د. علي بانافع

     مرت عشرات السنين ونحن نسمع آباءنا وأمهاتنا واجدادنا وجداتنا يقولون - إن نقص شيء مما نحتاجه في العيد - يرددون على مسامعنا تلك العبارة التي تقول : (( العيد عيد العافية )). ونحن نقابل هذه العبارة بسخرية واستهزاء وعدم استشعار بحجم النعمة، وها نحن اليوم استشعرناها وعرفنا قدرها واعترفنا بها. 

     لا اعتقد أن لدى الأجيال الجديدة نفس الفرحة التي كُنَّا نشعر بها مع كسوة العيد، كانت كسوتنا مرتين في السنة واحدة في بداية العام الدراسي، والثانية في عيد الفطر السعيد، كانت كسوة العيد ضمن واحدة من الكسوتين ومعها "جزمة العيد" - التي هي غالبًا جزمة العام - إن لم يستجد في الأمور شيء يستدعي عمل نص نعل، ويسندها جزمة رياضية "كاوتش" الألعاب الأبيض من باتا المشهورة والمعروفة.

     لم نعتد مثل الأجيال الجديدة أن نشتري الملابس منجمة بأي وقت خارج أوقات أو مواسم الكسوة، ولذلك كانت فرحتنا كبيرة بكسوة العيد فذلك حدث لا يتكرر كثيرًا خاصة أنها ستبقى لنلبسها في عيد الاضحى المبارك.

     كانت الفرحة الأكبر بـ"جزمة العيد" نحتفظ بها في علبتها الكرتون البيضاء؛ ونفتحها كل حين لنشم رائحة الجلد المصبوغ ونتأمل بريقها الآخاذ، حتى إذا ما جاءت ليلة العيد أخرجناها من علبتها لزوم "التليين" ووضعنا فيها الشراب الجديد وربما باتت في حضن البعض منا.

     الشراء بأي وقت للملابس حتمًا لن يجعل لكسوة العيد نفس البهجة التي كانت قبل أن تدهسنا النزعة الاستهلاكية تحت عجلاتها.

     اللهم من علينا بالصحة والعافية واصرف عنا الاوبئة والامراض وسيء الاسقام. فعلا (( العيد عيد العافية )) لم تأتِ من فراغ وكل عام وأنتم بخير 🤲