الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم نتحدث عن خير البشر عن سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر نتحدث عن الشفيع صاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة نتحدث عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكفى بهذا الحديث عنه شرفا خير ما يقضي الإنسان وقته وهو يتحدث عن حبيبه الذي هو خيرٌ وأحبٌّ إلينا من أبآئنا وأمهاتنا بل ومن أولادنا وبناتنا بل حتى من أنفسنا ومن الناس جميعاً نتحدث عن الحبيب من ولادته إلى وفاته صلى الله عليه وآله وسلم إلى وفاته أعظم مُصيبة مرّت على هذه الأمة نتحدث عنه قبل البعثة وبعد البعثة نتجول في حياته قبل الهجرة وأثناء الهجرة وبعد الهجرة نتحدث عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في جهاده للأعداء كيف كان أشجع الناس وكان يتقدم الناس في المعارك وكيف كان حليما مع من خالفه ومن عاداه نتحدث عنه في السرآء وفي الضرآء
نتحدث عنه صلى الله عليه وآله وسلم فهو الحبيب الذي لولاه لكانت البشرية اليوم تعيش في ظلام دامس هو النور الذي أرسله الله للبشرية هي الرحمة التي أهداها الله عز وجل للبشر فغير حالها وغير مجرى التاريخ {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } إن الحديث عنه ليس فقط لأجل الحديث بل لأجل الإقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم نقتدي به لِمَ لأن طاعته سبب لدخول الجنة ومعصيته سبب لدخول النار بل من أطاع محمدا فكأنما أطاع الرب عز وجل { وَمَنْ يُّطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أطَاعَ اللهَ } نتحدث عنه لأنه كان يُحِبُّنا كيف لا نحبه أحد الصحابة بكى قال ما الذي يُبْكِيك قال تذكرت الموت قال وم اشأن الموت قال إذا مِتُّ لن أرَكْ ولن أجلس معك ولن أتحدث معك قال المرء مع من أحب إذا أحببتني سيجمعك الله بي يوم القيامة وفي الجنة نتحدث عن الحبيب لِنَتَأسى به خطوة خطوة قال عن نفسه تركتكم على المَحَجَّةِ البَيْضَاءَ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِر } كونوامعنا خطوة خطوة نتعلم كيف عاش الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم .."
حال العرب في الجاهلية
******************************
******************************
قبل أن نبدأ مع الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم لابد أن نأخد لمحة عن الحياة في الجزيرة العربية وعن حال العرب فيها دينهم حياتهم الإجتماعية وضعهم السياسي كيف كانوا يعيشون في تلك الجزيرة أصل العرب كما قيل من " قَحْطَانْ " وكلنا يذكر في قصص الأنبياء لمَّا عاش إسماعيل عليه السلام إبن الخليل إبراهيم عليه السلام في مكة تزوج إمرأة " جُرْهُومِيَّة " من " جُرْهُمْ " وجُرْهُم إبن قحطان " فأصل العرب يرجع إلى قحطان وإسماعيل عليه السلام عاش العرب في الجزيرة العربية زمنا طويلا على التوحيد على توحيد الله جل وعلا يعبدون الله يطوفون بالبيت يحجون لله جل وعلا دينهم التوحيد عرب وَيَدينون بدين الله جل وعلا حتى حصل أمر تسبب به رجل واحد
وهو { عَمْرُو بْنُ لُحَيْ } خرج من مكة كانت مكة على التوحيد قاصدا الشام وبالتحديد " الْبَلْقَاءْ " فوجد فيها قوما يُسَمَّوْنَ" العَمَالِيَ " فوجدهم يعبدون أصناما فاستغرب قال ما هذا الذي تفعلون قالوا هذه أصناما قال ما تصنعون لها قالوا نعبدها قال وَلِمَ قالوا له نَسْتَنْصِرُهَا فَتَنْصُرُنَا وَنَسْتَمْطِرُهَا فَتُمْطِرُنَا قال هذه تُمطركم هذه تنصركم قالوا نعم جربناها سنين طويلة قال هل تعطوني منها فأعطوه صنما فأخذ صنما معه " عَمْرُو بْنُ لوحَيْ " أخذ صنم من الشام وذهب به إلى مكة إستغرب أهل مكة ماهذا الذي تفعل يا عمرو قال هذا صنم جئت به من الشام نعبده نَسْتَمْطِرُهُ فَيُمْطِرُنَا وَنَسْتَنْصُرهُ فَيَنْصُرُنَا قالوا ماذا صنم يُمطرنا وينصرنا قال نعم فإذا به يُقنِعُ أهل قريش وكانوا على التوحيد واقتنعت القبائل حوله
فصنعت أصناما وكل منها عُبِدَ من دون الله جل وعلا حتى التلبية التلبية التي كانت { لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك } كانت العرب تحج إلى البيت وَتُلَبِّي غيروا حتى التلبية الشيطان أدخل عليهم عبادة الأصنام بسبب "عمرو إبن لُحَيْ " وغيّروا حتى التلبية فكانوا يقولون { لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك } بدأوا بالتوحيد وختموا بالشرك فقال الله عز وجل فيهم { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } نعم دبَّ الشرك بينهم إنتشر الشِّرك بين العرب كانوا على التوحيد لكن بدأت الأصنام تنتشر بسبب رجل واحد إسمه " عمرو إبن لحي " أدخل الشرك في جزيرة العرب ورآه نبينا صلى الله عليه وآله وسلم يُجَرُّ في النار بسبب إدخاله الشرك للعرب وإلى جزيرة العرب.
