تكلمنا عن يوسف عليه السلام أنه بعد أن نجاه الرب عز وجل واصطلح مع إخوانه جاء بهم الأحد عشر أخ مع أبيه يعقوب عليه السلام جاء بهم من فلسطين من بادية فلسطين إلى مصر وعاش معهم في مصر وظل سنوات طويلة ودهورا عديدة يعيش أبناء يعقوب في هذه البلاد ويعقوب عليه السلام يُسمى إسرائيل وأبنائه يُسَمَّوْنَ بنو إسرائيل عاشوا في مصرا ولم يكونوا من أهلها ظلوا دهورا طويلة وكانوا عزيزين في مصر بسبب أن يوسف عليه السلام حكم في مصر فصار إخوانه عزيزون في مصر وكان أهل مصر الأصليون القِبْطْ وما جاء بعدهم مِمَّنْ سُموا بالفراعنة صارت بينهم حروب وبين بني إسرائيل فإنهم قد حسدوا بني إسرائيل وهم الإثنا عشر إبنا ليعقوب عليه السلام وما جاء من ذرياتهم حسدهم القبط وإذا بهم تصير بينهم وبين بني إسرائيل حروب ومعارك وظلت هذه المعارك حتى غلب الفراعنة على بني إسرائيل ماذا فعلوا بهم فإذا بهم يقتِّلونهم ويسفكون دمائهم وكل حاكم في مصر في ذلك الزمان كان يُسمى فرعون كما أن كل حاكم في الحبشة يُسمى النجاشي وكل حاكم في الفرس يُسمى كِسرا وكل حاكم للروم يُسمى قيصر هذا لقب على كل أو لكل حاكم وفعلا هذا الذي حصل

الفراعنة في مصر تستعبد بني إسرائيل أبناء من أبناء يعقوب عليه السلام الذين جعل الله عز وجل فيهم النبوة الفراعنة تستعبدهم حتى جاء فرعون شديد الظلم شديد القهر شديد البطش سماه الله عز وجل بالقرءان { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ } كان فرعون يستضعف بني إسرائيل فجعل منهم عبيدا وجعل منهم خدما وجعل منهم مستضعفين في الأرض يُذ لُّهم فرعون هذا في ليلة من الليالي في ظل إستعباد بني إسرائيل رأى في منامه رؤية أفزعته هذه الرؤية إستيقظ من نومه فزعا ماذا رأى فرعون في منامه رأى في منامه أن نارا تخرج من بيت المقدس نار عظيمة تخرج من بيت المقدس تأتي إلى أين تأتي هذه النار إلى مصر تخيلوا هذه الرؤية مخيفة الرؤية مفزعة وكان يراها كما يرى فلق الصبح نارا تخرج من بيت المقدس وتأتي هذه النار وتزحف حتى تصل إلى مصر إذا وصلت إلى مصر أحرقت كل بيوت الفراعنة والقبط وتركت الإسرائليين بنو إسرائيل على حالهم النار أهلكت من قوم فرعون أهل فرعون القبط لكنها لم تمس الإسرائليين بسوء فقام من نومه فزعا ثم ذهب إلى الكهان إلى العرافين وجمعهم في مجلسه وقص عليهم الرؤية

التي أفزعت من رؤيا تُفزع هذا الرجل الظالم الذي يبطش بالناس بل الذي كان يقول للناس أنا ربكم الأعلى رجل يقول للناس أنا ربكم الأعلى وتفزعه رؤية سبحان الله مالذي يُفزع هذا الرجل الضعيف الذي زعم أنه ربهم الذي كان يقول لأهل مصر هذه الأنهار تجري من تحتي وكان يقول لهم أليس لي ملك مصر وكان يدعي الرُبُوبية ما إدعاها أحد قبله فرعون أفزعته الرؤية فجمع الكُهان والعرافين والسحرة ومُفسري الرُأى جمعهم في مكان واحد وقص عليهم الرؤيا فأجمعوا على أن هناك صبي سيولد من بني إسرائيل سيولد غلام وهذا الغلام ما معنى بني إسرائيل وليس بني إسرائيل لأنه رأى النار من بيت المقدس فعلم الكُهان أنه خارج من بيت المقدس أين من بني إسرائيل من فلسطين وهذا الغلام الذي خرج من فلسطين وخرج من بني إسرائيل وخرج من صلب يعقوب عليه السلامهذا الغلام سيكون هلاكك يا فرعون على يديه سيكون هلاكك يا فرعون على يدي هذا الغلام ماذا أفعل غُلام سيهلكني ليس هذا فقط بل هذا الغلام سوف يتنعم بنعيمك يا فرعون وسوف يتربى بِعِزِّكَ يا فرعون ثم يكون هلاكك على يديه ماذا أفعل ماذا أصنع جمع المستشارين جمع الوزراء جمع الحاشية يسألهم ماذا أفعل ماذا أصنع فإذا به يصل إلى قرار ماهو القرار قال أُقَتِّلُ كل أطفال بني إسرائيل كل الغلمان الذكور سوف أقتلهم سوف أذبحهم

وفعلا أرسل جنوده في الأرض كلما رأوا غلاما من بني إسرائيل ذبحوه { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } ترك النساء وذبح الأولاد فجاءه وزرائه قالوا له يا فرعون إن ذبحت كل الأولاد من يخدمنا من نستعبد من نستخدم سوف يفنى بنو إسرائيل فتوصل لِقرار يذبحهم سنة ويتركهم سنة فكان في السنة التي يترك فيها الأطفال وُلِد غلام إسمه هارون سيكون نبيا وفي السنة التي يقتل فيها الأطفال حملت أم موسى بموسى عليه السلام وسوف تلده في تلك السنة التي يذبح فرعون فيها الغلمان من بني إسرائيل أم موسى لما ولدت موسى عليه السلام وخافت أن يأتي إليه جنود فرعون فيقتلوه أوحى الله عز وجل إليها إلى أم موسى إن إصنعي صندوقا صغيرا من خشب وضعي فيه هذا الغلام الرضيع فإذا خفت عليه فادفعيه في " الْيَمْ "قيل هو نهر النيل إدفعيه في هذا الماء وتوكل على الله عز وجل وإذا بأم موسى تضع الغلام { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي}هذا الغلام في هذا الصندوق في الماء الذي يجري سيرجع إليك يوم من الأيام بل سيكون رسولا من الرسل { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } يجري الغلام في هذا الماء بأمر الله عز وجل فإذا به يصل إلى أي مكان الماء يجري والطفل في هذا الصندوق الخشبي الصغير إلى أين سيذهب بأمر الله عز وجل وصل إلى قصر فرعون بنفسه

