Image title

د. علي بانافع

     البطل صناعة التاريخ، وهو في الوقت نفسه صانع التاريخ -لا أزعم أن هذا تعريفا جامعا شاملا للبطل- إذ لم يتم في التاريخ الإنساني شيء عظيم بغير البطولة والإعجاب بالأبطال، وقد اعجب سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ببطولة سيد الكون رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ أحس فيه عظمة الإنسانية ولذلك وجد الخير في متابعته والإيمان برسالته، لم يكن بطل الأبطال محمد صلى الله عليه وسلم قد جاءت كل أعماله من فراغ، وقد كان بطل الأبطال بكل الامتلاء المُجسد فيه مالئا لفراغ كان في جزيرة العرب.

    الحقيقة أن كل ما تدعو إليه مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك البطل سلمان بن عبد العزيز آل سعود واضحة، وبالذات من خلال القرارات الملكية في هذه الأزمة، التي هزت وزلزلت العالم من أقصاه إلى أقصاه، فهو مسلم على الذروة عربي على السنام، ويعني ذلك أن في وجدانه عقيدة المسلم وفي قوامه قيمة العربي ذكاء، وشموخا وشرفا وعزة، وتطلعا إلى كل صفة من مكارم الأخلاق، كانت حلية العربي فبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال، فالإسلام هو التمام لكل الأخلاق الكريمة، وقد كان الملك سلمان لا يتخلى عن هذه الصفات، بل تحلى بها نعمة من الله عليه وتوفيقا من الله له.

    مما ذكره المؤرخون أن أولاد وأحفاد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بلغوا المئتين، وكذلك أحفاد وأولاد الأمير عبد الرحمن الداخل بالأندلس بلغوا مئة وخمسين، وبلغ مجموع أولاد وأحفاد الملك عبد العزيز آل سعود عند وفاته أكثر من ثلاثمائة، والمعلوم أن الكثرة نعمة وبركة حيث قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} [الأعراف: 86].

    يروي المؤرخ صالح محمد الزمام في كتابه: "نوادر من التاريخ": (يقول والدي رحمه الله: إن بيت آل سعود أمره عجب، فعندما هدم محمد بن الرشيد قصرهم بالرياض التفت إلى أحد أصحابه وقال: أترى هذا البيت يقوم ثانية؟ قال له الرجل مجاملا: لا يا الأمير ولا يوم يبعثون. وكان ابن رشيد محمد عاقلا حصيفا قال: لا يا بعد حيي والله الذي لا إله إلا هو إنه سيقوم وستسمع لبنة طينه!! فتعجب الرجل من رد ابن رشيد وقال: وما عندك من استنباط. قال: يا بعد حيي آل سعود مؤسسون على نية صادقة، وعلى دعوة ابن عبد الوهاب، وهي المستمدة من أصول الإسلام وتعاليمه.

   يقول والدي رحمه الله: وصدقت توقعات ابن رشيد، وذكرت ذلك لسمو الأمير متعب، فقال: لا تتعجب من كلام محمد بن رشيد فإن والدي عبد العزيز كان يُثني عليه ثناءً عجباً في حلمه وعمله. يقول والدي: أترى الملك عبد العزيز وأولاده الآن كم هم وماذا صنع الله له ولهم؟ إذا تصفحت التاريخ لا تجد رجلاً بنو ملكاً، وآتاه الله من صلبه أكثر من ثلاثين رجلاً، وكل رجل صار والياً على بلد أو ناحية، هذا لا شك أنه من تدبير العزيز الحكيم في هذا الزمن الشحيح بالرجال، واضطراب الأحوال عند كثير من البلدان هيأ لهذه الجزيرة هؤلاء الرجال لإدارتها وإنصاف مظلومها وردّ عادية المعتدي عليه، ويا ولدي لا تقول إنهم بلا أخطاء وهنات، لا، هذا مستحيل ولم يدّعوا ذلك هم، ولكن قطعاً بالمقارنة مع من حولهم سيعترف العاقل المنصف أنهم الأفضل فبورك فيهم).