إنتشرت الأصنام في مكة وفي العرب وأحيائها كان هناك رجل إسمه " إيسَافْ " وإمرأة إسمها " نَائِلَة " من قبيلة " جُرْهُمْ " فعلآ الفاحشة في جوف الكعبة فمسخهما الرب عز وجل حجرين فجعلت قريش لها صنمين يَعْبُدَانِهِمَا من دون الله عز وجل عُبِدَا مع أن الله عز وجل عذبهما إنتشرت الأصنام في كل دار من دور العرب حتى أن الواحد منهم كان يتمسح بالأصنام قبل أن يسافر أي سفر وإذا عاد من سفره بدأ بالأصنام يتمسح بها يطوفون حولها يستغيثون بها وكانوا يقولون هؤلاء شُفَعَائُنَا عند الله تُعْبَدُ من دون الله عزوجل وكان أحدهم ربما صنع الصنم من ثمر فيأخذه معه في السفر فإذا جاع أكله يأكل إلَهَهُ الذي يعبده أصنام لاتنفع ولا تضر لا تسمع ولا تُبْصِر تُعْبَد من دون الله جلا وعلا وكان أهل قريش يأتون بالذبائح والقرابين يذبحونها عند هذه الأصنام يذبحونها يتقربون بها إلى هذه الأصنام ذبائح تُذبح لغير الله عز وجل وكانوا لجهلهم يذبحون الذبائح يقولون هذه لله كما يزعمون وهذه لأصنامنا وآلهتنا فما كان لله فهو يصل إلى شُركائهم وقالوا هذه لله بزعهم وهذه لشركائنا
فما كان لشُركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم هكذا كانوا يصنعون كفار قريش بل العرب بدأت تُكثر من صناعة وعبادة الأصنام بل وجعلوا لهم بيوتا طواغيت يُطاف حولها غير الكعبة فهذه " الآتْ "عبدتها " ثَقِيفْ " جعلتها وجعلت عليها الَسَّدَنة والحُجاب تقرب إليها القرابين وتُزار وتُشدُّ إليها الرِّحال " ألآت " في ثَقيف " وَمَنَاتْ " عند الأوس والخزرج في " يثرب " وكذلك " العُزَّى " في منطقة تُسمى " نخلة " هذه التي حكى عنها { أفَرَأيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ألَكُمُ الذَّكَرُ وَلهُ الأُنْثَى تِلْكَ إذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى إنِ هِيَ إلاَّ أسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا } سموها بأسماء وَعَبَدُوهَا من دون الله جل وعلا هكذا إنتشر الشرك والشيطان يَؤُزُّهُمْ أزًّاً فالشيطان أغلى غاية عنده أن ينشر الشرك في الأرض الذبح لغير الله دعاء غير الله الطواف بغير الكعبة العبادة لغير الله السجود لغير الله والركوع لغير الله جل وعلا هذه إنتشرت في مكة وماحولها من البلاد
وإذا بالشيطان يعشعش في بيوتهم وفي أسواقهم وفي نواديهم بل كانوا كفار قريش يَتَشَأمُونَ فإذا أرادوا أن يُسافروا سفرا طيروا طائرا ينظرون أين يطير إلى اليمين أم إلى الشمال فإذا كان إلى اليمين سلكوا هذا الطريق وإذا كان إلى الشِمال لم يسلكوا هذا الطريق يتشأمون حتى من الأسماء حتى من الأصوات حتى من الأيام حتى من كل شيء إنتشر بينهم التشائم كثُر العرافون كثُر السحرة والكهنة والمُنَجِّمون بينهم لأنهم على غير هدي وعلى غير صراط بل وصل الأمر في كفار قريش أنهم إذا نزلوا بواد من الوديان كانوا يستعيذون بالجن والشياطين بسيد هذا الواد من الجن من الشياطين فإذا نزلوا في واد يقولون نعوذ بسيد هذا الواد من شر هذا الواد
ومن شر الشياطين { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا } عبدوا الأصنام عبدوا الطواغيت عبدوا الشياطين ذبحوا لغير الله إستعاذوا بغير الله إستعانوا بغير الله دعوا غير الله عز وجل كل مظهر من مظاهر الشرك كان منتشرا في مكة وما حولها هذه بعض أحوالهم
كانت العرب تعيش حياة جاهلية حياة تعيسة على كل المُستويات أما الحياة الدينية كما ذكرنا فكانت تعبد الأصنام بل كانوا ينسبون الشرك وعبادة الأصنام والإستقسام بِالأزلام إلى إبراهيم الخليل عليه السلام وإلى إبنه إسماعيل عليه السلام وكانوا يُعلقون صورتيهما داخل الكعبة يستقسمان بالأزلام بل كانت قريش وسائر العرب تعيش حياة تحرم الحلال وتحلل الحرام إتباعا للشياطين حتى الناقة الناقة التي تلد عشرة من الإناث سيبوها وحرموها حتى أنزل الرب عز وجل {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ } هذه أنواع من الإبل كانوا يُقطِّعون أذانها وكانوا يسيبونها ويقلدونها ويضعون عليها علامة فلا تُأكل ولا تُمَس ولا تُقْرَب من الذي حرمها عليهم الشياطين{وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ } وهكذا حرمت عليهم الشياطين أشياء ما حرمها الرب عليهم وأحلَّت لهم الشياطين أشياء حرمها الرب عز وجل عليهم أما اليهود والنصرى فلم يكونوا أحسن حالا اليهود لم يكن هَمُّهُمْ إلا جمع الأموال والسلاح وإثارة الحروب بين الناس والترأس عليهم