وجده من الجواري أخذنا هذا الصندوق وفتحناه ووجدنا فيه غُلاما صغيرا رضيعا أخذناه إلى قصر فرعون عَلِمَ فرعون أنه من بني إسرائيل قال أقتلوه فتدخلت من زوجة فرعون وكانت طيبة القلب وإذا بها تقول له { لاَ تَقْتُلُوهُ } قال لها فرعون ولِمَا لا نقتله قالت قرة عين لي ولك قال لا بل لك أنت فقط { وَقَالَتْ إمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } لا يعلم فرعون وجنوده من الذي أُرْسِلَ إليهم إنه الذي يبحث عنه فرعون إنه الذي من أجله قتل أطفال القوم إنه الذي من أجله سفك الدماء أرسله الرب عز وجل ليعيش في قصرك يا فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين لم يشعروا بمن أرسل الله عز وجل إليهم عاش موسى عليه السلام في قصر فرعون بأمر الله عز وجل

أصاب أم موسى عليه السلام الهم والغم كيف ألقت برضيعها في اليم كيف تركته هكذا كادت أن تخرج بين الناس وتكشف الأمر كله وتخبر الناس بأن رضيعها ذلك الصبي رمته في اليم تبحث عنه كادت أن تكشف الأمر كله لولا أن الله عز وجل ثبت أم موسى { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاَ أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا } من ثبتها إنه الله عز وجل قالت لأخت موسى إبنتها الكبيرة قالت لها يافلانة إذهبي فابحثي عن موسى لعلك تجديه في مكان ما ما تدري أم موسى أن الله عز وجل أرسله باليَمِّ إلى قصر فرعون نفسه لم تكن تعلم أم موسى فخرجت أخت موسى تبحث عن أخيها يمنة ويسرة تبحث عنه لعلها تجده في مكان ما تسأل وتبحث وتقص أثره فإذا بها تجده أين تجده في قصر فرعون نفسه مالذي حدث تجمع الناس حول موسى عليه السلام ذلك الرضيع كل إمرأة تريد أن تُرضعه لكنه لا يقبل الرضاعة من أي إمرأة فإذا بقصر فرعون يُنادي مناديهم في الاسواق أن من أرادت أن ترضع طفلا في قصر فرعون فلتتقدم فإن لها مالا كثيرا وفيرا وتقدم المُرْضِعَات إلى قصر فرعون كل منهن تريد أن تُرضِع ذلك الرضيع موسى عليه السلام الذي حفظه الرب عز وجل

{ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِيعَ } كلما تقدمت إليه إمرأة لِترضعه فإذا بموسى عليه السلام يلتفت لا يقبل من ثدي هذه ولا يقبل من ثدي هذه ولا يقبل من هذا الثدي حتى حرم الله عز وجل عليه كل المراضيع لم يقبل أن يرضع من أي إمرأة كاد أن يموت هذا الغلام كاد أن يهلك هذا الصبي ماذا ستفعل الأن زوجة فرعون وبين يديها صبي سيهلك سيموت جوعا لم يقبل أن يرضع من أحد هنا دخلت من أخت موسى عليه السلام فقالت لكل من في القصر هل أدلكم على أهل بيت يرضعون هذا الطفل وهم له آمنون ناصحون مخلصون { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } قال قوم فرعون وقالت زوجته إإتنا بمن يُرضع هذا الغلام مهما كان فإننا سنُعطيه المال الوفير فإذا بأخت موسى تذهب مُسرعة إلى أم موسى قالت يا أماه أسرعي فإن أخي وجدته في قصر فرعون ولم يقبل أن يرضع من أي إمرأة كانت فاذهبي إلى القصر ربما يرضع منك يا أماه دخلت أم موسى على القصر وقد تجمعت الراضعات يُرِدْنَ إرضاعه ولم يقبل موسى الرضيع فلما دخلت أم موسى ورأت إبنها كادت أن تكشف الأمر إبنها الذي ظنت أنه قد مات أنه قد غرق نظرت إليه أمه كادت أن تبدي الأمر لكن الله عز وجل ثبتها حُمِل الرضيع إلى هذه المرأة وما ظن أحد أنه سيرضع منها فلما إقترب الرضيع من ثديها إذا به يرضع رضاعا كاملا من إنها أمه إنها أم موسى عليه السلام

{ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أرجع الله الرضيع لأمه وَعْداً عليه نفذه الرب عز وجل وأوفى الله عز وجل بوعده لأم موسى موسى عليه السلام يتربى في قصر فرعون منذ ولادته إلى أن صار شابا قوي الجسم والبُنية العجيب أن موسى نبي الله ذلك الذي مُلِئ قلبه بالإيمان يتربى في قصر ملئ بالكفر والجحود والنكران قصر مُظلم بالشرك يتربى منه وفيه موسى عليه السلام سبحان الذي يُخرج الحي من الميت لما كَبِرَ موسى عليه السلام واستوى واشتد عوده وصار قوي الجسم والبنية أعطاه الله عز وجل حُكما وعِلما { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } فهو من بني إسرائيل صحيح أنه تربى في قصر فرعون لكن الكل يعلم أنه من بني إسرائيل أمه لم تنقطع عنه أبدا ظلت معه تُرضعه وتُربِيهِ وتحضنه طِوال فترة صغره موسى عليه السلام الذي تربى في قصر فرعون الكل يعلم أنه من بني إسرائيل لكن له قدر ومكانة عند قوم فرعون لما كَبِرَ موسى عليه السلام وأعطاه الله عز وجل الحُكم والعلم فهو على دين أبيه يعقوب عليه السلام لما كبر خرج يوما من الأيام في وقت الظهيرة والناس قاعدون في بيوتهم خرج ودخل إلى المدينة دخل موسى عليه السلام فوجد رجلا يتقاتل مع رجل أخر الذي يضرب من قوم فرعون قبطي من قوم فرعون يضرب رجلا من بني إسرائيل وكان ضعيفا فأخذ هذا الرجل الضعيف يستغيث أيها الناس أنقذوني أيها الناس أنجدوني ولا أحد في المدينة فإذا بموسى عليه السلام يسرع إلى هذا الصوت وموسى عنده أنصر أخاك ظالما أو مظلوما إذا رأى مظلوما فإنه ينصره فإذا به يذهب إليه يراه يُضرب ويُعذب وذاك الرجل القبطي يريد قتله { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ } شيعته يعني من بني إسرائيل من قوم موسى عليه السلام

