تعددت القضايا التي شغلت الإعلام العربي منذ عشرة سنوات الأخيرة من الحرب على إرهاب ،قضايا البيئة، الحروب الداخلية ،التنمية، الغذاء، الامن المائي، حقوق الانسان ،وأخيرا قضية الأمراض والأوبئة. فمع إنطلاق فيروس covid -19 من مدينة وهان في جمهورية الصين الشعبية وسرعة انتشاره الرهيبة التي حولته إلى جائحة تجتاح العالم حولت جميع الأضواء لهذا الفيروس ،وأصبحت طريقة تعاطي الإعلام العربي معه كشفت عيوب هذا الأخير ، حيث اختلفت تأويلات مصدر هذا الوباء ولعل من أبرز هذه التأويلات ما يلي :

1/عقاب إلاهي :بعض الصحافيين والإعلاميين ورواد التواصل الاجتماعي إعتبروا أن وباء covid- 19 ماهو إلا عقاب إلاهي سلطه الله عز وجل على الصين الشيوعية التي تضطهد مسلمين الايغور ، ومع مرور الوقت لم يعد الأمر متعلق بصين وحدها بل أصبح الأمر تهديد لأمن والسلم العالميين ككل .

2/نظرية المؤامرة : من أكثر الأمور المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي ربط فيروس covid-19 بقضية المؤامرة ،فهذه القضية التي دائما ما تطفو لسطح مع كل تهديد يتعرض له العالم سواءا بنسبها للعائلات الخمس الكبرى أو بربطها بشركات الأدوية العالمية التي تريد افتعال قضية صحية لتعظيم مكاسبها .

3/حرب بيولوجية إضافة إلى التيارين السابقين هناك من اعتبر أن فيروس كورونا المستجد هو حرب بيولوجية تلت الحرب الاقتصادية بين العملاقين العام سام والتنين الصيني خاصة مع بروز الصين كقوى اقتصادية عالمية ودخولها في حرب تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام الماضي في قضية شركة هواوي وبتالي قضية الجائحة هو جس نبض كل دولة وقدرتها على تحقيق أمنها الصيحي في ظل العولمة .

4/ اعتبار فيروس covid-19 هو فيروس نشأ في ظل حالة طبيعية وسببه خفاش وتطور الفيروس عبر انتقاله .

وبين هذه التأويلات وتلك تعالت صرخات شنها نشطاء اجتماعين بمقاطعة البضائع الصينية في الوطن العربي وقد أشارت تقارير أن حجم المبادلات التجارية بين الوطن العربي وجمهورية الصين قدرت بحوالي 224.3مليار دولار ويلاحظ أن انخفاض استهلاك البضائع الصينية وصل إلى النصف بسبب ربط الصين بلجائحة وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية استصدار قرار في مجلس الامن الدولي في نهاية شهر فيفري باعتبار أن الفيروس هو فيروس صيني وأنها هي المتسببة في هذا في حين أن الصين استخدمت حق الفيتو برفضها القرار وروسيا امتنعت عن التصويت .

كل مجهودات وسائل التواصل الاجتماعي من اجل تأجيج قضية الجائحة خلقت عند المواطن العربي قضية أخطر من الفيروس ذاته وهو الشك والشعور بالخوف فعدد الأموات التي تتناقلهم وسائل التواصل الاجتماعي وطريقة إنتشار العدوى وحتى كيفية الدفن الضحايا تثير الرعب داخل الأنفس .

لم يكتفي فقط الإعلام العربي من خلال محاولة التأثير على الفيروس لكن ايضا تأثير الفيروس على الإعلام العربي خاصة الصحافة المقروءة التي تعاني ومهددة بافلاس بإضافة إلى ذلك صعوبة العديد من الصحفيين الالتحاق بمناصب عملهم بسبب إجراءات الحجر الصحي وعدم امتلاك العديد منهم وسائل العمل الضرورية في المنازل .

إن الإعلام في الغالب يستخدم من أجل نشر الوعي فهو مرآة الشعوب التي تعكس تطلاعتها وأهدافها وهو مقياس التحضر وتأكيد على رقي الأمة حيث كان الأجدر أن يستخدم في حشد وتعبئة المواطنين ، إستخدام الشفافية والمصدقية دون تهويل واثارة الذعر ،وتظليل وترهيب المواطنين حتى لا تنتشر الفوضى وقصد التصدي لهذا التهديد اللاتماثلي الذي يهدد البشرية ككل عوض نشر الشائعات وتقديم تأويلات .