وهكذا حال النصرى لهم رهبان يُحِلُّونَ لهم الحرام فيُحِلُّونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه تلك عبادتهم هكذا كانت الحياة بل إن القبائل بينها وبين بعض كانت تتقاتل على أتفه الأسباب ربما ناقة رعت في أرض ليست لها قامت بينهم حروب لسنوات طوال وربما لسبب أتفه من هذا قامت بين القبائل حروب ومعارك طاحنة راحت من أجلها نفوس وأزهقت أرواح هكذا كانت تعيش العرب أما الزنى أما العِفة فقد كانت في طبقة الأشراف فقط أما أوساط الناس فالزنى عندهم مباح وكان عندهم النكاح أربعة أنواع النوع الأول كنِكَاح الناس اليوم المرأة تُنْكَحُ بوليها بإذن وَلِيِّهَا أما النكاح الثاني فإن الزوج كان يقول لزوجته إذا طهُرت إذهبي إلى فلان فاسْتَبْظِعِي منه أي إحملي منه فتنام معه أياما حتى تحمل
ثم يأتيها زوجها بإذن وأمر زوجها أما الثالث فكانت المرأة تختار عشرة من الرجال يأتونها فإذا حملت إختارت من شاءت منهم ويُجبر أن يكون أبا له أما النكاح الرابع نكاح البغايا المنتشر أن تضع المرأة العاهرة تضع راية عند باب بيتها فيأتيها من شاء من الرجال فإذا ولدت جاء أهل القافة فيُلحقون الولد بأبيه حتى أنزل القرءان { وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً } أي الزنى {إ ِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} بل كان الرجل يتزوج المرأة وأختها بل كان يتزوج زوجة أبيه حتى حرمه القرءان{ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلأَّ مَا قَدْ سَلَفَ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ }
هكذا كانت العرب تعيش حياة بهيمية بل كان الرجل ينصر أخاه وإبن عمه نصرة جاهلية ظالما أو مظلوما وكان شعارهم أنصر أخاك ظالما أو مظلوما حتى جاء الاسلام وعدَّل الظالم أن تأخذ على يديه أما في الجاهلية ظالم أو مظلوم ما يهم أهم شيء أن يكون من قبيلتي فأقاتل الناس دونه أما المرأة فكانت مُهانة كانت ذليلة حصل في قومي ""ربيعة""قاتلوا قرية وقوما أخرين قبيلة ربيعة قاتلت قبيلة أخرى وكانت العرب إذا حصل قتال وأخذوا السَّبَيَا فإنهم يخيروهن بين الرجوع إلى أزواجهن أو البقاء مع من سَابَهُنَّ في قومي ربيعة إبنة الحاكم إبنة أمير القبيلة لمَّا خُيِّرَتْ إختارت من سَبَاهَا فألحقت العار بأبيها وقومها فأقسم أبوها أمير القبيلة أنه إذا جاءته بنت أن يقتلها فجاءه أكثر من عشرة بنات فآذهُنَّ جَمِيعَهُنَّ وصارت عادة في القبيلة ثم صارت عادة بين القبائل إنتشرت هذه العادة القبيحة وأدوا البنات{ وَإذاَ اْلمَوْؤُدَتُ سُأِلَتْ بِأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} حتى أن رجلا من الصحابة يقص قصته قبل الاسلام في الجاهلية يقول ولدت زوجتي أنثى فمسكتها على هن حتى إذا كبرت وصارت جارية تلعب
وبدأ الخطاب يخطبونها آتتني الحمية والغيرة فقلت لزوجتي زينها وألبسها وجهزها قالت لِم َ قال أريد أن أزور بها أقربائي تزور أقربائها ففرحت زوجته وألبستها وزينت البنت الصغيرة يقول وأخذت زوجتي عَلَيَ العهود والمواثيق ألا أمَسَّهَا بسوء فأعطيتها يقول فأخذت بِنْتِي الجارية وفي الطريق رأيت بئرا يقول فنظرت في البئر أستحيق ونظرت إبنتي معي يقول فأحست إبنتي بأمر سوء يقول فقالت لي إبنتي قال لي أسألك بالله يا أبي ألا تخون عهد أمي ألا تخون أمانة أمي يقول فلما نظرت إلى وجهها وإلى بُكائها رحمتها يقول لكنني لما نظرت إلى البئر أخذتني الحَمِيَّة والغِيرة مرة أخرى يقول فإذا نظرت إلى وجه إبنتي تبكي رحمتها فإذا نظرت إلى البئر تذكرت الغيرة والحمية يقول فأخذتني الغيرة والحمية فحملت إبنتي ورميتها على رأسها في البئر يقول فسمعتها تستغيث حتى ماتت وخرجت روحها { وَإذاَ الْمَوْؤُدَتُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}بل كانت العرب إذا أراد الواحد منهم أن يُبْقِي على إبنته حيَّة يتوارى من القوم يُخَبِّأُ نفسه من الذل والهوان{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ألاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} هكذا كانت تعيش العرب وهذه لمحة صغيرة يسيرة في حياتهم.
هكذا كانت المرأة مُهانةً في مكة وما حولها ليس فقط في الجزيرة العربية بل حتى في الحضارات الاخرى فلم تكون الروم ولا فارس ولا غيرها من الحضارات تُكَرِّمُ المرأة وليست بأحسن حالا من جزيرة العرب كانت المرأة أحيانا إذا توفي زوجها فإن أولاده يرثونها حالها حال الميراث وكانت تباع وتشترى في الاسواق جواري يُوبَعْنَ وَيُشْتَرَيْن هكذا كان حال المرأة ذَلٌّ وَهَوَانٌ حتى جاء الاسلام وكرمها كانت تُذَلُّ إن كانت حُرَّةً وَتُذَلُّ إن كانت أمَةً في كل أحوالها ذليلة كانت الخمرة تشتهر في قريش بل كانوا يشربونها أكثر من شربهم للماء وهكذا كانوا يسكرون وبعد السكر يفعلون ما يشاؤون هذه حياتهم وهذه أحوالهم حتى جاء الاسلام وحرم الخمر كانت قريش والعرب والقبائل تعيش حالة من الفوضى فالحروب الدائمة وسفك الدماء والغصب والاغتصاب والقتل ونهب ألاموال هذه أحوالهم وهذه حياتهم نظر الله عز وجل إلى أهل الارض فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُم وَعَجَمَهُم إلا بَقَايَا من أهل الكتاب إلا بقايا بقوا على التوحيد نظر الله إليهم نظر الرحمة هل كانت قريش وما حولها من الاعراب والقبائل
لا يمتلكون أخلاقا حميدة بلى كانوا يتَّصِفون ببعض الاخلاق التي تميزوا بها وكانوا يعيشون عليها بل يموتون عليها ولهذا قال نبينا جئت لأتمم مكارم الاخلاق وكانت هناك بعض الاخلاق من المكارم مثلها كانوا يَتَّصِفُون بالكرم بل كانت العرب تشتهر بالكرم وكان الرجل ربما لا يملك في بيته إلا ناقة ناقة يعيش عليها وعلى لبنها هو وزوجته وأطفاله ومع هذا كان ربما أتاه الضيف من بعيد لا يعرفه غريبا عنه ينزل عنده في بيته فيذبح ناقته التي عليها إعتماده وحياته يذبح ناقته إكراما لضيفه تميز العرب بالكرم وقالوا في ذلك الاشعار تلوالاشعار واشتهر الكرماء من العرب"" كحاتم الطائي"" وعبد الله إبن جدعان"" أما عبد الله إبن جدعان فكان يذبح الذبائح الكثيرة إذا جاء الناس للحج فيطعمهم ويسقيهم ولا يُبالي
ينفق من حر ماله فقط لأنه يتصف بصفة الكرم وكانت قريش تمتاز بعادة إسمها "" الرِّفادة""والرفادة أن تذبح الذباح وكان يتكفل بهذا الامر ""قصي إبن كلاب""كان يجمع خرجا أموالا مثل الضريبة من أهل قريش وأهل مكة يجمعون له الاموال فإذا جاء الناس في الحج من شتى القبائل والبلاد ذبح لهم الذبائح وصنع لهم الطعام فيأكل الناس بالمجان وهذه الرفادة والسقاية والاطعام الذي ذكره الله في القرءان كان يفتخرون فيه أهل قريش فقال الله لهم {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ}أي لا تجعلوا أعمالكم هذه الطيبة كمن ءامن بالله عز وجل واليوم الاخر إتصف العرب في ذلك الزمان مع كفرهم وشركهم وأخلاقهم الذميمة إتصفوا ببعض ألاخلاق منها مثلا الالتزام بالعهد والمواثيق
فكان الواحد منهم إذا عاهد غيره أو قبيلة عاهدت أخرى أو قوما عاهدوا أخرين أو أجار رجل رجلا أخر كانوا يلتزمون بالعهد ولو على حساب أولادهم ولو على حساب ذُرِّياتِهم ولو على حساب أموالهم وأرواحهم العهد عندهم والكلمة عندهم يلتزمون بها هذه من الاخلاق الفاضلة التي تميز بها العرب في ذلك الزمان كذلك كان عندهم عزة نفس فالواحد منهم ما كان يرضى بالذل ولا بالهوان وربما قالوا في هذا شعرا وَذُبِح من هذه الامور ونحر من أجلها وربما سُفكت من أجلها دماء كثيرة لأجل عزة النفس فالعربي لم يكن يرضى أبدا أن يذل ولو على حساب نفسه وأهل بيته وأولاده وأمواله هذه بعض صفاتهم وكانت في مكة كما كان سابقا من أيام نبينا إسماعيل عليه السلام كانت"" جُرْهُمْ"" تحكم هذه البلاد تحكم مكة واستمر الحال على هذا زمنا طويلا إلا أن ""جُرْهُمْ"" تخلت عن الحفاظ على الحرم وهيبة الحرم فإذا بها تنتهك الحرمات وتفعل المحرمات وتعتدي على المظلوم فجاءت كِنَانَةَ وَخُزَاعَةَ وحصل بينها وبن جرهم مقتلة عظيمة وحرب طاحنة طردوا على إثرها"" جُرْهُم"" من حكم بيت الله الحرام وحكمت كِنَانَة وَخُزَاعَة بلد الله مكة بلد الله الحرام
________________
2 - حادثة الفيل *****
_______________
أبرهة الحبشي رجل له قصة لما رأى هذا الرجل أن الناس كلهم يحجون إلى الكعبة إلى بيت الله الحرام لم يقبل بهذا الامر ولم يرضى به حاول أن يَصْرِفَ الناس عن الكعبة لكنه ما إستطاع فقرر أن يبني كنيسة عظيمة كبيرة لِيَحُجَّ الناس إليها وما درى ذلك المسكين أن هذه الكعبة ليست أي بناء، هذه الكعبة بُنِيَت بأمر الله جل وعلا بناها إبراهيم الخليل ليكون أول بيت لعبادة الله { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ } ولما بنى إبراهيم البيت أذن {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }
غاض أبرهة ،ما رأى من حج الناس من كل الدنيا إلى هذه الكعبة فبنى كنيسة كبيرة عظيمة سُمِّيت " الْقُلَّيْس "وهذه الكنيسة لما بناها هذا البناء الذي مابُنِيَ قبله مثله أرسل إلى النجاشي الذي يحكم ذلك المكان قال أيها الملك إني قد بنيت لك كنيسة لم يبنى قبلها لملك قط مثلها وإن هذه الكنيسة سوف أدعو الناس لحجها وفعلا أرسل في الامصار أن الناس يحُجُّ إلى هذه الكنيسة في كل واد في كل قرية في كل مدينة أرسل رسولا يدعو الناس للحج ولزيارة هذه الكنيسة وإبراهيم الخليل لم يكن معه أحد قام في مكة لوحده يؤذن لكن أسمع الله عز وجل الناس والنطفى في الارحام لألاف السنين