وكان يستغيث بموسى عليه السلام { هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } ناداه يا موسى أدركني وكان موسى قوي الجسم والبنية كان عليه الصلاة والسلام رجلا قويا شابا جلدا عليه الصلاة والسلام فأسرع موسى إلى هذا الإسرائيلي يريد أن يُنقذه فإذا بموسى عليه السلام أقبل إليه مافعل شيئا ضربه بقبضة يده ضربة واحدة فقط ضربة واحدة فإذا بالرجل يسقط على الأرض نظر إليه موسى يُوقظه موسى الإسرائيلي مُتعجب خائف مالذي حدث يحركه موسى فإذا القبطي مات من ضربة واحدة { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } فلما رأه موسى عليه السلام ميتا قتيلا بخطأ إرتكبه موسى عليه السلام لم يقصد هذا الخطأ لم يقصد قتله لكنه ضربه لِيُبعده عن الرجل الضعيف المسكين فمات من ضربة واحدة قال

{ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ } وتُرِك هذا الرجل صريعا على الأرض أما الإسرائيلي فهرب وأما موسى عليه السلام فجلس لِوحده يستغفر الرب عز وجل { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم } وإذا بالناس يتناقلون الخبر رجل مقتول في هذا المكان جاء الجيش جاء الجند جاءت العساكر رجال الأمن وصلوا ما الخبر مالذي حدث جريمة قتل تجمع الناس جاء الحرس فإذا بهم يرون المُصيبة الكبرى من المقتول رجل من قوم فرعون رجل من القبط من الناس الذين هم في الطبقة العليا لأول مرة يُقتل رجل من قوم فرعون يقتل من بني إسرائيل عادي كل يوم يُذبحون أصلا لا أطفال لا نساء لا شيوخ لا صغار يُقتلون قتلا لكن رجل من قوم فرعون صعب جريمة فإذا بفرعون يصدر الأوامر إبحثوا عن القاتل يبحثون في كل مكان عن قاتل هذ الرجل رجل يتجرأ فيقتل قبطيا من قوم فرعون من هذا ياويله وانتشر الخبر بين الناس وموسى عليه السلام كان خائفا ماذا يصنع لم يكن يقصد أن يقتل هذا الرجل إن أخبرهم ذبحوه وقتلوه { فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ } موسى عليه السلام لما أصبح الصباح خرج خائفا يترقب ينظر يمنة ويسرة رُبما يُقبض عليه الآن ربما علم به أحد من كان يعلم به فقط هذا الرجل الإسرائيلي من بني إسرائيل الذي دافع عنه موسى عليه السلام هذا الوحيد الذي يعلم وموسى عليه السلام يتجول في المدينة خائف ربما كُشف أمره

{ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ } نفس الرجل من بني إسرائيل كانت له مشكلة ثانية عمل مُشكلة أخرى يتصارع مع رجل آخر أيضا من قوم فرعون من القبط من قبيلة فرعون وإذا بموسى عليه السلام ينظر إليه يستصرخ موسى ينادي موسى لأن موسى بالأمس أنجده فاليوم سيُنجدني ينادي يا موسى أدركني ياموسى أدركني فلما وصل إليه موسى والناس الآن ينظرون لم يكن الوقت خاليا من الناس الناس موجودة وقت الصباح ذهب إليه موسى فقال له وهو يُضرب من قبل القبطي قال موسى عليه السلام { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ } أنت رجل ظالم كل يوم تصنع لك مُشكلة أنت رجل فيك شيء إنك لَغَوي مُبِين نصحه موسى عليه السلام على فعله وعلى صنعه ثم تقدم موسى قوي الجسد قوي البنية والناس ينظرون أراد موسى أن ينقذه في المرة الثانية لأنه كان مظلوما لكن الرجل من بني إسرائيل ظن أمرا آخر ظن أن موسى سيأتي إليه فيضربه هو ما علم أن موسى لا يمكن أن يظلم إنسانا كان لا يمكن أن يقتص للظالم من المظلوم بل يقتص للمظلوم من الظالم فإذا بموسى عليه السلام يتقدم إليهما

وإذا بالرجل من بني إسرائيل خاف أن يأتي إليه موسى فيضربه فإذا به يصرخ فيقول الرجل فيقول يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إلتفت موسى يمنة ويسرة ماذا سمع الناس الخبر موسى الذي قتل الرجل نعم موسى هو الذي قتل رجلا بالأمس والأن يريد أن يقتلني موسى ما كان يريد أن يقتله إنفضح الأمر هرب موسى عليه السلام أخذت الجند تبحث عنه فجاءه رجل فقال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك لِيقتلوك { إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}وفعلا { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ } هرب موسى عليه السلام من مصرا متوجها إلى "مَدْيَنَ "هل قبض عليه جند فرعون مالذي حصل مالذي رأى في "مَدْيَنَ "وما قصة الفتاتين ومالذي رآه عندهما وماذا حصل وهو عائد إلى مصر 
.......................................................................
في الحلقة الماضية تكلمنا عن موسى عليه السلام وكيف خرج هاربا من مصر بعد أن قتل نفسا بالخطأ وبحث عنه جنود فرعون فلم يجدوه وأرادوا قتله فخرج منها هاربا يترقب قال ربي نجيني من القوم الظالمين مشى من مصر متوجها إلى الشام متوجها إلى مدينة تُسمى " مَدْيَنْ"وكان في الطريق جائعا عَطِشاً لم يجد ماء يشربه ولا طعاما يأكله أهلكه الجوع والعطش وكان حافي القدمين وصل من مصر إلى مَدْيَنَ ماشِياً على قدميه فوجد من بعيد بئرا فيه ماء الناس حوله يسقون عندهم من الإبل من الغنم من الأنعام يسقون في هذا الماء فأسرع موسى عليه السلام إلى هذا الماء إلى هذا البئر { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } وجد عند هذا الماء
أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم" إمرأتان تَدُودَانْ "فتاتان بعيدتان عن الناس تَدُودَانِ غنمهما وما ترعونه من أنعام ومن إبل وغنم بعيدا عن غنم الناس وبعيدا عن إبل الناس الفتاتان بعيدتان موسى عليه السلام إستغرب مالذي يحدث وجد الفتاتين فسألهما ما خطبكما فقالتا بكل أدب بكل حياء قالتا { لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء }لن نختلط مع الرجال لن نُزاحِم الرجال لن نسقي حتى يَصْدُرَ ويبتعد كل الرجال من هذا المكان طيب أليس لكما أخ أب يسقي لكما فردت البِنتان { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } لم يكلمهما موسى عليه السلام نظر لِحاجتهما بل سقا لهما الماء ولم يتحدث معهما ثم تولى إلى ضِلٍّ وأخذ يدعوا الله عز وجل { رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير }
ذهبت الفتاتان باكرا هذه المرة بعد أن سقى لهما موسى عليه السلام ذهبتا إلى والدهما الشيخ الكبير وحدثتاه بما حصل فإذا بالشيخ الكبير الرجل الصالح في مَدْيَنَ يقول لإبنتيه نَادِيَا هذا الرجل أريد أن أتكلم معه فإذا بموسى يدعو الله جل وعلا فجأة وجد إحدى الفتاتين تمشي بكل حياء بكل أدب { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ }ماذا تريد { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } هنا بدأ الفرج هنا بدأت إستحابة الدعوة أبي يريدك يريد أن يجزيك على ما فعلته لنا فعلت شيئا لا يفعله أحد من الناس اليوم إنه الأدب إنها الأخلاق إنها المروؤة إنها الشهامة ما إستغل وضع الفتاتين ليتحدث معهما بل قدَّمَ الخدمة ومضى عنهما
مشت الفتاة بكل حياء موسى أمامها تَدّلُّهُ بالطريق بالحصى عن يمينه أو عن شماله فلما وصل إلى الشيخ الكبير قال له الشيخ الكبير الرجل الصالح ما قصتك أخبره عن قصته لِما خرج من مصر وماذا كان يفعل فرعون فيهم وماذا فعل فرعون في بني إسرائيل وكيف قتَّل الأولاد وَاسْتَعْبَّدَ الناس وخرجت منهم هاربا بعد أنت قتلت نفسا بالخطأ فقال له الشيخ الكبير نحن في مكان لن يصل إليه فرعون ولا جنوده قال { قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } جاءت واحدة من الفتاتين إلى أبيها فقالت يأبي نحن فتيات لا نستطيع أن نعمل عمل الرجال أو نُزاحم الرجال لِما لا تستأجر هذا الرجل فإنه رجل قوي ورجل أمين يا أبت إستأجره إن خير من إستأجرت القوي الأمين بدأ الفرج شيئا فشيئا لِموسى عليه السلام جاءه الشيخ الكبير قال يا موسى أريد أن أعرض عليك عرضا قال ما هو قال عندي فتاتان إختر من تريد فتزوجها إختر أي واحدة تريدها قال والمهر ما عندي شيء
قال إعمل عندي ثماني سنين فإن أكرمتني إعمل لدي عشر سنين أي الأجل قضيت { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ } وافق موسى عليه السلام وتزوج إحدى الفتاتين وعاش في" مَدْيَن "ليست فقط ثماني سنين بل عشر سنين كرما من موسى عليه السلام أكرمه الرب عز وجل بأن تزوج وعاش حياة سعيدة بعيدا عن فرعون وظلمه
فلما قضى موسى عليه السلام عشر سنين في مَدْيَنْ ورزقه الله عز وجل زوجة وأولادا وخيرات كثيرة حَنَّ إلى موطن رأسه إلى بلده التي وُلِد فيها إلى مصر فأخذ زوجته وأولاده ورجع إلى مصر وفي الطريق في صحراء سيناء أضاع موسى عليه السلام الطريق في ليلة باردة ليلة مُظلمة يسير موسى عليه السلام مع زوجته وأولاده وقد أضاع الطريق وخاف على أهله في هذه الليلة الباردة ربما يُهلكون من شدة البرد ربما يأتي ما يفترسهم ربما يحصل ما يحصل ليلة باردة كل ما مشى موسى عليه السلام رجع إلى نفس المكان
