البسملة عند القراء[1]
بيان:هذا المبحث مستفاد من كتاب(النشر في القراءات العشر)للإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى.
الآخذون بالوصل بين السورتين كحمزة وأبي عمرو، وابن عامر، أو يعقوب، أو ورش اختار كثير منهم لهم السكت بين(المدثر، ولا أقسم بيوم القيامة - وبين - الانفطار وويل للمصلين - وبين والفجر، ولا أقسم بهذا البلد - وبين والعصر، وويل لكل همزة) واختار كثير لهم البسملة لبشاعة الوصل(أهل المغفرة لا)
تخصيص السكت والبسملة في الأربعة الزهر مفرع على الوصل والسكت مطلقا. فمن خصها بالسكت، فإن مذهبه في غيرها الوصل، ومن خصها بالبسملة فمذهبه في غيرها السكت، وليس أحد يروي البسملة لأصحاب الوصل كما توهمه المنتجب، وابن بصخان.
وانفرد الهذلي بإضافته إلى الأربعة الزهر موضعا خامسا، وهو البسملة بين الأحقاف والقتال عن الأزرق، عن ورش وتبعه في ذلك أبو الكرم.
انفرد صاحب " التذكرة " باختيار الوصل لمن سكت من أبي عمرو، وابن عامر، وورش في خمسة مواضع وهي: الأنفال ببراءة، والأحقاف بالذين كفروا، واقتربت بالرحمن، والواقعة بالحديد، والفيل بـ " لإيلاف قريش ". قال الحسن: ذلك بمشاكلة آخر السورة لأول التي تليها.
طول زمن السكت بقدر البسملة، وروي، عن أبي عمرو إسرارها، أي: إسرار البسملة.
قال ابن الجزري قلت: والذي قرأت به وآخذ: السكت عن جميع من روي عنه السكت بين السورتين سكتا يسيرا من دون تنفس قدر السكت.(النشر في القراءات العشر، ابن الجزري).
كل من الفاصلين بالبسملة والواصلين والساكتين إذا ابتدأ سورة من السور بسمل بلا خلاف عن أحد منهم، إلا إذا ابتدأ (براءة)، سواء كان الابتداء عن وقف أم قطع، أما على قراءة من فصل بها فواضح، وأما على قراءة من ألغاها فللتبرك والتيمن، ولموافقة خط المصحف.
قال حمزة: القرآن عندي كسورة واحدة. فإذا قرأت (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول فاتحة الكتاب أجزأني، وهو محمول على حالة الوصل لا الابتداء؛ لإجماع أهل النقل على ذلك.
لا خلاف في حذف البسملة بين الأنفال وبراءة، عن كل من بسمل بين السورتين. وكذلك في الابتداء ببراءة على الصحيح عند أهل الأداء، وممن حكى بالإجماع على ذلك أبو الحسن بن غلبون، وابن القاسم بن الفحام، ومكي، وغيرهم، وهو الذي لا يوجد نص بخلافه، وقد حاول بعضهم جواز البسملة في أولها.
يجوز في الابتداء بأوساط السور مطلقا سوى (براءة) البسملة وعدمها لكل من القراء تخيرا.
وعلى اختيار البسملة جمهور العراقيين، وعلى اختيار عدمها جمهور المغاربة وأهل الأندلس.
كان الشاطبي يأمر بالبسملة بعد الاستعاذة في قوله تعالى: الله لا إله إلا هو، وقوله: إليه يرد علم الساعة ونحوه لما في ذلك من البشاعة. وينبغي قياسا أن ينهى عن البسملة في قوله تعالى: الشيطان يعدكم الفقر، وقوله: لعنه الله ونحو ذلك للبشاعة أيضا.
الابتداء بالآي وسط براءة قل من تعرض للنص عليها، ولم أر فيها نصا لأحد من المتقدمين، وظاهر إطلاق كثير من أهل الأداء التخيير فيها، وعلى جواز البسملة فيها نص أبو الحسن السخاوي في كتابه " جمال القراء "
إذا فصل بالبسملة بين السورتين أمكن أربعة أوجه:
الأول: قطعها عن الماضية ووصلها بالآتية.
والثاني وصلها بالماضية وبالآتية.
والثالث قطعها عن الماضية وعن الآتية.
والرابع وصلها بالماضية وقطعها عن الآتية، وهو ممنوع ; لأن البسملة لأوائل السور لا لأواخرها.
المراد بالقطع المذكور هو الوقف.
تجوز الأوجه الأربعة في البسملة مع الاستعاذة من الوصل بالاستعاذة والآية، ومن قطعها عن الاستعاذة والآية، ومن قطعها عن الاستعاذة ووصلها بالآية.
إن هذه الأوجه على سبيل التخيير والجواز بكل منها على وجه الإباحة لا على وجه ذكر الخلف، فبأي وجه قرئ منها جاز.
يجوز بين الأنفال وبراءة إذا لم يقطع على آخر الأنفال كل من الوصل والسكت والوقف لجميع القراء. أما الوصل فظاهر ; لأنه كان جائزا مع وجود البسملة، فجوازه مع عدمها أولى عن الفاصلين والواصلين، واختاره ابن غلبون في قراءة من لم يفصل، وهو في قراءة من يصل أظهر، وأما السكت فلا إشكال عن أصحابه
الخلاف بين السورتين عام بين كل سورتين سواء كانتا مرتبتين، أو غير مرتبتين، فلو وصل آخر الفاتحة مبتدئا بآل عمران، جازت البسملة وعدمها على ما تقدم، أما لو وصلت السورة بأولها كأن كررت مثلا كما تكرر سورة الإخلاص فلم أجد فيه نصا، والذي يظهر البسملة قطعا.