إلى اليوم والناس تحج إلى الكعبة أما ذلك الرجل الملقب بأبرهة لما بنى الكنيسة وأرسل الناس يُنادون للحج إليها وصرفهم عن الكعبة غضب العرب من هذا ذهب أحدهم إلى تلك الكنيسة ودخلها ليلا إذ لم يكن أحد يحرسها تسلل إليها فلما دخل إلى هذه الكنيسة لوثها أي فعل فيها النجاسات قضى حاجته داخل هذه الكنيسة فقط من باب الحقد على هذا الرجل وما يفعله في العرب ودين العرب فلما وصل الامر إلى أبرهة غضب كيف يجرأ واحد من الرعية أحد العرب ان يلوث هذه الكنيسة التي بنيتها غضب غضبا شديدا فأرسل في جيشه أنه عازم على هدم الكعبة كيف يتجرأون أولا لايزرونها ويزرون الكعبة ثانيا يجرأ واحد من العرب أن يأتي ويلوثها فأرسل في الناس أن أبرهة عازم على هدم الكعبة وَجَيَّشَ الجيوش وعَبَّأهَا واستعد أبرهة لذلك الفعل العظيم الذي ما كان يدري ما عاقبته
**
خرج أبرهة بجيش عظيم قاصدا مكة لهدم بيت الله عز وجل الكعبة سمعت القبائل والعرب بهذا قام في وجهه رجل من ملوك اليمن إسمه « »ذُو نَفَرْ »" واجتمعت معه بعض القبائل لِيقاوموا أبرهة وجيشه لكن أبرهة هزمه وانتصر عليه وأسره فقال له ذو نفر يأبرهة أتقتلني فلعله يكون لك خير مني أبقني عندك فأحكم وِثاقه وأسره وانطلق أبرهة يسير في الجزيرة إلى الشمال قاصدا مكة المكرمة فنزل في مكان يسمى خَثعَمْ فقام إليه نُفَيْل الخثعمي وجمع بعض القبائل يقاومونه فالعرب لم تكن ترضى أحد يقترب من مكة أو يعترض للكعبة فقام إليه نفيل الخثعمي
وبعض القبائل فهزم وانكسر فمسكه أبرهة يريد قتله قال لا تقتلني فلعلي أكون دليلك إلى مكة وهذه القبائل ستسمع لك وتطيع فأسره أيضا أبرهة وانطلق بالجيش حتى وصل إلى » ثقيف »" فلما وصل ثقيف خرجت له ثقيف تُبَايِعُهُ قالوا له نحن عبيدك ولك علينا السمع والطاعة نسمع لك ونطيع وهذا البيت الذي عندنا ليس هو الكعبة إنما هو بيت الآت وكان صنما يُعبد فإن أردت كنا لك طائعين ونُرْسِلُ لك ومعك من يَدُلُّكَ إلى الكعبة وإلى مكة فتجاوز عنهم أبرهة وأرسلوا معه رجلا يُسمى أُبو رُغالْ فوصل الى مكة وفي الطريق نزلوا
في منطقة تسمى الْمَغْمَسْ قبل مكة فلما نزلوا فيها أنزل الله عذابه على أبي رغال وهلك وكانت العرب ترجم قبره الدليل إلى مكة ثم بعدها أرسل أبرهة رجلا يسمى الاسود إبن مقصود أرسله إلى مكة يستطلع الاخبار فخرج ببعض الخيل فلما وصل مكة سلبهم بعض أموالهم وأخذ مئاتي بعير كان يملكها سيد قريش وكبير قريش إنه عبد المطلب إبن هاشم وجاء بالابل إلى أبرهة فاجتمعت هُدَيْل وَكَنَانَة وَقُرَيْش يريدون قِتال أبرهة فلما عرفوا قدر قوته وقدر جيشه تراجعوا ولم يُطِقْ أحد بقتال أبرهة
**
أما أبرهة فقد أرسل رجلا إسمه حَنَاطَة الْحِمِيرِي أرسله إلى قريش فيسألهم إني لا أريد بكم حربا ولا حاجة لي بدمائكم إنما أردت هدم الكعبة فخلوا بيني وبينها فجاء حناطة الحميري إلى قريش وسأل عن سيدها عبد المطلب فجلس عنده وأخبره بالخبر فقال له عبد المطلب ونحن لاحاجة لنا بحرب أبرهة أما هذا البيت فنُخَلِي بينه وبينه قال فإنه يريد أن يكلمك فخرج عبد المطلب وتوجه إلى مُعسكر أبرهة سأل أول ما دخل عن رجل إسمه « »ذو نفر »" الذي اُعتقل الذي أسِرَ وكان صديقا لعبد المطلب فجلس معه فقال يا ذي نَفَرْ هل لك أن تشفع لنا عند أبرهة قال وما يُغنِي رجل أسير مثلي ماذا أصنع أنا رجل أسير قد يقتلني اليوم أويقتلني غدا لكن عندي صديق هو سائس الفيل وكان أبرهة قد أخرج فيلا ومعه سائس وهذا السائِسْ إسمه »" أنيس « »قال سوف أكلمه ليشفع لك عند أبرهة فذهب ذو نفر إلى سائس الفيل وأخبره أن عبد المطلب رجل شريف في قومه يُطعم الناس والمساكين في السهل والجبال فاشفع له عند أبرهة فذهب أنيس إلى أبرهة وأخبره بالخبر وشفع له أن سيد قريش يريد أن يكلمك فأذن أبرهة أن يدخل عليه عبد المطلب
**
دخل عبد المطلب على جيش وعلى خيمة أبرهة وكان أبرهة جالسا على كرسيه وحوله الحاشية فلما رآه أبرهة إستعظمه وأعطاه هيبته ووقاره فكره أبرهة أن يكون جالسا على الكرسي وعبد المطلب يجلس على الارض على البساط تحته فقام أبرهة من كرسيه وجلس على البساط مع عبد المطلب والهيبة تعلوه فهو سيد قريش وهو كبيرهم وكان بين أبرهة وعبد المطلب ترجمان فلا أحد يعرف لغة الآخر قال أبرهة للترجمان سَالْهُ ما حاجته قال إن أبرهة يسألك ما حاجتك قال إن لي مئاتين من الابل أصابها صاحبك فَسَلِ الملك يُرْجِعُهَا إلي فقال الترجمان إلى أبرهة طلب عبد المطلب