خاف على أهله ربما يقتلهم البرد ربما يحصل لهم ما يحصل فجأة رأى موسى عليه السلام من بعيد نارا فأنِسَ بها موسى عليه السلام فرح بهذه النار قال لأهله أمْكُثُوا إجلسوا في هذا المكان لا تتحركوا سوف أذهب إلى النار ربما أجد عندها أحدا يُخبرني عن الطريق وربما آتيكم بشيء من النار تتدفأون بها {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } مشى موسى عليه السلام وكان أسمر الجلد يمشي على عصى يتكأ عليها يلبس نِعْلَيْنِ يخط برجله الأرض حتى وضل بالقرب من هذه النار عند الجبل في ذلك الوادي
وجد نارا موسى عليه السلام لوحده الآن حتى وصل بالقرب من هذه النار في ذلك الوادي في الليلة المظلمة شديدة البرودة عند جبل إسمه" الطُّورْ"في واد سحيق هذه النار كانت قرب شجرة خضراء إستغرب موسى عليه السلام ليس عند النار أحد والمكان مُظلم والليلة باردة والنار لِوحدها تشتعل يقترب موسى عليه السلام يخط نِعليه على الارض ويمشي وبيده العصا فجأة سمع موسى صوتا يُناديه أي صوت هذا { يَامُوسَى } يلتفت يمنة ويسرة من يُناديني الصوت لا كغيره من الأصوات فهو صوت ليس كمثله شيء{ يَا مُوسَى } من{ يامُوسَى } من عرف إسمي من يُناديني في هذا المكان المُظلم ما هذا الصوت العجيب الغريب الذي يُنادي موسى عليه السلام فإذا به يُجيب موسى { إِنِّي أَنَا اللهُ } الله أكبر إنه الله عز وجل يكلم موسى { وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا }
كلم الله موسى لأول مرة من يُناديني { إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} مباشرة سمع موسى كلام ربه عز وجل { وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى } ولهذا يُسمى موسى كَلِيمُ الله سمع الله عز وجل يُناديه يقول له { يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } موسى في البداية كان خائفا أما الآن أنِسَ بهذا الصوت { إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ } خلع موسى نعليه من الذي يكلمه إنه الله عز وجل { إِنِّي أَنَا رَبُّكَ } الله جل وعلا يكلمه فاستمع لِما يوحى أخترتك ياموسى إسمع لوحي { إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا } أمره بالأوامر ثم قال له يا موسى ما تلك بيمينك الآن موسى يريد أن يكلم ربه إستأنس بهذا المكان المظلم قال ما تلك بيمينك كانت الإجابة يُفترض هي عصاي
لكن موسى إسترسل أنِسَ بكلامه مع ربه { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} يسترسل موسى بالحديث ألقيها ياموسى عصاي ألقيها على الارض نعم ألقها يا موسى { قَالَ هِيَ عَصَايَ } زاد موسى { أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} قال الله عز وجل لموسى ألقي هذه العصا عصا لِما ألقيها ألقاها موسى عليه السلام فإذا بالعصا تهتز الله أكبر تهتز كثعبان عظيم كأنها جَانْ ففر موسى خوفا من هذه العصا لما تحولت إليه ثعبان عظيم { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ } لم يلتفت هرب موسى عليه السلام ناداه الرب عز وجل يا موسى يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين
لا تخف يا موسى هذه آيات من آيات خذها بيدك خذها بيمنيك ماذا أخذ ثعبانا عظيما إقترب موسى إقترب إلى الثعبان فلما وضع يده عليها تحولت إلى عصا يالله أي مُعجزة هذه إذا رماها ثعبان عظيم إذا أخذها عصا هذه الآية الأولى يا موسى أما الثانية ضع يدك في جيبك تحت يدك ثم أخرجها تتحول إلى بيضاء نور يتلألأ أرجعها مرة ثانية عادت كما كانت إذا وضعها رجعت بيضاء { آيَةً أخْرَى لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى } ما المطلوب أنت مبعوث إلى من { إذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى } في هذاالوادي العظيم وعند تلك النار المشتعلة بالقرب من جبل الطور لأول مرة موسى يكلم ربه عز وجل وفي هذه الليلة المُظلمة الباردة وعند تلك النار بدأت بعثة موسى عليه السلام ليذهب إلى فرعون لِيُبلغه دين الله جل وعلا ويدعوه إلى التوحيد وإلى عبادة الله موسى ينطلق إلى فرعون
أمر الله عز وجل موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون يدعوه إلى الله جل وعلا فتذكر موسى عليه السلام أنه قد قتل نفسا منذ زمن قديم وأن فرعون بنفسه يبحث عنه لقتله فكيف أذهب إلى فرعون بنفسي إذا قتلني كيف أدعوا إلى الله جل وعلا ثم تذكر ما حدث للسانه وهو صغير فطلب من ربه أن يُرسل معه أخاه هارون نبيا معه لأنه أفصح لِسَاناً منه فاستجاب الله عز وجل لموسى طلبه قال الله عز وجل وهو يحكي عن موسى عليه السلام { قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ } الذنب الأول المشكلة الثانية { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي }
