النظام الاقتصادي الجديد

منذ نشأة النقود واعتمادها كاداه نقديه لتبادل السلع والخدمات وهناك تلاعب بالقيمه النقديه للعملات تحاول السلطات في كل دوله مجابهه هذه التعاملات ولكن ما حدث بعد ان اعلن الرئيس الامريكي نيكسون ان الدولار وهو العمله المعترف بها حول العالم وتستمد قوتها من قوه الاقتصاد والقرار السياسي الامريكي ليس له غطاء من الذهب في البنوك وهنا تحول الدولار من عمله مثل باقي عملات دول العالم الي وعاء قيمه بحيث ان تكون قيمه ورقه عمله الدولار تحمل قيمه في ذاتها بدون غطاء ذهبي يحمل القيمه التي يقدمها الدولار مقابل شراء السلع والخدمات

ولتبسيط الامر كان في الامم السابقه منذ قرون عديده يتعامل الناس بنظام المقايضه على سبيل المثال من معه 20 كيلو بطاطس يقايض من معه طماطم على اثنين كيلو مقابل 2 كيلو بطاطس وهكذا دواليك الى ان يستبدل كل البطاطس باحتياجاته المختلفه من السوق

واستمر هذا الحال الي ان توصل العالم الى البضاعه النقديه وهي بعض المنتجات التي تحمل وعاء قيمه، منتجات يتفق عليها في بعض الدول مثل الالماس و بعض الزيوت وغيرها ولكن مشكله هذا النوع من العمله انه يصعب تقسيمها الى وحدات صغيره لشراء العديد من المنتجات بنفس البضاعه النقديه واختلاف التفضيلات والاذواق عند الناس يجعل من تقييم السلعه امر نسبي بحيث يرى البعض ان هذا المنتج الزيوت مثلا رخيص او نفيس حسب تفضيلات كلا منهم فمن يحب هذه السلعه سيراها انها غاليه او نفيسه لانه يحبها ويري البعض الاخر انه لا قيمه لها وهذا يرجع بشكل اساسي الى تفضيلاتهم فالنسبيه هنا سيد الموقف التي جعلت من هذا النظام يشوبه الكثير من الخلل وخلق حاجه ملحه لايجاد بديل يستوعب كل هذه المتغيرات المختلفه

وبعدها ظهرت النقود المعدنيه من حديد و نحاس وفضه وهي عملات نقديه تحمل قيمه معينه و واجهت مشاكل كثيره ومنها التعرض للسرقه ويصعب حمل كميات كبيره منها لثقل وزنها

وبعدها النقود الورقيه وهي اوراق ماليه يتم استخدامها لتبادل السلع والخدمات وتلك الاوراق هي ايصال من البنك بان حامل هذا الايصال يملك في البنك مقدار معين من الذهب او القيمه التي تساويها هذه العمله النقديه

واخيرا النقد الخطي هو اخر ما توصلت اليه البشريه وهي الشيكات التي يحملها الشخص الذي يمتلك حسابا في البنك وله الحق ان يحرر هذا الشيك بالمبلغ الذي يرى في اطار المبلغ الذي تم ايداعه في الحساب الخاص به

السمة الاساسيه لاقتصاديات اليوم ان النقود الورقيه لابد وان يكون لها غطاء من الذهب في البنوك المركزيه بحيث يساوي هذا الذهب قيمه الورق الذي يتم اصداره من البنوك المركزيه ولكن ما اعلنه الرئيس الامريكي نيكسون ان الدولار و هي العمله الرئيسيه في العالم لا يوجد لها غطاء من الذهب في الاحتياطي الفيدرالي مما جعل الدولار هو عمله نقديه ورقيه ليس لها قيمه الا في ثمن الورق والحبر الذي طبع عليها وخطوره هذا الموضوع تكمن في ان مليون دولار تكلف ورق على سبيل المثال 20 دولار فقط ولكن هذا المليون تستطيع الولايات المتحده بان تشتري به منتجات من الدول الاخرى

