المرشحة الأمريكية هيلاري كلينتون وقبل بدء أولى عمليات الإقتراع التمهيدية في ولاية ( ايوا ) للترشح للرئاسة الأمريكية, فاجأها خصومها بإعادة طرح قضية استخدامها لبريد إلكتروني خاص في مراسلاتها عندما كانت وزيرة للخارجية الامريكية وبدأو في ترديد شعارات مثيرة منها ( كيف نثق في مرشح لا يعلم سرية وأهمية ارشفة المراسلات البريدية للمسؤولين ) ورغم إدعاء كلينتون استعدادها لإطلاع الجميع على المراسلات وفق آلية يوافق عليها الكونجرس إلا ان خصومها وجدوها فرصة في إشعال القضية عند كل جولة إنتخابية أو تفوق جزئي لها في بعض الولايات.

التسويق عبر المؤثرين في مواقع التواصل الإجتماعي يعتبر إسلوب تسويقي ناجح متى ما كانت الحملة تعتمد على معطيات منها نوعية الجمهور المستهدف, فاعلية المؤثرين, والمحتوى لهذه الحملة وذلك لكي تستطيع قياس أو التنبؤ لردة فعل الجمهور المستهدف قبل البدء بالحملة حتى يكون هناك مجال لتدارك بعض الأخطاء أو تفعيل قنوات ومحتوى مغاير. الحملة الدعائية عندما تبدأ يصبح التراجع عنها اكثر ضرراً على الشركة أو المنتج. وكما أسلفنا أن في الحملات الإنتخابية يعتبر المرشح هدفاً من قبل أضداده ولذلك عليه أن يبدأ الحملة دون وجود أمور سابقة تضره ويعود لها كارهوه لكي يعيدو نشرها كما يحدث مع المرشحة هيلاري كلينتون.

في موقع التواصل الشهير تويتر يدور جدل كبير حول الحملة الإنتخابية للمرشح عجلان العجلان في إنتخابات الغرفة التجارية في الرياض. حيث بدأت حملة تسويقية مكثفة للترويج للمرشح عجلان العجلان وبرنامجه الإنتخابي واستخدم في الحملة جملة من المؤثرين في مواقع التواصل من مشائخ دين ورجال إعلام ومشاهير. ورغم كثافة الحملة وتنوع محتواها إلا ان الأمور أظهرت عكس مايريده مسوقو الحملة. وفي رأيي المتواضع هناك جملة من الأخطاء التي وقعوا فيها:

1- التسويق المكثف عبر قنوات التواصل ( تويتر , يوتيوب , إنستقرام , فيس بوك ) بينما الواقع يقول أن انتخابات الغرفة التجارية لا تهم شريحة كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل وخصوصاً فئة الشباب لأن الصورة النمطية في ذهن المتلقي أن الغرف التجارية والإنتخابات البلدية مازالت غير فاعلة في بناء المجتمع وتقديم خدمات تسهم في تطويره وتحقيق تطلعات أبناءه. وسواء اتفقنا أو إختلفنا مع هذه الصورة النمطية إلا أنها واقعية. فعدد كبير من الشباب لا يلقي بالاً لحملات إنتخابات الغرف التجارية ويكفي ان نعرف الجدل الذي حدث قبل سنوات حول مطالبة بعض أعضاء الغرف بإلغاء الإنتخابات والإكتفاء بالتعيين فقط نظراً لقلة التفاعل وغياب ثقافة الإنتخابات. لذلك كان الأجدى أن تكون الحملة مركزة على أهداف المرشح وبرنامجه الإنتخابي بصورة مبسطة دون الحاجة لهذا العدد من المؤثرين وكثافة النشر في غالبية برامج التواصل الإجتماعي.

2- ماحدث لهيلاري كلينتون تكرر بصورة أو أخرى مع المرشح عجلان العجلان وإن كنت أرى أن الهجوم المضاد واستحضار ماضي المرشح لم يكن هدفه الحاق خسائر وانتصار مرشح آخر بقدر ماهي وجهة نظر أشخاص يعتقدون ان المرشح كانت له قضايا أضرت بشباب الوطن ( قضية مان ديفان الشهيرة ) وانه لا يستحق الترشح لمنصب قد يكون له اسهامات في اقتصاد البلد. فإذا كانت لك قضايا سابقة اختلف حولها الناس حتى ولو كنت انت على الجانب الصحيح من القضيةيجب ان يتم التسويق لبرنامجك وفق إطار محدد وفي قنوات لايكون فيه ردة فعل مباشرة للجمهور. مثلاً عمل دعاية في قنوات تلفزيونية بحيث تكون ردة فعل الجمهور المخالف أقل حدة وضرر أو التوجه للصحف, على العكس من إختيار مواقع التواصل التي يكون فيها ردة الفعل مباشرة وسريعة من خلال التفاعل مع الشخص المؤثر. وهنا يكون كل شخص له القدرة على التقييم وطرح رأيه وبسرعة يتكون رأي مضاد وتبدأ حملات ضدية يكون تأثيرها سلبي وبدلاً من أن تكون الحملة تروج للمرشح وبرنامجه الإنتخابي, يصبح قائدو الحملة في وضعية الدفاع عن المرشح ومواجهة الردود السلبية بشقيها الحقيقي والمختلق.وهنا يسهل على المنافسين ضرب الحملة الانتخابية لهذا الشخص وإلحاق الضرر بها.

