني حقيقة: أن يُختزل الترفيه في بضع من الجوانب التي يترتب عليها تغيير في هوية المجتمع الإسلامي فضلا عن كونها محرمة، والملاحظ أن من يَختزِل الترفيه في قالب السينما والحفلات الغنائية المحرمة لا يريد حضور الناس وانصارفهم فقط، وإنما هي خطة مدروسة لتغيير كامل في هوية المجتمع لا تأتي إلا من هذا الطريق.

‏قد جَهّزُوكَ لأمْرٍ لو فَطِنتَ له

‏فاربأ بنفسك أنْ تحيا مع الهَمَلِ

‏فالترفيه سلاح ذو حدين قد يستخدم فيما حرم الله فيكون ذا نتائج وخيمة على المجتمع ، وقد يستعمل فيما أباحه الله فيعود عليه بالسعادة والاطمئنان النفسي.

‏ولاريب أن الممانعة المجتمعية لها دور كبير في صرف هذه المحرمات. والرفض لها يعد من الأعمال الحسنة المتعدية.

‏وقد يوظَف الترفيه في توعية المجتمع وتثقيف أفراده الّذِين يلامس الترفيهُ عقولَهم، فيتحقق بهذا دمجٌ بين الترفيه والتثقيف وهو المطلوب والمراد.

‏ومن الخطأ: عرض وسائل الترفيه في وقتٍ تعيش الأمةُ جراحها، وتكابد الصراعات مع أعدائها، والنار تضرم من جوانبها.

‏إذ يجدر بمن يقف وينادي بضرورة توفير صالات السينما وإقامة الحفلات الغنائية أن يقف داعيًا متضرعا لله تعالى بنصر الأمة، وأن ينادي بتكاتف الجهود ونبذ الترهات والملهيات.

‏ولا أعني تركَ الترفيه تمامًا، ولكن، وضعَه في إطارٍ يخدم وحدتنا ولا يفرقنا، فيجعلنا كاليد الواحدة أمام هذا الخطر العظيم.

‏(يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)

‏(وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) .

‏كتبه/ سامي بن محمد الهرفي

‏⁦‪@S_alharfi‬⁩