فقال أبرهة للترجمان قل له إنني عندما رأيته ُاُعْجِبْتُ به وأعطيته قدره وهيبته ولكنه لما طلب مني طلبه زَهَدْتُ فِيه قال عبد المطلب ولِمَ لِمَ زَهَدْتَ بي قال جئت تسألني وتطلبني مئاتين من الابل وتترك بيتا هو دينك ودين أبائك وأجدادك لا تكلمني فيه تسألني مئاتين من الابل وتترك بيتا أريد هدمه قال عبد المطلب أنا رب الابل وللبيت رب يحميه ويمنعه فقال أبرهة ومن يمنعني من البيت قال عبد المطلب أنت وذاك أنت وذاك إن منعك شأنك وربنا جل وعلا فإذا بعبد المطلب يأخذ الابل ويرجع وأسرع إلى قريش يقول لهم أخرجوا فإن الرجل عازم على هدم الكعبة واستباحة الحرم فخرج الناس يهربون إلى شعف الجبال وإلى الشعاب يهربون بنسائهم وأطفالهم
وجلس عبد المطلب ماسكا حلقة الكعبة يدعو الله عز وجل ان يحمي بيته اللَّهُمَّ إِنَّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ فَامْنَعْ حِلَالَكْ لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ عَدْوًا مِحَالَكْ فَإِذَا فَعَلْتَ فَرُبَّمَا تَحْمِي فَأَمُرْ مَا بَدَا لَكْ فَإِذَا فَعَلْتَ فَإِنَّهُ أَمْرٌ تُتِمُّ بِهِ فِعَالَكْ وَغَدَوْا غَدًا بِجُمُوعِهِمْ وَالْفِيلِ كَيْ يَسْبُوا عِيَالَكْ فَإِذَا تَرَكْتَهُمُ وَكَعْبَتَنَا فَوَاحَرْبًا هُنَالِكْ ثم أمر الرجال أن يخرجوا وخرج الناس من مكة وفرغت مكة والكعبة حولها من الناس ينتظرون قدوم أبرهة وجيشه
**
وانطلق أهل مكة إلى الجبال إنطلقت قريش كل منها ذهب بأهله وصبيانه إلى الشعاب والجبال يستغثون الله عز وجل أن يحمي بيته وحرمه وخَلِيَ الحرم ولم يبقى أحد يحمي بيت الله جل وعلا في صبيحة ذلك اليوم إنطلق أبرهة بعد أن عبأ جيشه وأعده لهدم بيت الله الحرام معهم الفيل الذي أتوا به ليهدم البيت وإسم هذا الفيل محمود وانطلق الجيش جيش أبرهة بإتجاه الحرم وفيهم نفيل الخثعمي الذي كان قد أسِرَ وهو يعرف حق الحرم وعِظَمَ الحرم فجاء إلى الفيل وتكلم في أذنه وقال يامحمود أُبْرُك أبْرُكْ أو إرجع من حيث جئت راشدا فإن هذا حرم الله فإن هذا حرم الله ثم فر نفيل إلى الجبل مع أهل قريش وهم ينظرون ما الذي سيحل بأبرهة وبجيشه إنهم ينطلقون لهدم بيت الله الحرام أول بيت وضع للناس أعظم بقعة في الارض هذه البقعة التي حرمها الرب عز وجل
إنطلق أبرهة بغروره وكبريائه معه الجيش ومعه الفيل لكن الفيل برك في مكانه حاولوا أن يُقيموه فلم يستطيعوا ضربوه صاحوا عليه لكنه لم يقم وجهوه بإتجاه اليمن فتحرك بإتجاه الشام فانطلق بإتجاه المشرق فتوجه وكلما وجهوه إلى الحرم إلى الكعبة إذا به يبرك ولا يتحرك من مكانه بدأ الرعب يَدُبُّ في الجيش ما بالوا هذا الفيل يتوجه إلى أي مكان إلا إلى بيت الله الحرام ما الذي حدث ما الذي جرى فجأة أظلمت السماء نظر الناس والجيش حتى الذين في الجبال إلى السماء فرأوا مجموعات عظيمة كبيرة تغطي السماء مجموعات من الطيور طيرا أبابيل غطت السماء كلها ففزع أبرهة وفزع جيشه ما الذي جاء بهذه الطيور وبهذه الكميات الكبيرة وبهذا القدر العظيم الهائل من الذي أرسلها كل طير بمنقاره حجر من سجيل حجر صلب جاهز لان يطبخ الرؤوس وبرجليه حجرين فإذا بالسماء فجأة تمطر لكن أي مطر إنها أمطار من حجارة تتساقط من السماء
**
بدأ الجيش يتساقط والحجارة تتنزل من السماء كل من أراد الهروب تبعته الطيور فطبخته بالحجارة والناس يهربون ويتصايحون الان بدأ أبرهة يتساقط بدأ جيشه يهرب يمنة ويسرة وأهل مكة ينظرون ويدعون الله أن ينجيهم وأن ينجي بيته وأبرهة يهرب من تلك الساحة لا يعرف أين الخلاص هرب أبرهة هرب بعض الناس ومن مات مات ومن قتل قتل ومن هرب هرب حتى أن أبرهة في الطريق وهو في طريقه هاربا راجعا إلى بلده بدأ جسمه يتساقط شيئا فشيئا
أصابعه تتساقط من على يديه جسمه يتقطع وما إن وصل إلى بلده حتى هلك صريعا أهلك الله عز وجل أبرهة وجيشه ومن بقي كان عبرة لمن مات ومن بقي وهكذا دمر الله عز وجل أبرهة وجيشه كما قال الله عز وجل { أأَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ }طُبِخت رؤوسهم وتقطعت أجسادهم وفر منهم من فر هاربا هكذا يحمي الله عز وجل بيته وحرمه نعم للبيت رب يحميه ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) هكذا كان الامر عبرة لاهل مكة ومن حولهم ليعرفوا قدر حرمة هذا البيت الذي شرفه الله عز وجل.
