بيان:هذا المبحث مستفاد من كتاب(النشر في القراءات العشر)للإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى.
والبسملة أول آية من سورة الفاتحة، وهي جزء من آية في سورة النمل كما قال تعالى(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
أجمع القراء على البسملة في أوَّل سورة الفاتحة سواءً ابتدأ بها القارئ أو وصلها بسورة الناس.
وكانت سورة الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وكانت سورة براءة من أواخر ما أنزل من القرآن، قال فكانت قصتها شبيهاً بقصتها فظننا أنها منها وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتها في السبع الطوال». أي أن النبي لم يبين لهم من شأنها شيءًا، وكانت قصتها تشبه قصة سورة الأنفال، فلم يكتبوا بينهما: بسم الله الرحمن الرحيم، واختار هذا القول الطحاوي وصححه ابن عربي. وقيل: إن ذلك من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قوم عهد، فإذا أرادوا نقضه كتبوا كتابًا ولم يكتبوا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، فلما نزلت سورة براءة بنقض العهد الذي كان بين الرسول وبين المشركين بعث النبي علي بن أبي طالب فقرأها عليهم في الموسم ولم يبسمل على ما جرت به عادتهم. وقيل: لأن بسم الله الرحمن الرحيم رحمة وبراءة سخط، قال عبد الله بن عباس: «سألت علي بن أبي طالب: لم لم يكتب في براءة "بسم الله الرحمن الرحيم"، قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان». وقيل: تركت التسمية إعظامًا لبسم الله الرحمن الرحيم من خطاب المشركين. وقيل: لأنهم اختلفوا هل هما سورتان أو سورة واحدة، فتركت بينهما فرجة لقول من قال إنهما سورتان، وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال إنهما سورة واحدة، فرضي الفريقان، وثبت حجتهما في المصحف. وقال القرطبي: «والصحيح أن التسمية لم تكتب لأن جبريل عليه السلام لم ينزل بها في هذه السورة، قاله القشيري».
وأجمع القرَّاء على ترك البسملة في أوَّل سورة براءة، سواء ابتدأ بها أو وصلها بسورة الأنفال.
وكذلك اتفقوا على البسملة في ابتداء كل سورة غير براءة.
أما الابتداء بالأجزاء فالقارئ بعد الاستعاذة مخير إن شاء بسمل بعد الاستعاذة وإن شاء اقتصر على الاستعاذة.
أما الوصل بين السورتين والفصل بينهما بسكتة لطيفة دون تنفس والبسملة بينهما وتركها، فالقراء اختلفوا في ذلك.
أما بين كل سورتين غير الفاتحة فلم يرد عنهم نص بالبسملة، ولكن يبسملون على سبيل الاستحباب.
وأما الوصل والفصل فحمزة يصل بين كل سورتين، وورش وأبو عمرو وابن عامر اختلف عنهم في الوصل والفصل، وعلى هذا يكون لمن يبسمل بين كل سورتين قولًا واحدًا وهم: ابن كثير وعاصم والكسائي وقالون وورش، وإن كان له خلاف في البسملة ثلاث أوجه: وصل الطرفين مع البسملة، وقطع الطرفين مع البسملة وقطع الطرف الأول، ووصل الطرف الثاني مع البسملة. باقي القراء وهم: ورش وأبو عمرو وابن عامر لهم خمسة أوجه: هذه الثلاثة، بالإضافة لوصل الطرفين مع عدم البسملة، وقطع الطرفين مع عدم البسملة، والمقصود بالطرفين: آخر السورة وأول السورة التي بعدها.
أما الوصل بين السورتين والفصل بينهما بسكتة لطيفة دون تنفس والبسملة بينهما وتركها، فالقراء اختلفوا في ذلك، فقالون وابن كثير المكي وعاصم الكوفي والكسائي يبسملون بين كل سورتين إلا بين سورة براءة والأنفال، ووافقهم حمزة في الفاتحة خاصة، ولا يبسمل فيما عدا الفاتحة بين كل سورتين، وكذلك باقي القراء، وهم: ورش وأبو عمرو البصري وابن عامر الشامي يوافقونه في الفاتحة على البسملة.
أما بين كل سورتين غير الفاتحة فلم يرد عنهم نص بالبسملة، ولكن يبسملون على سبيل الاستحباب، وأما الوصل والفصل فحمزة يصل بين كل سورتين، وورش وأبو عمرو وابن عامر اختلف عنهم في الوصل والفصل، وعلى هذا يكون لمن يبسمل بين كل سورتين قولًا واحدًا وهم: ابن كثير وعاصم والكسائي وقالون وورش، وإن كان له خلاف في البسملة ثلاث أوجه: وصل الطرفين مع البسملة، وقطع الطرفين مع البسملة وقطع الطرف الأول، ووصل الطرف الثاني مع البسملة. باقي القراء وهم: ورش وأبو عمرو وابن عامر لهم خمسة أوجه: هذه الثلاثة، بالإضافة لوصل الطرفين مع عدم البسملة، وقطع الطرفين مع عدم البسملة، والمقصود بالطرفين: آخر السورة وأول السورة التي بعدها.
أما الابتداء بأواسط السور فيجوز الإتيان بالبسملة وتركها، لا فرق في ذلك بين سورة براءة وغيرها، واستثنى بعضهم وسط براءة فألحقه بأولها في عدم جواز الإتيان بالبسملة لأحد من القراء، وذهب بعضهم إلى أن البسملة لا تجوز في أوساط السور إلا لمن مذهبه الفصل بها بين السورتين. وأما من مذهبه السكت أو الوصل بين السورتين فلا يجوز له الإتيان بالبسملة في أواسط السور. وعلى هذا المذهب تكون أوساط السور تابعة لأولها، فمن بسمل في أولها بسمل في أثنائها، ومن تركها في أولها تركها في أوساطها؛ والمراد بأوساط السور ما بعد أوائلها ولو بآية أو بكلمة.