و عمليه اصلاح هذا الخلل في النظام النقدي العالمي باتت من الخيارات الصعبه هذه الايام لان اقتصاديات العالم مبنيه على الدولار فلذلك اصبح تغيير هذا النظام مساله تحتاج الى توافق دولي لرسم معالم نظام اقتصادي جديد يحمي مصالح جميع الاطراف الدوليه و لابد وان تكون كل الاطراف على نفس القدر من القوه وان كان هناك تفاوت بينها ان يكون غير بعيد

كما هو معلوم ان النظام النقدي يعمل على تنظيم تبادل السلع والخدمات بين الدول والافراد وما يلوح في الافق هذه الايام هي بوادر نظام الراسماليه الوطنيه الذي لا نعلم له ملامح حتى الان ولكن يبدو كما يراه بعض الخبراء هو ان الدول تركز على مقومات الانتاج المحليه من زراعه وصناعه وان تحقق الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الاساسيه للمجتمع ونحن بصدد طرح ووجه جديد للاقتصاد العالمى الذي يتم تغييره في حال تغير الوضع السياسي حول العالم لانه الضمانة الاساسيه لتغيير الوضع اقتصاديا

لطالما كانت هناك سياسه منضبطه سوف تؤدي بكل تاكيد الى المزيد من العدل وتحقيق الرخاء والازدهار والتوافق حول مبادئ اقتصاديه ترعى مصالح الجميع و دعونا نحلل الانظمه الاقتصاديه منذ نشاتها وتاثيراتها على مر العصور وهنا سوف نتحدث عن اشهر نظامين عرفتهم البشريه وهم الاشتراكيه والراسماليه والذي تاسس اولا هو النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي وزعمائه هم ستالين ولينين

وبعد ان اثبت هذا النظام فشله ظهرت علينا الراسماليه تطل من غرب الكره الارضيه من امريكا و القاره العجوز وتغيرت توجهات الدول الاقتصاديه على مر القرنين الماضيين وذلك ادى الى ما نراه اليوم من اقتصاديات مستقره ولكن الامس كان يختلف الوضع كثيرا وكان من الممكن تشكيل النظام الذي تريد وكيف تريد ولكن اليوم اصبح مانراه امر واقع ولتغيير هذا النظام يتطلب الامر اهدار الكثير من الوقت والجهد لان الدول المستفيده من النظام الاقتصادي الحالي في العالم وعلى راسها امريكا سوف تقف امام اي نظام اقتصادي عادل لانه بالطبع سوف يمنع عنها اهم مصادر قوتها وهو الدولار و الشركات المتعدده الجنسيات التي تشكل جزء لا يستهان به من اقتصاديات الدول الراسماليه الخاضعه والغير خاضعه للهيمنه الامريكيه

وذلك يقودنا الى ان نعمل على تشكيل مفهوم جديد و واقع ملموس يقوم علي تمكين الافراد في مجتمعاتهم والقضاء بشكل كامل على المركزيه للقرار والاقتصاد وتفرد كل مجتمع بموارده وادرة فعالة وذات كفاءة عالية للموارد المتاحة ويبقى ان للدوله ان ترعى مصالح كل المدن او المحافظات او الولايات في نطاق اضيق مما نراه اليوم من سيطره المركزيه على الاقتصاد

والمركزيه هي مركزيه القرار بحيث لا تفوض الدوله المحافظ او المسؤولين الاقل بسلطة تمكنهم من اخذ القرار دون الرجوع للعاصمه و يتم تسخير اغلب طاقات الدوله من سائر المحافظات الى العاصمه فقط وماشابهها من محافظات تكتظ برجال الاعمال وصفوه وهذا المجتمع

هذا النظام اقل عدلا لانه يجعل المجتمع منقسم على ذاته ويؤدي الى ظهور فجوات اجتماعيه تعمل على تهديد الامن والسلم المجتمعى

بحيث تري من هو صاخط على اوضاعة دون ادنى حول منه ولا قوه لتغيير واقعه الاليم ولكن هنا ياتي دور صناع القرار في أن يتخذوا اللازم من الاجراءات التي تؤدي الى توزيع عادل لثروات الدولة بين المحافظات او المدن المختلفه كلها وليس الاهتمام بجانب وترك الاخر