3-أختيار المؤثرين في مواقع التواصل وخصوصاً تويتر لم يكن مدروساُ نظراً لعشوائيةإختيار اصحاب الحسابات المؤثرة وتنوعها مابين دين,إعلام, ومشاهير الإعلام الجديد. وهنا نستطيع القول أن الجمهور المستهدف هو من يحدد إختيارك للمؤثرين ونوعية المحتوى. والذي يظهر أن الحملة إعتمدت على الإنتشار ومحاولة الوصول لكافة أطياف المجتمع وفئاته بينما الواقع يقول أن الحملة الإنتخابية لغرفة تجارية لا تستحق كل هذا الحشد وكان الاجدى أن يتم اختيار بعض المؤثرين الذين لديهم متابعون ولهم إهتماماتهم في في مواضيع الإقتصاد وريادة الأعمال والتجارة بشكل عام. ولو أردنا أن نطرح بعض الأسماء لقلنا عصام الزامل, برجس البرجس, خالد البواردي, وبعض الحسابات المهتمة بهذا الجانب سواء صحف أو حسابات فاعلة في الإقتصاد.بينما من تم إختياره هم مشاهير مواقع التواصل ( فراس بقنة, نواف وحسابه المشهور آخر مداك  " غالبية متابعينهم شباب وليس لديهم اطلاع أو اهتمام في مواضيع الغرف التجارية, محمد الفهيد, عبدالرحمن الخضيري " من قناة بداية و90% من جماهيرهم من فئة المراهقين"  وغيرهم من المشاهير الذين يملكون عدد كبير من المتابعين لكنهم ليسو مستهدفين في هذه الحملة ( مع كامل المحبة والتقدير وهنا أطرح الأسماء بمعزل عن موضوع مع او ضد ). وهنا لا نقول أن الإستهداف كان كله خاطئ ولكن محاولة الإنتشار الكثيف والوصول إلى كل الفئات جعل من اسم المرشح حديث الناس وبالتالي استعادت الناس الملفات القديمة وهي مالم تكن في صالح المرشح ولا حملته الإنتخابية خصوصاُ وان قضية " مان ديفان " أضرت ببعض المواطنين كما يقول مخالفي المرشح بينما برنامجه الإنتخابي يدعوا لتمكين الشباب ودعمهم في قطاع الأعمال ودعم الأسر المنتجة.

4- للأسف ان مع تزايد الأصوات ضد المرشح واستحضار قضية مان ديفان عادت القضية للواجهة ونجح أضداد الحملة من نشر أخبار تدعم موقفهم في القضية, بينما نجد أن مسوقوا الحملة وقفوا موقف المتفرج بل ربما اعتمدوا على مبدأ التجاهل حتى تهدأ هذه الأصوات ولكن هذه الإستراتيجية أصبحت غير فاعلة في مواقع التواصل التي أصبحت تقود ولا تُقاد والكل يستطيع قراءة جميع الأخبار ويكون له رأي وإتجاه وهذا ماحصل. لا ننكر أننا في مجتمع عاطفي وتغلب عليه الصبغة الدينية وبالتالي عدد كبير من الناس لديه استعداد للوقوف مع الطرف المظلوم. ولو أدرك مسوقو الحملة هذا الجانب لقاموا بإخراج بيان أو نشر خبر في حسابات الداعمين يتم صياغته بشكل إحترافي يكون على قدر من المسؤولية ويظهروا رأي الجهات القانونية في قضية المرشح مع متضرري " مان ديفان " حيث قرأت في بعض ردود داعمي الحملة أن القضية أنتهت لصالح المرشح ضد المتضررين عبر ديوان المظالم وأن الحكم القضائي الذي انتشر في تويتر إنما هو عبارة عن حكم مبدئ من الجهات القانونية. وبمعزل عن كل هذا, شاهدنا أن المرشح تواصل عبر الرسائل الخاصة مع أحد منتقديه ومهدداً بشكوى قانونية ضده. بينما كان الاولى أن يتجنب الدخول في مثل هذه الصراعات ويكون الرد عبر بيان مختصر موضحاً فيه رأي الجهات القانونية.ونظراً لعدم الإلمام بجمهور مواقع التواصل الإجتماعي الذي كان له صوت قوي ضد الحملة مما أجبر أهم الحسابات المؤثرة على التراجع عن دعم الحملة والإعتذار لمتضرري قضية " مان ديفان "


أخيراً بقي أن نقول أن التسويق عبارة عن خطة تسويقية تعتمد على أبحاث وقراءة السوق المستهدف وطريقة استهداف للجمهور وفق آليات يتم اختيارها بعناية للوصول للهدف المنشود. وماحصل في حملة المرشح عجلان العجلان عبارة عن محاولة إنتشار بشكل مكثف دون الإعتماد على النوعية. رغم يقيني أن الحملة أغفلت جانب مهم وهو توعية الجمهور المستهدف بأهمية هذه الإنتخابات وماذا يمكن أن تقدم له وللبلد وكيف يكون دوره فاعلاً في اختيار المرشح. أيضاً كان الأولى أن تكون الحملة التسويقية متدرجة وبعيدة عن سياسة الإغراق بحيث تبدأ الحملة بتعريف الجمهور بمهاية الغرف التجارية ودورها ومالذي يمكن أن تقدمه للمواطن وفق إطار زمني يتبعه إدخال إسم المرشح تدريجياً ويعلن عن برنامجه عبر عدد معين من المؤثرين الذين يحضون بقيمة ولديهم متابعون يميلون إلى الفئة المستهدفة للمرشح.الأمر الذي لا أستطيع أن أفهمه, لمذا كل هذه الحملة المكثفة في تويتر رغم قلة المنافسين أو على الأقل لم تكن لهم حملات دعائية تستدعي كل هذا الكم الهائل من الإعلانات عبر حسابات المؤثرين.