و يبدو أن ليوناردو لم يكتف بمشاهدة الطبيعة و الناس مشاهدة دقيقة ، ومن عدة أبعاد - أي مشاهدة موجهة - و إنما كان يشاهد أيضاً ، و يلاحظ منذ طفولته اللوحات الفنية و أعمال التصوير و النحت ، التي كانت منتشرة في بيت أبيه من جهة ، و في كافة أرجاء المدينة و ايطاليا من جهة أخرى .
حينما رأى الأب أن ابنه ليوناردو الطفل ينغمس في أعمال التصوير و الرسم و النحت و محاكاة الطبيعة و تقليد الأعمال الفنية للآخرين وجد أن خير طريق لابنه هو أن يتجه في هذا الاتجاه الذي يميل إليه و الذي يأخذ معظم وقته .
حينئذ جمع الأب نماذج من أعمال ابنه و عرضها على أندريا ديلفيروكيو الصائغ المشهور و المصور و النحات و المعماري و الموسيقي ، و رأى أن ليوناردو من خلال أعماله، أنه نابغة بين أقرانه . و قد التحق بمرسم هذا الأستاذ عام 1464، أي حينما كان يبلغ الثانية عشر من عمره .
و تدرج دافينشي في السلم الفني و اكتسب طريقة و أسلوب أستاذه في كثير من الأعمال الفنية و تلقى نقده و توجيهاته ، حتى أصبح بعد ذلك كبير المساعدين بمرسم فيروكيو و رئيس قسم التصوير بالمرسم .
و لقد ذكر ليوناردو فيما بعد أن عمله ضمن مجموعة من الناشئين تحت إشراف الأستاذ فيروكيو هو أفضل بكثير مما لو كان قد عمل منفرداً .
حصل ليوناردو عام 1472 على عضوية جمعية سان لوكا ( نقابة الفنانين الفلورنسين ) و أتاحت له تلك العضوية الاتصال بغيره من الفنانين و مشاهدة و نقل و تحليل و نقد الفنانين لأعماله .
و في مرحلة الشباب استطاع ليوناردو أن ينفِّذ و يُصمم الكثير من الأعمال الفنية منها صورة العذراء و الصخر ، و آنية الزهور ، و صورة السيدة و الطفل و صورة البشرى و صورة الملاك ، و صورة لوحش جرافي ، و قد أجمع ناقدو الفن على أن هذه الأعمال لليوناردو متأثرة في كثير من تفاصيلها و جزئياتها و أسلوبها و طريقة إعدادها بمنهج أستاذه فيروكيو .