في يوم الثلاثاء من شهر أغسطس الماضي، شعرت برغبة عارمة في شراء قبعة من القش، تلك القبعات التي تزين رؤوس الصيادين في سواحل آسيا. كنت أظن أنني أختارها بوعي، و مدى فائدتها تحت شمس الخليج العربي الحارقة.
لكن باتت كلمة "الخليج" و"العربي" تحدثُ تمزيقاً داخلياً في أذني، كأنها تخترق السمع وتصل إلى أعماق الأذن الوسطى. أصبحت هذه الكلمات تثير فيّ انزعاجاً، يشبه ذلك الذي شعر به الغرب حينما عجز عن التفريق بين المسلمين والمتطرفين، فانهال عليهم بالهجوم.
رســـومات متحركة.
في أحد الأحلام، استيــقظُ مفزوعاً وكأنني أختنق، أمسك برقبتي بيدين مريرتين، كأنني رضيع يتخبط في محاولة يائسة للتنفس بينما يتناول الحليب من ثدي أمه. كانت هناك يد خفية تمد لي الحليب، وأخرى تخنقنــي. كم هو مرعب أن تدرك أن السمّ كان دائماً أحلى طعماً من رغيف خبز أو رشفة حليب. وأنك عشت مصاحبه طوال حياتك حتى أدركك الأربعون، يسكن مركز الأعصاب و يرقد بالدماغ.
كانت حياتي تدور حول حب البحر، رذاذه المنعش، ومذاق القهوة المثلجة، وموعد عرض الأفلام الهوليودية الجديدة. لكنني الآن، أشم رائحة عفن، يملأ الجو من حولي. عفن اليهود والهنود تملأ المحطات والمراكز التجارية(المولات) ، وحتى الشواطئ ودور السينما.... قريباً سيعرض فيلم جديد لكابتن أمريكا، بعنوان "صبرا"، كما صنعت زارا، مارفل تحتفي بمأساة "صبرا وشاتيلا" التي أودت بحياة 3500 فلسطيني ولبناني. آلاف الأدمغة والأرواح التي حملت حلم و مغزى و أمل! صاروا مفرقين ومبعثرين في الضواحي.
العرب الذين صاروا متصهينين، يطاردونني كلما مررت قرب مقهى ستاربكس. لكنه يبقى المكان الأكثر أماناً لتحدي المقاطعة دون شعور بالذنب، في الخليج، بين القبعات السوداء الطويلة أو الكيپوت (التي لا تُرى بالعين المجردة) ، والوجوه الحليقة والسوالف التي تتدلى خلف الآذان. تذكّرني بمسلسلات طائفيه، حيث الجهاديين الذين يختبئون بين الناس بوجوه ملساء حتى يحققوا انتصار دموي.
هناك قاعدة بسيطة ألتزم بها لأكون في أمان: الامر الذي يجب علي ملاحظته دوما، هي تلك القاعدة: لتكن بمأمن من المتاعب، افعل الآتي.....
- أختر دوما قُبعة او כִּיפּוֹת، واطلب قهوتك ببرود!
- غادر المنابر وساحات المساجد والكنائس فهي مستهدفة!
- لا تقاطع، لأن المجازر لن تتوقف، بل ستزداد قسوةً.
وأخيرًا، لا تنسَ أن تعلّم أطفالك فنون الخيانة والدياثة والكذب. كن لهم نموذجًا يحتذى به.