" لم ينته ِ الأمر بعد ، ما زال هناك تسعين دقيقة أخري ، برشلونة تقدم كرة قدم ممتعة ونحن كذلك ، بإمكاننا إحراز أهداف خصوصاً في غياب بيكيه ، ماتيو يتميز بالبطء في الحركة وماسكيرانو كذلك ، " نني " ستشارك اليوم أساسياً ، بوسعك أن تؤدي جيداً في مركز ال Box to box ، ستتبادل أنت وفلاميني مراقبة إنييستا وراكيتيتش ، أما ميسي ف .... " ، بهذه العبارات بدأ أرسين فينجير ربان سفينة لندن المخروقة محاضرته الفنية قبيل مباراة العودة أمام برشلونة ، ميسي وسواريز ونيمار لا يرحمون ، أهداف فأهداف ثم أهداف علي أن تتبعها أهداف ، بغض النظر بالطبع عن رسام اسبانيا انييستا وايفان الرهيب و بوسكيتس الشوكة العتيدة في حلق صناع الالعاب و التركي القادم من الاتليتي والبقية ،، 
لم يخطر ببال الشاب المصري ذي الأربعة وعشرين عاماً أنه سيواجه يوماً فريقاً كهذا ، انحصرت أمانيه يوماً في ملاقاة فريق المدرسة الأخري والفوز عليه ، ظل أسبوعاً يحكي لوالدته وأصدقائه كيف تمكن من استخلاص الكرة من صانع ألعاب فريق مدرسة " ..... " ثم راوغ لاعبين وأسكنها قوية علي يمين الحارس ومن ثم فاز فريق مدرسته ببطولة " بيبسي " للمدارس ورفع هو الكأس ،،

لم يخطر أنه سيجلس يوماً ما برفقة عازف الليل أوزيل وساحر تشيلي سانشيز واسطورة لندن تشيك ويتبادل معهم الضحكات والصور الشخصية ، لم يتخيل كذلك أن يطلب منه مدربه مراقبة اندرياس انييستا وايفان راكيتيش واردا توران والتصدي لغزوات البرغوث ميسي المتتالية ، وهو الذي لبث دهراً يخطط لمراقبة " شيكابالا " و " عبد الله السعيد " حين لعب ضد قطبي الكرة المصرية ، ومشاركة الكرة مع " علاء كمال " و " موسي كابيرو " والذود عن مرمي " محمد العقباوي " ..

وصلت بهم الحافلة إلي ملعب المباراة الكامب نو معقل فريق برشلونة ، خطرت علي باله الأرض المتربة الواسعة التي اعتاد اللعب بها مع أقرانه في طفولته ، واليوم استبدلتها يد القدر باستاد واسع عريض أخضر يتسع للالاف الذين يهتفون باسمك لو أنجزت ،، حذاء ذهبي فاخر ، يذكر جيداً حذائه الكاوتشوك الأبيض " باتا " الذي وعده أبوه باقتنائه ولم يقدر فاضطُر إلي العمل في أجازة الصيف كي يتمكن من شرائه ، يأمرهم المدرب بالنزول إلي أرضية الملعب لإجراء عمليات الإحماء ، سيلاقي برشلونة ، نعم ، ليس ثمة خداع في الأمر ،، واجه العام الماضي كبير أوروبا الملكي الريال ولعب ضد كرويف البلقان مودريتش وجري قبالة زيدان الصغير ايسكو واستخلص الكرة من السيد رونالدو ، واليوم يواجه سادة اوروبا والعالم والمجرة لو ارادوا ابناء كتالونيا ..

