خ
خالد دومه

روائي وكاتب مقال

مدة القراءة: 3 دقائق

إشراقة نفس

حين تقرأ إنسان, وتتغافل عن مواجهة ما يدور في نفسه, من أهوال, فلا بد أن يبدو عليك شيء من السكينة, في نظراتك, فلا تكن ضعيف النفس, وتجعل تلك النظرات, تخبر بما يجيش به صدرك, لا ترفع عنك الغطاء, لا تجاهر بما يؤذيك منهم, يتلف روحك, فأينما تكون, سوف تلقى ما يحاول أن يهدمك, لا لشيء إلا لأنك لا تجيد فنون التحول, والتخفي والنفاق, لك وجه واحد, وقلب واحد, في سباقك نحو الحياة لا تجعلهم ينسونك, ما لقنته إياك المباديء, التي عشت سنوات تنادي بها, وتدعو إليها, إنك قد تواجه أضرار بالغة, ولكنها تهون, حين يهون كل شيء, من أجل الحق الذي يسكنك, وينبت فيك, ستعلو أصواتهم في وجهك, تدعي! فلا تهاب من أصواتهم, فهو غثاء, فرقعات يكمن بداخلها عمالقة هشة ضعيفة, ما عليك إلا أن تتجاهل ما يصرخون به, فتميت فيهم الباطل المغرور, ظنونهم السيئة, لا تتوقف, أذهب بعيداً, ولا تتحول إليهم, لا تنظر في وجوهم, ولا تلقي لهم بالاً, أقتلهم بالصمت, بالتجاهل, بالتغافل عما يصنعون, هم يريدو منك أن يلهوك, أن تتعثر في الطريق, يلقون أقذارهم وأحجار ألسنتهم, لكنك لا تبالي ما يفعلون, إن الكلمات الجارحة التي يحملها الهواء إلى مسامعك, إنما هي عصارة الخسة, الكامنة في صدورهم, لا تلتفت, وأكمل مسيرك نحو الحياة, التي تريد.. إن تخاذلت! ساعدتهم في أن يهدموك, أيديهم تحمل المعاول, وتستعد للإجهاز عليك, لكنهم يريدونك أن تنظر إليهم, حتى يبدو كأنهم يردون طعناتك التي يتوهمون, لن تستطيع الصمود أمام زيفهم, أمام صدأ عقولهم, إن تاهت منك حكمتك في أن تبتذل عقلك, أمام جهلهم, الذي يبنون له معابد, ويطوفون حوله, بطقوسهم المنفرة, إن الحرب دائرة مستمرة, ولكنهم أعداد غفيرة, لا تحترم منطق, ولا تسعى لإصلاح, فهم خواء من كل ما يصلح, ومن كل منطق, يساعد الإنسان على تخطي الإزمات, أن يتحرر. أن تسير خير لك من أن تقف عاجزا, أمام منطقهم الذي يخلو من كل منطق, إن فرارك ليس هروباً, من مواجهة عادلة, من حرب متكافئة, من نزاع حول منطق يسوقه عقل رشيد, من إختلاف لا يورث ضغينة, إنك تفر من طوفان, لا يفرق بين صغير وكبير, بين عاقل وغافل, بين رجل وامراة, بين صبي وشيخ مسن, هو لا يرى, يخلف خراباً عميقاً كبيراً, يحتاج إلى سنوات؛ حتى نصلح ما أفسد جيل وخطا به خطوات واسعة نحو الشقاء, لا بد أن نرفع ما خلفه من حطام, نمهد الأرض من جديد, نحمل فوق عواتقنا طيناً مهولاً, نلقي به بعيداً, نغرس الأشجار على جانبات الطريق, نظلل البيوت والنفوس, من الهجير, من حرارة شديدة, تحرق جلود النشأ الجديد, نروي الشجر بماء الدموع, بالعرق المتساقط, من عمل متواصل, ثم نبذر الأرض ببذور المحبة, بالرحمة, نتهيأ لفتح صفحات جديدة, نسطر في الصفحة الأولى, مباديء عهد جديد, ودنيا غير الدنيا, التي رحلت, يتعلم منها الإنسان, لا بد أن يتعلم, يراجع عهده القديم, يتلافى الكسور, يشيد من جديد عالماً أخر, ينضج على مهل, أنت على الطريق, لا تقول, لماذا؟ أنا وأنت بداية جيل حكيم, أنت السطر الأول في العهد الجديد, وسيأتي ألف عهد جديد, بداية ضوء, يشرق في النفوس, يضيء العالم, من داخل الإنسان, يمحو النكتة السوداء التي تولد معه, فتكبر ثم تكبر, تأكل جسده, فتمحو النور في داخله, يحل مكانه ضباب يظلم, فلا تتكشف له الأشياء, يظل يتخبط ويموت, في نهاية الأمر, بتلك المحرقة, أقولها لك, في وضوح, في صراحة تامة, لا تتراجع, لا تتخاذل, لا تتنازل عن كسب القضية, عن مساندة الحق, عن نشر الشعاع, المنبعث من داخلك, فلا تجعلهم يطفئوه, ستأثم ستضيع, ستفقد نفسك في زحامهم, إن تراجعت....  


خ
خالد دومه

روائي وكاتب مقال

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات