د. علي بانافع
بما أن الفايروس الصيني (كوفيد - 19) حدث يُعيد ترتيب التاريخ، ويعيد قراءته من جديد وصناعة مراكز القوى فيه -سواء اتفقنا أو أختلفنا حوله- وهناك الكثير من كتب وتناول بالشرح والتحليل شخصيات صنعت التاريخ، فلزاما علينا أن نُشير إلى بعض الكتب التي صنعت التاريخ، فقد اشتهر بين القرّاء ما يسمى بالقراءة السريعة حتى أصبح لها أساليب ومعلمين، وهذه القراءة مهما تعلمتها إنما هي لتحصيل كمّ لا كيِّف، لا سيما مع التنافسية المستجدة والتباهي بعدد الكتب المقروءة غثة كانت أو سمينه، وهذه القراءة السريعة إذا كانت مكروهة عموما، فهي أقرب لأن تكون خاطئة إذا كنت تُطالع أو تقرأ كُتبا تاريخية فكرية فلسفية، إذ أننا نحتاج إلى التريث في القراءة الأولى والثانية والثالثة، عليك أن تقرأ الكتاب كأنك تسمعه من كاتبه لا كأنك تقرأ رسالة مكتوبة، إذ إننا نحتاج إلى التريث في القراءة والتمعن في الكلام ومعانيه ودلالاته، بمعنى آخر قراءة ما بين السطور، بل قد يضطرنا الأمر إلى مراجعته كما كان حالنا مع القرآن الكريم -حين كنا نتعلمه- فإن ذلك سبيل الفهم الصحيح وتعلق اللغة والفكرة بالعقل.
نعود لموضوعنا أعظم الكتب التي صنعت التاريخ فأعظمها على الإطلاق هو كتاب الله تعالى (القرآن العظيم) {لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] الذي صنع أعظم أمة في التاريخ، وصنع أعظم قادة للأمة وللإنسانية عامة، ومن بعده كتب السنة المطهرة، التي كان التي كان يسافر إلى سماعها عشرات الالاف من طلاب العلم، وأعظمها (الموطأ) للإمام مالك بن أنس، و (المسند) للإمام أحمد بن حنبل، وصحيح البخاري ومسلم وبقية السنن والمسانيد، ومن بعد الكتاب والسنة، أعظم الكتب التي صنعت التاريخ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتاب (التوحيد والأصول الثلاثة) للإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي استقى من شيخ الإسلام ابن تيمية الكثير، وقامت على اساسه دولة وله اتباع إلى يومنا هذا، ثم كتب ورسائل الإمام حسن البنا، وكتب ورسائل الإمام أبو الأعلى الموودي والشاعر محمد إقبال، التي تأسست على أساسها دولة باكستان الحديثة، بالاضافة إلى كتاب (فلسفة الثورة) لجمال عبد الناصر الذي قَعَدَّ للفكر والتنظيم الناصري في مصر، ومحاضرات (في سبيل البعث) لميشيل عفلق الذي أسس ونظَّر لدولتي البعث في سوريا والعراق، وهناك (الكتاب الأخضر) لمعمر القذافي في ليبيا صاحب نظرية اللجان الشعبية والمؤتمرات الجماهيرية.
قد يقول قائل: نسيت (المقدمة) للإمام ابن خلدون و (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي -اذا ما استثنينا الاحاديث الضعيفة فيه- إذ سبق الاول اوغست كونت ودور كهايم، فيما سبق الثاني ديكارت، إضافة إلى (معالم في الطريق) لسيد قطب الذي أسس للحاكمية. فأقول: اما (المقدمة) لابن خلدون فقد أسس تحليلا وتحقيقا لفلسفة التاريخ وعلم الاجتماع، واما (الإحياء) للغزالي فلم يؤسس دولة، ولا (معالم في الطريق) فهما مدرستان فكريتان إحداهما تثقف للعزلة، والاخرى تثقف للعزلة وربما للتكفير، صحيح لهما اتباع ولكنهما لم يصنعوا تاريخا، كما ان كتبا أخرى لمذاهب أشعرية وشيعية -بغض النظر عن رأينا فيها- صنعت التاريخ ككتاب (المرشدة) لابن تومرت الأشعري، وكتاب (الجمهورية الإسلامية) للخميني.
ومن الكتب التي صنعت التاريخ عند غير المسلمين (مسلة القوانين) لحمورابي، وكذلك (الياسق) لجنكيزخان، و (الجمهورية) لأفلاطون، وكتب التوراة والتلمود والإنجيل تأسست عليها (الولايات المتحدة الأمريكية) فقد تأسست على مفاهيم انجيلية وتوراتية، ودولة الاحتلال (اسرائيل) فقد تأسست على مفاهيم توراتية وتلمودية وتوصيات لحكماء صهيون، وكتب زرادشت وكونفوشيوس، وبعض فلاسفة الغرب وشعرائه وأشهرهم على الإطلاق ميكافيلي وكتابه (الأمير) صاحب مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) الذي انتهجه الطغاة دستورا لهم، وكذلك مارتن لوثر، وكانت، وفولتير، وكتاب (البيان الشيوعي) لكارل ماركس وفردريك انجلز، وكذلك كتاب (رأس المال) هو كتاب يمثل عماد الاقتصاد السياسي الماركسي، يتألف من تسعة مجلدات، أنجزه كارل ماركس عام 1867م، لكن المجلد التاسع منه فُقد فجمعه وأتمه فريدريك أنجلز، ويعتبر كتاب (رأس المال) من أهم الأعمال الفكرية التي صدرت في القرن التاسع عشر، وكتاب (روح القوانين) لمونتسكيو، وكتاب (نقد العقل المجرد) لكانت، وكتاب (ثروة الأمم) لآدم سميث، وكذلك (الكتاب الأحمر) لماوتسي تونغ مؤسس الصين الشيوعية، وكذلك كتب بعض المنظمات السرية والعلنية مثل كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون) وكتب أخرى في الشرق والغرب، لكن ما ذكرناه أهمها تاريخيا. والباب مفتوح لمن لديه إضافة أو تعقيب فأهلاً وسهلاً به وعلى الرحب والسعة.