المباراة علي وشك البدء ، يذكره اوزيل بتلاوة الفاتحة ، الكرة عند نقطة المنتصف ، ويلبيك وسانشيز يفتتحان اللعب ، ويلبيك يمررها إليه ، سقط قلبه بين قدميه حين رأي سفاح منتفيديو سواريز يقترب منه محاولاً قطع الكرة ، مررها إلي هكتور بيليرين علي اليمين ، اوزيل يسدد كرة بجوار القائم ، نعم بإمكانهم التسجيل إذا سنح الحظ ، سانشيز ومسعود وحتي الاسمر القادم من مانشستر بوسعهم ان يسجلوا ، دفاع برشلونة يمارس هوايته المعتادة في جذب هجوم المنافس إلي منطقة الجزاء ، لتخفيف الكثافة في وسط الميدان كي يخلو الجو للسحرة ميسي ونيمار ، 
فرصة للنني ، يتردد قليلا ً ثم يسددها بجوار القائم الايمن كذلك ، بوسيكيتس وراكيتيتش وانييستا هم من قاموا بالضغط عليه ويا للأيام ،، الفريق يحاول ، بامكانه التسجيل نعم ، ميسي ونيمار خطران كالعادة ، سواريز يتقدم يمررها إلي نيمار ، هيكتور بيليرن جاء متأخراً وجابرييل يفسح المجال ، نيمار يسددها في الزاوية اليسري ، الأول للكتالان ، المهمة تزداد تعقيداً ، صار من الواجب عليهم ان يحرزوا ثلاثية مع الاخذ في الاعتبار ان ثلاثي برشلونة لن يلتزم الصمت حتي وان احرز دستة اهداف .. انتهي الشوط الاول بهدف نيمار ،، ربما صار الامل ضئيلاً ولكن لا ضير في استمرار المحاولات ،،
الدفاع الاسباني يمرر كالعادة فوق العادة ، تصل الكرة الي هيكتور بيليرين ، يمررها الي اليكسس سانشيز ، يلمح النني علي مشارف صندوق العمليات فيمررها اليه ، التدفق السمبثاوي علي اشده ، ها هي الكرة تلوح له علي مشارف المرمي فلم لا يفعلها ؟ فعلها ، أسكنها بباطن يمناه في الزاوية التي يقطنها الشيطان ، لم يتمكن الالماني الطموح تير شتيجن من صدها ولا حتي لمسها ، هدف ، نعم هدف ، أحرز هدفاً في الفريق الافضل في العالم ، أن يسجل فريقه هدفاً كان أمراً عسيراً فما بالك أن يفعل هو ؟ .. نعم هدف ، وأي هدف ؟! ، تذكر هدفاً أخراً مشابهاً أحرزه في نادي الزمالك وصيف الكرة المصرية الاوحد اثناء موسم 2011 ، اسكنها علي يمين حارسهم الاسطوري عبد الواحد السيد ، ظل اسبوعاً او اسبوعين يحتفل به ، هنأه الأقارب والجيران والأصدقاء ، لم ينم ليلتها ولا بعد ليلتها ، كان يحدث نفسه ويقول " أحرزت هدفاً في مرمي الزمالك " ، واليوم يفعلها في مرمي سادة الكرة ..! تشجع كثيراً ، صارت قدماه أكثر ثباتاً ورسوخاه ، دقة تمرير هائلة 93% تكاد تقترب من ارقام ملوك التمرير الونسو وكروس ، استخلاص للكرة ، ركض بمعدل اثني عشر كيلومتر ، الأمر رائع جداً ، الفتي المصري القادم من المحلة ، الذي اعتاد اللعب في الشوارع والازقة والزراعات حافي القدمين ، الفتي النحيل الذي استقل القطار المتجه الي القاهرة كي يلتحق باختبارات النادي الاهلي فاعتذر له المسؤولون بان الباب اقد اغلق وعندما اخبرهم بانه مغترب ويجب عليه ان يستقل قطاراً بضع ساعات طوال كي يصل الي القاهرة وانه لن يستطيع المجيء غدا قيل له : " يبقي خلاص راحت عليك " ..! 
" لا مراحتش يا كابتن " هكذا خاطب نفسه ،، نعم مُني فريقه بهدفين اخرين أحرزهما سواريز وميسي ، ولكن لا يهم ، لا أحد ينجو من برشلونة ، حالياً علي الأقل ، ما يهم ّ هو أن طريقاً اخر قد بدا له منذ اصبح مدفعجياً في الشتاء الماضي ، وعليه أن يخطو بكل قوة ..!