الأساطير

الأساطير هي مجموعة من المعتقدات و القصص الخرافية التي ابتدعها الإنسان في عصوره الأولى تفسيراً لبعض الظواهر التي تخفى عليه أمرها, حيث لم تكن بدائيته تساعده على تفهم كنهها.

أسرار عديدة تخلق أساطير

ما هو المعنى الذي كان لمظاهر الطبيعة بالنسبة إلى تفكير الرجل البدائي؟

مثل تعاقب الليل و النهار, و تتابع فصول السنة, و العواصف, و الفيضانات,و الرعد, و الصواعق, و ثورات البراكين... إلخ.

مما لا شك فيه أن منها ما كان يستثير إعجابه و دهشته كتتابع فصول السنة, و منها ما كان يرهبه و يثير فيه فزعاً هائلاً مثل الزوابع و الفيضانات.

لنتخيل تصرفات هذا الإنسان في ليلة من الليالي العاصفة , حين تُبرق السماء فوق الحقول, و هو قابع في أعماق كهفه المظلم يرتعد خوفاً خشية انقضاض الصاعقة عليه في أي لحظة فتهلكه.

بلا شك مع هذا الخوف و الذهول, كان يراوده حب استطلاع كنهها. فكان يتساءل عن أسباب هبوب العواصف, و لماذا تشق السماء سهام مضيئة؟ و لماذا تحرق النار و تلتهم كل شيء؟....و تساؤلات أخرى من هذا القبيل تلاحقه و تستثير فضوله.

أساطير القوى الروحية

في وقتنا الحاضر لم تعد مظاهر الطبيعة غامضة بالنسبة للإنسان, فقد أتاح له التقدم العلمي التعرف على أسبابها و على الأسباب التي تثيرها, و ذلك بأسلوب منطقي, و أصبح ينظر اليها الآن كمظاهر طبيعية و عادية.

أما الإنسان الأول فنظراً لجهله, فقد كان يردها إلى تأثير قوى غير منظورة و لا مرئية سيطرت روحها على الطبيعة بأكملها, فأخذ يتصور أن الصواعق و الرياح و الأعاصير ما هي إلا أرواح شريرة تحيط به من كل جانب.

هذه المعتقدات يُطلق عليها اسم ( القوى الروحية ) و حتى يومنا هذا لا تزال توجد جماعات من الشعوب تؤمن بها.

كائنات خارقة للطبيعة

في العصور القديمة حاولت أكثر الشعوب حضارة ( مثل المصريين و الفنيقيين و الآشوريين و البابليين ) تفسير هذه الظواهر الطبيعية , و نظراً لأنهم كانوا أكثر تقدماً بالقياس إلى الإنسان في عصور ما قبل التاريخ , اجتهدوا في معرفة أسباب الظواهر الغريبة التي كانوا يشاهدونها في الطبيعة.

 لكن معلومات تلك الشعوب لم تستطع التوصل إلى الاكتشافات الحديثة في مجال الفيزياء التي كشفت لنا الكثير.

و نظراً للنزعة الدينية, فقد اعتقد الإنسان في العصور القديمة أن الرعد و الفيضانات و غيرها - و لعدم وجود تفسير علمي لها - أنها كانت تثيرها آلهة أو جان تعبيراً عن السخط و الغضب.

تعددت الآلهة بقدر تعدد هذه الظاهر الغامضة و سكنت السماء, فأطلق عليها اليونانيون آلهة:-

  •  الأوليمبوس نسبة إلى جبال الأولمب .
  • و أمبيري نسبة إلى المكان الذي يسكنونه في السماء.
  • و ولهالا لدى الشعوب الإسكندنافية.

و في الواقع فإن القدماء كانوا يمجدون الآلهة و يبجلونها, و يشيدون لبعضها المعابد الفخمة.

أوجه الشبه بين الآلهة و الإنسان

من الطبيعي أن نتساءل: على أية صورة كان القدماء يتصورون الآلهة؟

إذا كان الله سبحانه و تعالى قد خلق الإنسان على صورته, فمن البديهي أن يبتدع الإنسان هو الآخر الآلهة على شاكلته ليس من حيث المظهر فحسب , بل أيضاً من حيث الطباع و السلوك, أو حتى العيوب و الرذائل ذات الطابع الإنساني. و كان يقصد من ذلك:-

  •  أن تكون قريبة منه.
  • من جهة أخرى الإعتراف لها بالقدرة على تنظيم كل الحياة الإنسانية و محاولة الفوز برضائها, و كان يناجيها و يخاطبها تارة بخشوع و رهبة,و تارة بلا تكلف.

كيف تكونت الأساطير

لم تكن الآلهة التي ابتدعها خيال الإنسان في العصور القديمة على مستوى واحد, فأهمها الآلهة الكبرى , و هي التي تمثل قوى الطبيعة التي تحيط بعالمنا مثل الأرض, و الماء, و الهواء, و النار.

و قد تغنى الشعراء بخيالهم الخصب بالآلهة, و نسجوا حولها عدداً لا يحصى من الأساطير التي لا يخلو بعضها من المنطق بغية تفسير معالم الحياة و العالم.

ومن السهل إدراك مفهوم الأساطير التي أحاطت بأهم الآلهة, و ما تنطوي عليه من رمز و مغزى.

 

المصدر: المجلد رقم2 من مجلة المعرفة العدد رقم 13 بتاريخ 24/6/1971.

رابط التدوينة