____________________________
3 _ سيد مكة عبد المطلب إبن هاشم **
_____________________________
حفظ الله عز وجل الحرم وأهل الحرم مع أن الأمم حولهم والقرى حولها كان يصيبها ما يصيبها من الهلاك والدمار إلا مكة إلا الحرم فإن الرب عز وجل يحفظه { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ } سيد مكة عبد المطلب إبن هاشم كان عنده عشرة من الأولاد وستة من البنات نَذرَ نَذراً أنه إذا أعطاه الله عز وجل عشرة من الذكور يمنعونه أي يبلغون قوة ومناعة يَمْنَعُونَهُ ويُعِينونه فقد نذر لله أن يذبح واحدا للألهة انظروا للنذر كيف أوصلتهم الشياطين إلى هذا أن ينذر للألهة أن يذبح واحدا من أولاده وهذه مصيبة وهذه كارثة أن يذبح الانسان ولده للألهة وفعلا أعطاه الله عشرة من الأولاد منهم””حمزة””والعباس””منهم “”أبولهب منهم “”أبو طالب “”منهم “” ضِرَارْ “”منهم “الحارث منهم “” الزبير “”وأصغرهم إسمه “”عبد الله “”وعنده ستة من البنات منهم “”صفية “” وعاتكة” وأروى “وأميمة “وغيرها فلما بلغ العشرة مبلغم جمع عبد المطلب أولاده فقال عبد المطلب لأولاده قال يَابَنِي إني قد نذرت نذرا أن أذبح واحدا منكم للألهة تخيلوا أن يقول الأب لأبنائه سأذبح واحدا منكم من وقعت عليه القرعة سوف يُقرب للألهة أما الأبناء فقد وافقوا جميعا على طلب أبيهم إفعل ما تؤمر إفعل نذرك إفعل ما تريد فإننا لك يأبنا هذا الأمر حصل مع من مع إبراهيم الخليل إبراهيم الخليل الرب عز وجل أمره أما عبد المطلب فإنه نذر نذرا للالهة الشيطان هو الذي أوحى إليه فإذا بالعشرة يجتمعون فطلب منهم عبد المطلب أن يكتب كل واحد منهم إسمه في قدح ويدخل به إلى الكعبة وكان داخل الكعبة صنم يُقال له “”هُبَلْ”” وعند هذا الصنم قِداح وكان هناك رجل يسمى صاحب القِداح دخل إليه عبد المطلب وأخبره بنذره بأنه سيذبح أحد أولاده وكل منهم قرب قدحه لِهُبل”” ولصاحب القداح ليضرب القدح بالقدح فخرج القدح على من على أصغر أبناء عبد المطلب وأحبهم إليه وهو عبد الله إبن عبد المطلب لقد حزن عبد المطلب أن خرج القدح على هذا الابن فإنه أكثر إبن كان يحبه وهو أصغرهم سنا وكان عبد المطلب عند ضرب القداح يدعوا هبل داخل الكعبة فلما إستقر الامر على إبنه عبد الله لم يكن هناك بُدٌّ إلا أن يُنفذ نذره أخذ السكين وجر إبنه عبد الله ليذبحه فإذا بأهل قريش ينظرون وقاموا من نواديهم وفزعوا ونظروا إلى عبد المطلب قالوا ماذا تصنع قال أوفي بنذري قالوا وأي نذر هذا قال أذبح عبد الله فإن القدح وقعت عليه وهذا نذري قالوا إن فعلت هذا لايزال الناس تفعل مثل ما تفعل فألحوا عليه ألا يفعل قال سأفعل ومشى لينحر إبنه فقام إليه الاشراف وقام إليه سادة قريش بل حتى بنوه قاموا إليه يمنعوه قالوا لا تفعل حتى تُعْذَرَ فيه وقال كيف اُعْذَرُ فيه قالوا هناك عرافة في الحِجاز عندها تابع يعني شيطان من الجن إذهب إليها وسالها فإن أمرتك أن تذبح هذا الابن فافعل وإلا فافعل ما تأمرك به فإن فعلت هذا أعذرت وإلا فديناه بجميع أموالنا فإذا بعبدالمطلب يقتنع بأمرهم ورأيهم ويسير بإبنه عبد الله وبعض أهل قريش إلى الحجاز إلى عرافة الحجاز
إنطلق عبد المطلب مع إبنه عبد الله ومجموعة من النفر إلى تلك العرافة التي إشتهر صَيْتُهَا فالكل يعرفها تتعامل مع شياطين الجن إنها عرافة معروفة في الحجاز وكان طِوال الطريق عبد المطلب يدعوا ربه أن ينجي إبنه عبد الله فقد كان يحبه فلما وصل عبد المطلب إلى تلك العرافة ودخل عندها وجلس أخبرها الخبر وذكر لها القصة وما قصة النذر الذي نذره ثم كيف وقعت القداح على إبنه عبد الله قال ماذا أصنع وماذا أفعل فإذا بالعرافة تقول لعبد المطلب أخرجوا من عندي الان وأتوني غدا لِمَ قالت حتى يأتيني تابعي شيطانها من الجن ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل فضل عبد المطلب الليل كله يدعوا الله أن ينجي إبنه وفي الصباح غدا على العرافة فدخل عليها يرجوا نجاة إبنه قال ماذا تقولين قالت كم دِيَةُ القتيل عندكم قال لها عشرة من الابل قالت إإتوا بعشرة من الابل وأتوا بعبد الله إبنك واضربوا القداح عليهما فإن وقعت وخرجت القداح على عبد الله فزيدوها عشرا بعض العشر أضيفوا عليه عشرة ثم إضربوا القداح مرة أخرى حتى تقع القداح على الابل فإن وقعت القداح على الابل فانحروها إذبحوها مهما بلغت فإن الرب قد رضيها أي إذا وقعت القداح على الابل فإن الرب قد قبل منكم هذه الابل وعفى عن صاحبكم فخرج عبد المطلب فرحا منطلقا إلى قومه فقد وجد فرصة لنجاة إبنه
رجع عبد المطلب من الحِجاز معه إبنه عبد الله لينفذ وصية العرافة وأخبر قريش بما أخبرته به العرافة فجاء بعشرة من الابل وإبنه عبد الله عندهم فجاء بالقداح وضرب القدح فإذا بالقدح يخرج على إبنه عبد الله أي مرة أخرى لابد من ذبحه فجاء بعشرة من الابل أخرى صارت عشرين فضرب بالقدح فخرجت على عبد الله فجاء بثلاثين وبأرعين حتى أوصلها للمائة فضرب بالقدح فإذا بالقداح تخرج على الابل هنا فرح الناس وفرح بنوه وفرح أهل قريش أن الالهة بزعمهم رضيت بمائة من الابل أما عبد المطلب فإنه لم يرضى قالوا ولِمَ قال حتى أضرب بالقدح مرة أخرى لأتأكد ولأتثبت أن الالهة رضيت بهذا فضرب بالقدح مرة أخرى فخرجت القدح على الابل ففرح الناس قال لم أرضى بهذا حتى أضرب بالقدح مرة ثالثة فضرب بالقدح مرة ثالثة فخرجت على الابل