كما هو حاصل في اغلب دول العالم المتقدم قبل المتاخر وهو ان الارياف فيها لا تحظى باهتمام كبير من الدوله وصناع القرار

سوف نلقي نظره على اوروبا والعالم كذلك قبل ظهور الثوره الصناعيه في اوروبا وما يعرف بعصر البخار واختراع الالات وكان العالم يعتمد بشكل اساسي انذاك على الزراعه و كان الفلاح في هذا الزمن ينظر له باحترام وتقدير و تقوم الدوله على رعايته لانه اساس الاقتصاد ولكن مع ظهور الثوره الصناعيه تحول الاهتمام الى التصنيع وبعد ما ظهرت الصناعه تبلور لنا عصر الشركات وبعدها ظهرت العولمه و واسست لمرحلة للشركات متعدده الجنسيات والعابره للقارات

و في مرحله ظهور الشركات خصوصا في اوروبا وظهور وسائل الاعلام المختلفةو التليفزيون وبات من الضروري ترويج هذه المنتجات خصوصا بعد ما اصبحت المصانع تنتج كميات كبيره جدا

وكانت هذه البداية الحقيقية لتنامى دور موظفين المبيعات على مستوى العالم حيث ان وظيفتهم هي اقناع المشترى بان يشتري منتجات في بعض الاحيان لا يكون في حاجه ماسه لها وهذا حدث بعد ظهور الانتاج الكبير او ما يسمى mass pròduction

العولمه هي نتاج ماسبق شرحه من انتاج كميات هائله من المنتجات تفوق احتياجات القاره الاوروبيه انذاك والامريكيه وهذا ما ادى الى ظهور الشركات متعدده الجنسيات وخلق ضروره لتوزيع هذه المنتجات على جميع قارات العالم و دور العولمه كان رئيسي في هذا التحول حيث ان مفهوم العولمه هو حريه تنقل رؤوس الاموال والسلع والخدمات بين الدول في نطاق اجراءات متفق عليها من كل دول العالم فسعت هذة الدول الى توزيع هذة المنتجات فى مستعمراتها التى تسيطر عليها واصبح اليوم من يسيطر على العالم هو الاقتصاد في الدرجه الاولى من حيث القدره على التصنيع وكذلك التطور التكنولوجي والزراعة تعتبر الماده الخام للتصنيع ومكاسبها بالنسبه للفلاح الى حد ما متواضعة وانها لا تضاهى فى مكاسبها الصناعة

وكما نرى انه يتم تسليط الضوء فى الاعلام على اصحاب الشركات والمشتغلين بها واذا كان يوجد تمثيل لفئه الفلاحين واصحاب المهن في المحتوى الاعلامي من افلام ومسلسلات وغيرها فهو محدود للغايه

والاعلام بشكل عام وهو ما يشكل هوية اي مجتمع لانه يؤثر وبشكل فاعل في تكوين قناعات الجماهير والتاثير علي توجهاتهم وتشكيل وعيهم بشكل غير محسوس ولذلك تجد اغلب الدول التي يطلق عليها دول العالم الثالث بها مهنه الفلاح و تعلم المهن مثل النجاره والحداده والبناء وغيرها يراها البعض انها وضيعه ولا تحظى بالتقدير المناسب بل وربما تكون وصمه عار على جبين صاحبها ولذلك تشكيل الوعي لافراد المجتمع اهم من اي شيء اخر

لانه كلما كانت هذا التصور مسيطر على الافراد لن يتقدم هذا المجتمع

بل ان قيمة اي فرد تتحدد بما يقدمه ويصنعة فكلما كانت الدوله منتجه اكثر كلما تحسنت اوضاع مواطنيها وظاهر عليهم اثار الترف والحضاره، لانه كلما ساء اوضاع الناس ساءت اخلاقهم

#نصر_حرب

#Nasr_Harb