Image title

 د. علي بانافع    

       أمريكا أرادت تفجيرات 9/11 ودبرتها ونفذتها، وصاحبة المصلحة الكبرى فيها، والمستفيد الأول من نتائجها، وإلا كيف نجح بوش الإبن في تنفيذ هذه الأهداف وتحقيق السيطرة وجني المكاسب على جميع الجبهات، ولنبدأ بأبسط المنجزات وأقلها أهمية في السيناريو العالمي الأهداف، وأعني به الأرباح التي حققتها الولايات المتحدة بتصدير أزمتها الاقتصادية، حل هذه الأزمة أو على الأقل تخفيف حدتها بالاسلوب التقليدي وهو "الحرب على العراق" لا أستطيع أن أعرف مدى مساهمة الحرب على العراق في انتعاش الاقتصاد الأمريكي، ولكن من المعتقد أن نسبة كبيرة من هذا الانتعاش تعود لهذه الحرب، وبهذا الاسلوب أعاد بوش الإبن العالم إلى صيغة القرن التاسع عشر في أقبح صوره، وتكون الولايات المتحدة قد قدمت للعالم أبشع صورة للنظام الرأسمالي، صورة وحشية لم تخطر ببال ماركسي ولا أقترحها كاتب شيوعي في أعنف سنوات النقد للرأسمالية، صورة الرأسمالية التي تستخدم الدولة في شن حرب هي في الحقيقة مقاولة بتدمير دولة وإعادة بنائها لحساب الشركات التي توجه سياسة الدولة الكبرى المتآمرة.

       والآن ترتفع أصوات اللوبي الصهيوني في مجلس الشيوخ الأمريكي، وللمرة الثانية للمطالبة بتعويضات للمتضررين من تفجيرات 9/11، في سباق محموم لاستهداف المملكة العربية السعودية، ولأول مرّة يرفض مجلس الشيوخ الأميركي فيتو لأوباما، ويصوّت بالأغلبية على قانون ملاحقة المملكة العربية السعودية قضائياً (97 صوتاً مقابل صوت واحد فقط مع أوباما) والمبالغ المتوقّع تحصيلها بموجب هذا القانون أرقام فلكية وغير مسبوقة في التاريخ، إذ ربما تصل إلى 3 ترليون دولار، وهذا يعني استعمار اقتصادي بغيض لثروات المملكة العربية السعودية لعقود طويلة؟!

     وهنا نتوقف قليلاً ونتأمل مرض الزهايمر الذي أصاب أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، فقبل شهور حملوا نظام الملالي في إيران تبعات تفجيرات 9/11، ويبدو أن تلك الطغمه من أعضاء مجلس الشيوخ تتخبط في ظلامياتها، فقد شاهدنا الكثير من المغالطات التي أوردها ضباط الاستخبارات الأمريكية، وتحليلاتهم للتفجيرات خاصة الطائرة التي استهدفت البنتاغون، والتي أجمع الخبراء المختصين أن ليس هناك دليل واحد على سقوط طائره على المبنى، بل كما يبدو صاروخ موجه لا أحد يعرف أسراره؟! في الوقت الذي أجمع مسؤولون في الجيش الأمريكي أن هناك تعتيما على أجهزة الرادارات أثناء الهجوم على برجي التجارة العالمي، حيث كان الرئيس الأرعن بوش الابن يناقش الطلاب الصغار حتى سحبه أحد أفراد حمايته؟!

     والحقيقة أن الإدارة الأمريكية وجدت في سعي السعوديه توطيد علاقاتها مع دول العالم وخاصة اصين واليابان وروسيا تهديد لمصالحها الاستعمارية في المنطقه لذا بادرت بالإيعاز لأعضاء في مجلس الشيوخ إثارة هذه الجريمة التي لم ترتكبها المملكة العربية السعوديه، بل قام بها أفراد مهووسين إن كانوا فعلا هم مدبري الاعتداء أو جهات مخابراتيه مرتبطة بالاستخبارات الأمريكية والتي حتى اليوم لم تحل لغز اغتيال كيندي في عز النهار؟!

     فإذا كان مرتكبي التفجير هم سعوديون رغم قيام المجرم جورج بوش الإبن باتهام العراق بالتورط في دعم الأفراد الذين زعمت أمريكا تورطهم في التفجير، هنا نطرح سؤالا مهما للإدارة الأمريكية التي حَمَّلَتْ السعوديه وزر التفجير -إن صدقوا- أليس من الأجدر الآن أن يثير العراق جرائم الاحتلال الأمريكي للعراق وتدمير بنيته التحتيه، وفتح المجال لقيام إيران المعاديه لاحتلال العراق وكأن العراق لم يكتفي باحتلال علوج الروم فابتلوه بعلوج الفرس؟! لنتساءل عمن أزهق أرواح أكثر من مليون شهيد ومن أهان كرامة الآف العراقيين والعراقيات في سجن أبوغريب؟! ومن هتك أعراض العوائل العراقيه وقتل أفرادها؟! أليسوا مواطنين مدنيين أمريكان بل جنود محترفين جاءت بهم أمريكا لتدمير العراق؟! من سيطالب بدماء وشرف عبير الجنابي وأرواح أسرتها الذين أعدمهم جنود أمريكا المتحضره والديمقراطية؟! من سيطالب بدماء الضحايا الذين حصدتهم رشاشات شركة بلاك ووتر للحماية؟! من سيطالب بالشهداء ال 23 الذين أعدمهم جندي أمريكي انتقاما لمقتل رفيقه بتفجير مركبته وعرض الجانب الأمريكي تعويضاً وقدره 2000 دولار لكل شهيد؟! فما أرخص دمك أيها العراقي المبتلى بالاحتلال وأعوانه؟!

     الآن وقد فُتحت أبواب مجلس الشيوخ الأمريكي ليُعلن قراره بأن يطالب ذوي الضحايا حكومة المملكة العربية السعودية بتعويضات عن قتلاهم بينما أكثر من مليون ضحيه عراقي أزهقت أرواحهم ظلماً وعدواناً لا يجدون من يطالب بثمن دمائهم؟! إن مرر الكونجرس (بمجلسيه الشيوخ والنواب) هذه المطالبة الخطيره فمن حق ذوي ضحايا هيروشيما وناجازاكي والكوريين والفيتناميين والأفغان والصوماليين أن يطالبوا الحكومة الأمريكية بتعويضات ستتجاوز التريليونات؟! خصوصاً في ظل تصريح المرشح الرئاسي دونالد ترامب عن فرض أتاوات على الدول الخليجية المحتمية بالمظلّة الأمريكية، وهذا ليس كلاماً انتخابياً يقوله ترامب لكسب الأصوات، بل هو سياسة أمريكية ستغدو علنيةً قريباً، بغض النظر عن اسم النزيل الجديد للبيت الأبيض.

     إذن على الإدارة الأمريكية -بمجلس شيوخها وكونجرسها العتيد- أن لا تلعب بالنار لأن النار ستحرقها، والسحر سينقلب على الساحر؟! فيا أيها الأمريكان أليس بينكم رجل رشيد يتخلى عن أساليب رعاة البقر؟!