ونجا الله عز وجل عبد الله إبن عبد المطلب ومن شدة الفرح عبد المطلب بإبنه عبد الله ذهب إلى سيد بني زهرة وهو رجل إسمه”” وهب إبن عبد مناف إبن زهرة”” وهو سيدها جاء إليه فقال أريد أن أخطب إبنتك”” آمنة”” وكانت أشرف إمراة في مكة وسيدة نساء مكة بنت وهب قال أريد أن أخطبها قال لمن قال لابني عبدالله فكان الفرح فرحين نجا الله عزل وجل عبد الله إبن عبد المطلب ثم زوجه بسيدة نساء مكة آمنة بنت وهب وأبوها سيد بني زهرة لكن الزواج لم يدم كثيرا ما إن حملت آمنة بنت وهب من زوجها عبد الله إبن عبد المطلب إلا قدَّرَ الله عز وجل أن يتوفى عبد الله مات عبد الله ولم يرى إبنه من آمنة هكذا هو قدر الله عز وجل أن ينجي هذا الرجل حتى يتزوج هذه المرأة فلما حملت وأدى مهمته هنا توفاه الرب عز وجل
4 _ ولادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
_________________________________
في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول من عام الفيل سنة 571 خمس مائة وإحدى وسبعين للميلاد حدث في الارض أمرعظيم أمرجلل رُجِمَت فيه الشياطين وَحُرِسَت فيه السماء قيل أنه سقطت أربع عشرة شُرفة من إيواني كِسرا وانطفأت نار الماجوس يقول “”حَسَّانْ إبن ثَابْت”” كنت صبيا في المدينة وتسمى قديما يثرب يقول كنت ألعب مع الصبيان لكنني أعقل يقول في هذا اليوم ندى يهودي على أطُمٍ من الاطام يامعشر يهود يامعشر يهود يقول فاجتمع اليهود حوله قالوا ما الخبر قال ظهر اليوم نجم أحمد ظهر اليوم نجم أحمد نعم سيحصل الآن أمر غريب أعظم ولادة في تاريخ البشرية إنه ميلاد من إنه يوم ميلاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم هنا أذِنَ الله أن تُرْحَمَ البشرية به أعظم ميلاد ميلاده وأسهل ولادة كانت ولادته لما وُلِدَ محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم تقول أمه آمنة لقد أضاء نور إلى السماء رأيت في ذلك النور قصور الشام كأن دولته وأمته ستمتد إلى الشام رأتها أمه في ذلك اليوم أي لحظة تلك التي تمر فيها البشرية أي سعادة أرسلها الله للكون بولادة أحمد عليه الصلاة والسلام أي نور سطع في كون ذلك الزمان بولادة محمد صلى الله عليه وسلم الله اكبر الله أكبر يوم وُلِد محمد ذلك اليوم هو اليوم السعيد سمع بالخبر بعد ولادته من وهو يولد برعاية الرب عز وجل وبعناية الله جل وعلا ويصنعه الله على عينه وُلِدَ محفوظا وُلِدَ معصوما وُلِد محمد صلى الله عليه وآله وسلم سمع بالخبر جده عبد المطلب فأسرع وهو يسمع صوت الطفل الذي وُلِد للتوا النور الذي خرج للبشرية فإذا بالطفل يُعطى لجده عبد المطلب الذي مات أبوه قبل أن يولد فإذا بالطفل يُعطى لجده عبد المطلب فيأخذه ويشمه شمة ويقبله ثم يُسرع به إلى البيت يطوف به يطوف بمن يطوف بالطاهر المطهر يطوف بالمصطفى عليه صلوات الله وسلامه الذي تصلي عليه الملائكة في السماء الذي يصلي عليه الرب عز وجل فإذا بعبد المطلب يحمل هذا الطفل يطوف به حول البيت ويُدخله داخل البيت فرحا مسرورا سعيدا مستبشرا بهذا الطفل الذي ولد ثم رجع به مرة أخرى يدفعه إلى أمه آمنة التي فرحت فرحا عظيما بميلاد ذلك الطفل الرضيع إذا به يدفعه إلى أمه آمنة وهو يقول لها سميته محمدا سميته محمدا فيالسعادة البشرية في ذلك اليوم بدأ البحث عمن يُرضِع محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وكان في تلك الفترة نِسوة من “”بني سعد بني بكر “”جئن إلى مكة يبحثن عمن يَرْضَعْنَهُ وكان في الجمع إمراة إسمها “”حليمة السَّعدية”” وكانت قد ركبت أثاناً لَهَا حِمار وكانت السنة سنة قحط وجدب سنة لَم تمر عليهم مثلها حتى أن حليمة وزوجها “” الحارث إبن عبد العُزى “”كان معها ولهما طفل صغير للتو مولود تقول حليمة لم يكن في ثذي ما يشبع طفلي كيف تبحث عمن ترضعه تقول حتى أن طفلي كان يبكي الليل كله فلم نكن ننام الليل من شدة بُكائه من الجوع هذا طفلها فكيف تبحث عمن ترضعه تقول حتى وصلنا إلى مكة تقول فما مِنَّا من إمراة إلا وعُرِضَ عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترضعه فرفضن جميعا لِمَ لمَّا عَلِمْن أنه يتيم وماذا نصنع بطفل يتيم ليس له أب وماذا يصنع جده وماذا تنفع أمه تقول تركناه جميعنا وبحثنا عمن نرضع فكل واحدة من صاحباتي وجدت من ترضعه وذهبت به وبقيت أنا لم أجد أحدا فقد كانت هزيلة ضعيفة حليمة تقول فقلت لزوجي والله إني أكره أن أرجع إلى صاحباتي بغير طفل أرضعه والله لأرجعن إلى اليتيم فأخذه فقال زوجي الحارث قال إفعلي فلعل الله أن يجعل فيه بركة تقول فأخذت محمدا وإني لَكَارهة لكني لم أجد غيره تقول فأخذته صلى الله عليه وآله وسلم تقول فرجعت إلى رحلي إلتحقت بالقافلة بالصُحبة لأرجع الى بلدي تقول فما إن وضعته في حجري إلا وأقبل ثدي فشرب حتى روي تقول فألقمته لمن لأخيه الطفل الجائع تقول فشرب حتى روي أخوه تقول فناما ولم يكن إبني قد نام منذ أيام تقول فلما أصبحنا قال زوجي إن النسمة التي أخذتيها فيها بركة فقالت حليمة إني لارجوا الله ذلك تقول حتى الشاة التي كانت معنا ليس فيها قطرة من لبن تقول قد إمتلأ ضرعها ضرع شاتها تقول حتى الاثان الحمار الذي أركبه تقول أسرع حتى قال النسوة لحليمة أربِعي علينا يا حليمة أين الحمار الذي جئت به وين الحمار الذي جئت به إلى مكة قالت إنه هو فقالت النسوة والله إن لهذا الحمار شئنا ال