إجعله وزيرا لي يا رب رِدْءاً يصدقني أشْدُدْ بِهِ أزْرِي وَأشْرِكْهُ فِي أمْرِي فقال الله عز وجل لموسى { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى } حصلت على ما تريد يا موسى فرجع موسى عليه السلام إلى مصرا فذهب إلى أهله هناك كلم أخاه هارون عليه السلام أن الله عز وجل قد جعلك معي نبيا وزيرا تُؤيِّدُنِي قال وماذا طلب الله عز وجل مِنَّا قال أن نذهب مباشرة إلى قصر فرعون فندخل عليه فندعوه إلى الله جل وعلا لما وصل موسى وبيده العصا معه أخاه هارون إلى قصر فرعون وفي الخارج أوقفهم الحراس أوقفه الحاجب قال ماذا تريد قال أريد الدخول على فرعون قال ومن أنت حتى تدخل على فرعون قال قل له موسى إبن عمران فذهب الحاجب الحارس إلى فرعون دخل عليه فقال هناك من يطلب الدخول عليك
قال من هو قال إسمه موسى قال من أي موسى قال موسى إبن عمران قال موسى إبن عمران بنفسه جاء إلي وأنا كنت أبحث عنه منذ زمن قال نعم هو في الخارج ينتظرك قال فرعون فأدخلوه علي فدخل موسى عليه السلام وبيده العصا ومعه أخوه هارون يمشي على عصاه يتكأ على عصاه دخل إلى فرعون في قصره دخل موسى عليه السلام ليبلغ رسالة ربه جل وعلا ويدعوا فرعون إلى الله جل وعلا
لما دخل موسى عليه السلام مع هارون إلى قصر فرعون وجد عند فرعون وحوله الملأ وجد المقربين لفرعون الوزراء الحاشية أصحاب فرعون إجتمعوا حوله لما دخل موسى وعرفه فرعون قال مالذي جاء بك ياموسى قال موسى عليه السلام يخاطب فرعون يدعوه إلى الله عز وجل بكل لِينْ قال { هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } إستغرب فرعون أنت يا موسى الذي ربيناك عندنا في هذا القصر في هذا المكان جئتنا وليداً وجدناك أطعمناك وربيناك حتى صرت رجلا وغبت عنا عشر سنين وفعلت فعلتك بعد أن قتلت نفسا وهربت منا ثم رجعت لتأتينا بدين جديد
ماذا تقول يا موسى { ألم نربيك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت }يذكره لما قتل رجلا خطأ { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } موسى عليه السلام لم يُنكر أنه قتل نفسا خطأ قال فعلتها إذن وأنا من الظالين فررت ثم رجعت أذكركم بالله عز وجل وأدعوكم إلى عبادة رب العالمين الآن بدأ فرعون يستهزئ بموسى عليه السلام يستهزئ به أمام الملأ أمام الناس الذين من حوله قال له وقد سأله سؤالا ظن أن موسى لم يُجيب عليه قال فرعون { وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ } فإذا بموسى عليه السلام يقول بكل جرأة { قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } يريد موسى أن يسمع فرعون ويسمع كل الذين من حوله دعوته إلى التوحيد { قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ} هذا الذي يزعم أنه رب وأنه هو الله كاذب أنا أدعوكم إلى عبادة من خلق السماوات وخلق الارض وما بينهما إن كنتم موقنين
فإذا بفرعون يستشيط غضبا ويقوم من مكانه من كرسيه وينادي الذين من حوله يقول لهم ألا تستمعون ألا تسمعون إلى هذا الهراء الذي يتفوه به موسى فإذا بموسى عليه السلام يرد بكل ثقة{ قَالَ رَبُّكُمْ }يلتفت إلى من حوله { قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ} إن كان فرعون ربا فمن خلق أباؤه ومن خلقكم ومن خلق أبائكم إنه الله جل وعلا قال ربكم ورب أبائكم الأولين فإذا بفرعون يبدأ الآن يُغلظ الحديث{ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ } أنظروا إلى هذا الرجل أنظروا إلى الذي بُعث إليكم إنه مجنون { قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } لم يُبالي موسى عليه السلام وإستغل الفرصة بأكملها أنا مجنون يا فرعون أنا مجنون إلى الذي يدعوكم إلى الله جل وعلا { قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } للنظر من صاحب العقل أنا أم أنت أم الذين من حولك يا فرعون هو رب المشرق هو رب المغرب هو رب ما بينهما إن كنتم تعقلون
ما ندري من الذي يعقل ومن الذي هو مجنون فإذا بفرعون الآن يستشيط غضبا ويقول لمن حوله ما علمت لكم من إله غيري يا موسى لئن لم تسكت عن هذه الدعوة وعن هذا الكلام لأجعلنك من المسجونين { قاَلَ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } أين الحوار يا فرعون أين العقل الذي عندك يا فرعون تجادل موسى تناقش موسى عندك الحجة عندك البرهان لما لجأت إلى السجن دائما حجة الضعفاء الذين لا يملكون أي حجة أصحاب الدعوة الواهية حجتهم ودليلهم السجن إذا لم يستجيب الناس لكلامي وإذا لم تقف يا موسى عن دعوتك فإن السجن ينتظرك مسكين فرعون وأمثال فرعون ما دَرَوْا أنَّ مُوسَى لا يُبالي بالسجن بل موسى عليه السلام لا يبالي لا بقتل ولا بتعذيب ولا بسجن { قاَلَ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} وإذا بموسى عليه السلام يرد عليه يريد أن يقلب الحديث في صالحه
قال موسى الذكي العاقل النبيه هو من أولوا العزم من الرسل كليم الله قال يا فرعون أو لجئتك بشيء مبين قبل أن تدخلني السجن قبل أن تمنعني أتحدث إلى الناس وأبلغهم دين الله جل وعلا قبل أن تفعل أي شيء دعني آتك بأية بينة أوَ لو جئتك بشيء مبين قال والمبين عندك يا موسى أنت لا تعرف حتى الحديث لا تكاد تُبِينُ ما عندك يا موسى فإذا بموسى عليه السلام يرفع عصاه والناس يشهدون في قصر فرعون فيرمي موسى عليه السلام العصا فإذا هي ثعبان مبين فقام الناس من مقامهم وإذا بهذا يقوم وهذا يقوم وهذا يتحرك كل منهم يقوم خاف من عصا موسى عليه السلام { فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ }ثم رفع موسى يده بعد أن أدخله في جيبه فإذا هي بيضاء نور يتلألأ فانبهر كل الحضور
هنا أُسْقِطَ فرعون في يديه هنا لم يعرف فرعون ماذا يفعل وماذا يصنع تُرى ماذا صنع فرعون بعد هذا ماذا فعل ماذا قال ماذا تصرف فرعون هل إنهزم أم أنه تحدى موسى عليه السلام لمعركة وجولة أخرى مالذي حدث بين موسى وفرعون ؟

دخل موسى عليه السلام وهارون إلى قصر فرعون يُجالده يُذكره بالله عز وجل لكن فرعون أبى لم يستطع أن يُواجه موسى عليه السلام فهدده بالسجن فإذا بموسى عليه السلام يُخرج له آيتين بينتين اما الأولى فالعصا التي رماها موسى عليه السلام فانقلبت ثعبانا وخاف الناس أما الآية الثانية فيده التي أخرجها فصارت بيضاء نور يتلألأ والناس ينظرون هنا فرعون خاف أن يفتن موسى الناس وأن يصدقه الناس فقال للناس أن هذا الذي جاء به موسى سحر والسحر معروف لدينا وإننا سوف نأتي له بساحر مثله وأكبر منه يغلب هذا السحر { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ ولاَ أَنتَ مَكَانًا سُوًى } هنا إستغل موسى عليه السلام الفرصة تريد موعدا يا فرعون تريد مكانا وزمانا لنتحدى نحن الإثنين هل أنا على حق أم أنت والسحرة على حق
هذه فرصة موسى عليه السلام ماذا تريد يا موسى إختر اليوم واختر المكان والزمان فإذا بموسى يختار يوم العيد يوم الزينة وليس أي وقت وقت الضحى الذي يتجمع فيه كل الناس الرجال والنساء الصغار والكبار { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُّحْشَرَ النَّاسُ } شرْطِي أن يُحشر الناس جميعا { وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى } وقت الضحى لما تَسْطَعِ الشمس والناس كلهم ينظرون حتى لا يخفى على أحد من الناس شيء من المعركة وفعلا جاء ذلك اليوم وجمع فرعون السحرة قال إئتوني بكل ساحر عليم إئتوني بأفضل ساحر في مصر أفضل السحرة وجيء لفرعون بكل السحرة كبار السحرة قيل بلغوا الألاف من السحرة إجتمعوا عند فرعون فقالوا له هل لنا أجرا إن كنا نحن الغالبين { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} سوف تكونون من المقربين عندي من الخواص وإذا بفرعون يجمع الناس ويحشر أهل مصرا من الفراعنة ويحشر بني إسرائيل كل الناس من قوم فرعون وبني إسرائيل تجمع الناس ينتظرون تلك المعركة وذلك التحدي
خرجت المرأة مع أطفالها كبار السن الشيوخ الصغار النساء الرجال الكل خرج في ذلك اليوم ليشهد تلك المعركة الفاصلة هل رب هارون وموسى على حق أم فرعون على حق وتجمع الناس وألآف السحرة الآن أمام موسى ليس بيده إلى العصا نصحهم موسى عليه السلام نصيحة قال لهم في البداية { وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى } لما سمعوا هذه الكلمات علموا أنها ليست كلمات إنسان عادي ليست كلمات إنسان ساحر كما وصف لهم فرعون تنازعوا أمرهم بينهم إختلف الناس إختلف السحرة ما هذا الكلام كلام غريب كلام عجيب ربما ينزل علينا عذاب كما يقول هذا الرجل يعضهم قال لا نتحداه وبعضهم قال بل نتحداه { فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى } بعضهم ثبَّتَ البقية قالوا لا عليكم إن هذان لساحران يُريدان أن يُسَيْطِرا على هذه الارض ويُخرِجاكم من أرضكم إجمعوا أمركم ثم إئتوا صفا وقد أفلح اليوم من إستغل تواجه الفريقان فريق موسى مع الآخر فريق آخر ألاف السحرة بيدهم العصي فإذا بهم يقولون يا موسى من سيبدأ إما أن تلقي وإما أن نكون أول من يلقي من يبدأ بإلقاء العصا
