يقال ان مشروب يعرف ب "الآياهواسكا" تأثيره ملحوظ ويسبب الهلوسة لمدة تدوم ل ١٠ ساعات ، يحضره قبائل في حوض الامازون ، ومن الشائع انه يستخدم في طقوس دينية هندية بغرض تفتيح العقل وخلق رؤى باطنية. وسبب تحول تلك النباتات العضوية لمخدر قوي هو احتوائها على العنصر الشهير "DMT"... لكن تلك الطقوس الخطيرة لا تعتبر بشيء امام محاولات العبث بالطبيعة للوصول لحالة التخدير عوضا عن معالجة المشاكل الصحية او تنقية الجسم من السموم. صديقنا هنا قرر اتخاذ منهجا مماثل للطقوس الروحية ليرتقي بعقله لمستوى التفتح والتنوير لكنه تجاهل امر هام كاد ان ينهي مسيرته مبكرا.... 

كل ليلة من ليالي اكتمال القمر و اصطفاف النجوم يتم تجهيز تلك الأمسية . أخيرا حظى بسهرة مخمورة بالرقص ومعبأة بالدخان وخالية من النيكوتين، كأنه حاول طرد الباعوض من قفصه الصدري،  بعد ان عثر على عُشبة  "الأنجُرة" او "القراص" والتي تعالج الحساسية عن طريق الشرب، وبدلا من ذلك قرر تلك الليلة حرقها مما كان له اثر حميم ولكن كاد ان يصيبه بالعمى. كان يجهز للذات العليا طقوسا بعد ان حاول ان يسعى لطريق التصوف. وارهقه الفكر. اصبح ينبش في علوم الارض حتى تعلم الفراسة على يد جدته... 

انطفأت قنوات الافكار و التأمل و لم يستطع ان يرى امامه من كثافة بخور الأنجرة واندلق ينام.. جسده ملقى على الارض كفريسة ارهقتها المطاردة و ترنحت حتى ارتمت هامدة دون حراك... يبدو انها اول ليلة يحظى بها دون رؤيا او اضغاث احلام.

_________________♧______________

يفيق بعد لحظات في نفس الغرفة، لكنه يرى بوضوح ، حتى انه يرى اشياء لم يكن يعلم انه كانت حوله طوال الوقت، وحتى تلك اللحظة كل شيء يبدو طبيعي. الا انه أدرك محدثا نفسه: يبدو انني استضفت احدهم و تركته ينام على سريري ويرتدي من ملابسي.... ثم فرك عينيه واصبح يرى بوضوح ان ذلك الجسد وهذه الملابس تعود له. مما اصابه بالذعر لوهلة ولم يود ان يفعل شيء احمق ويوقظ ذلك النائم فيصيبه بسكتة قلبية. حتى حدث شيء انار بصيرته و ادرك ان ذلك الجسد الهامد ليس الا هو. ربما ليس ذلك سوى جسد هزيل معزول عن الروح. لذلك حاول ان يعود مجددا، لكنه لم يدري ماذا يفعل وكيف يتصل مجددا بذلك الجسد.. حتى انتفضت تلك الجثة و عادت الروح مباغتاً كالعطس الذي يهيج الأنف. لكن كيف حدث هذا فجأة!

في حلمه رأى كائن متوحش مثير للشفقة حاول جذبه بحيل الجن و براءة الشياطين حتى تمكن منه وعذب روحه. لم يكن وحده لأن اخيه كان بجانبه طوال الحلم ، ويبدو انهم يشهدوا حقل تجارب تاريخي مرعب و حي. تمكنوا من الهرب بأعجوبة. حتى جائت الاجابات متتالية وهزلية. كان ذلك المكان هو "القطاع ٦٠" ! لكن صبرا، اليس ذلك شبيه عن المنطقة ٥١ الواقعة في الجزء الجانوبي من ولاية نيفادا، والتي عرف عنها انها قاعدة عسكرية مخفية من الخرائط الحديثة ويحدث بها ما يسمى بتجارب تحويل البشر الى خارقين ولكن اشباح!

هذا صحيح....

________________♧_______________

العجيب ان القطاع ٦٠ لم يكن بذلك القرب من ولاية نيفادا ولا في قارة امريكا اصلا. ان القطاع ٦٠ موجود في الجزء الشمالي من افريقيا، وتحديدا منطقة تشبه جبل المُقطم الشهير الواقع في القاهرة المحروسة. 

نعم كما سمعت، وذلك حدث عندما تمكن الكاهن الهروب هو واخيه من قبو الاشباح، وانكشفوا على اليابسة، فوجدو انفسهم على قمة ترابية على مرمى نظر اهرامات الجيزة و معمار اسلامي قديم... تبدلت الادوار بهم وبدا على ملاحهم الشيخوخة والاناقة. كانهم خرجوا للتو من نفق زمني مظلم وشاهدو شاب مرح انتابه الارتباك عندما انتبه لملاحهم. وكان ترافقه فتاة اكثر شبابا، طلب من الشيخان التقاط صورة له ورفيقته فلم يمانعوا. وحينها علق شريط الحلم وافاق صديقنا ممسكا صدره ، باهت البشرة محاولا الامساك بكل تفصيلة حدثت في ذلك الحلم كأنه كان ينتظر ذلك العرض. حضّر لنفسه الفطور في شرود وتجاهل ترتيب الفوضى في غرفت معيشته. يمضع الطعام ليس ليسهل هضمه وانما ليحلل سبب رؤيته ذلك الحلم في ذلك التوقيت من الشهر... وتابع مسايرة احداث اليوم الزاحفة. كلما يتذكر ان القطاع ٦٠ يتواجد في المُقطم ينتابه ضحك هستيري ويحاول نسيان ما حدث.


يتبع...


نور الدين