قال لهم موسى بل ألقوا أنتم إبدأوا بالإلقاء فإذا بهم يقولون قبل أن يبدأوا وفرعون ينظر { بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ } يُقسِمُون بعزة فرعون لأنهم لا يؤمنون بالله { بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ } فرح فرعون فألقى السحرة العصي وإذا بكل عصاة تتحول ثعبانا عظيما وتسعى ألآف العصي تحولت إلى ألاف الثعابين والناس يتراجعون والناس يهربون وموسى عليه السلام ينظر إليهم يخاف موسى أن يتصدى الناس عن دعوته وإذا بهم ألقوا عِصِيَهُم فإذا بهم يأتون { وَجَاؤُاْ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } سحروا أعين الناس كما قال الله عز وجل { فسَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ }خاف الناس وفرح فرعون وفرح الملأ الذين حول فرعون فرح السحرة فإذا بموسى عليه السلام يوحي الرب عز وجل إليه { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } لما ألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان يَبْلَعُ كل ثعابينهم ثعبان عظيم لا يُعرَفُ كيف هذا الثعبان لم يُرى مثله قط وإذا به يلقف ما يأفكون { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } غُلِبَ السحرة لما رأو هذا المنظر علموا أنه من صُنْعِ الله عز وجل ليس من صُنْعِ البشر خَرَّ السحرة كلهم سُجَّداً لله عز وجل فرعون ينظر والناس ينظرون أي معركة هذه التي إنتهت بسجود السحرة لله عز وجل
غضب فرعون غضبا مما حصل السحرة الذين جاء بهم كلهم سجدوا لمن سألهم فرعون قال سجدتم لمن قالوا آمنا قال آمنتم بمن قالوا آمنا برب هارون وموسى إذا بفرعون يجمع السحرة الذين جاء بهم لِيُحاربوا دين الله عز وجل جاء بهم فرعون ألوف السحرة قال آمنتم بمن قالوا آمنا برب هارون وموسى ثم قال لهم لولا إسْتَأذَنْتُمُونِي لله قبل أن تؤمنوا به وهل ستأذن لهم يا فرعون لو إستأذنوك { قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } ثم إلتفت إلى من حوله وقال { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ } نشر بين الناس بعد أن هُزِم بعد أن فُضِح أن موسى كبير السحرة وأنه سيدهم وهوالذي علمهم السحر ولهذا سجدوا له ظن أن الناس سيصدقوا هذا الكلام الهُراءَ ظن أن بني إسرائيل لن تقتنع بهذه الآية البينة هُزِمَ فرعون ثم إذا به يهدد السحرة يقول لهم إذا لم تتراجعوا عن دينكم الجديد وعن إيمانكم برب هارون وموسى أعذبكم سوف أربط كل واحد على شجرة وفعلا ربطهم وقال سوف أقطع لكل واحد إحدى يديه وإحدى رجليه اليمين مع اليسار واليسار مع اليمين سوف أقطعه قطعا إما أن يتراجع عن هذا الذي فعل أو أعذبه
قال فرعون يهدد السحرة قال {لأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى } فإذا بالسحرة الذين كانوا يحاربون الله ورسوله أنظروا إلى ثباتهم قالوا لا ضَيْر إفعل ما تفعل يا فرعون فإننا آمنا بالله رب العالمين لا يهمنا ما فعلت قطع أيادينا أقتلنا إذبحنا فإنما تفعل هذا في الدنيا ونحن لا نُبالي بالدنيا بِرُمَّتِهَا سبحان الله كيف كانوا يُحاربون الله وكيف ثبتوا الآن لا يخافون العذاب في الله عز وجل قالوا لا نُبالي{ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا } وفعلا إذا بفرعون يذبحهم جميعا كانوا في أول النهار سحرة كفرة فصاروا في آخر النهار شهداء بررة مع هذا قتلهم فرعون وهُزِم إنها الجولة التالية التي يهزمه فيها موسى عليه السلام رغم أن السحرة آمنوا بالله عز وجل ورآى فرعون ما رآى من الآيات البينات إلا أنه ظل على عِنَادِهِ وَكُفْرِهِ وجُحُودِهِ
موسى يدعوهم إلى الله وهم يُصرون على الكفر والعناد والجحود إزداد الكفر وظل الطغيان فأنزل الله عز وجل في فرعون وقومه آيات بلاء أنزله الله عز وجل على فرعون ليعود إلى الله عز وجل ولكن أن لرجل مثل هذا أن يعود إلى ربه أول بلاء نزل عليهم السنين القحط أصيبوا بقحط فهلكت الزروع وماتت الماشية وأصيبوا بجوع وعذاب شديد فذهبوا إلى موسى عليه السلام يطلبون منه أن يدعوا الله عز وجل أن يكشف عنهم هذا البلاء { وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } وكانوا إذا نزل عليهم البلاء ذهبوا لمن لموسى عليه السلام يعرفون أن له ربا يستجيب له لكنهم مع هذا لم يؤمنوا به قالوا يا موسى إدعوا لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرِّزْجَ لَنُؤْمِنَنَّ لك ولنرسِلَنَّ معك بني إسرائيل فدعا موسى ربه فأعاد الله عز وجل الخيرات مرة أخرى وزادت الثمرات مرة ثانية فردوا في كفرهم بل وظلوا في كفرهم وعنادهم فأخذهم الله عز وجل بعذاب آخر ما العذاب هذه المرة الطوفان
جاء طوفان فأهلك كل الزروع وغطى كل ما عنده من ثمرات فذهبوا إلى موسى إدعوا لنا ربك بما عهد عندك فدعا الله عز وجل فلما دعاه ظلوا على كفرهم وعنادهم زال الطوفان ورجع الزرع مرة أخرى وازدادوا بالكفر فأنزل الله بلاء آخر جاءهم جراد فأهلك كل الزروع ودمر كل المحاصيل قالوا يا موسى إدعوا لنا ربك إذا كشفت عنا هذا الرزج وإذا كشف ربك