د. علي بانافع
إن أفضل طريقة لإخراج المرء من حلم اليقظة؛ وجعل قدميه على الأرض هو أن تضع على عاتقه مسؤولية كبيرة، وهذه المسؤولية هي من تصنع الفرق، لعل واحدة من فوائد كورونا العظيمة انه سيعيد العمل الخيري والإنساني في العالم كله وسيحييه على غير مثال سابق، وأنا اتابع -حاليا- انهيار الرأسمالية وبدء عصر الخيريات والإنسانيات على مستوى العالم، أوروبا والأمريكيتين تشهد حاليا انهيارا اقتصاديا غير مسبوق سيدفع البشرية إلى اعتماد العمل الخيري والإغاثي غير المؤدلج لإنقاذ البشرية بداية، ثم ما يلبث ان -يؤدلج- تدريجيا والغلبة للأكثر عطاءا وإغاثة وإنسانية.
في المملكة العربية السعودية "مملكة الخير والإنسانية"، بادر الكثير من رجال الأعمال والتجار المسؤولين ولا أريد أن اذكر الأسماء -حتى لا اتهم بالتحيز لأحد- بالمساهمة بالأعمال الخيرية التطوعية، وتقديم الفنادق الفخمة والمباني والمنشآت تحت خدمة وتصرف وزارة الصحة -في هذا الظرف الاستثنائي- لمواجهة هذا الفيروس المخيف كورونا، الذي بسببه انهارت العديد من الأنظمة الصحية في الدول المتقدمة.
هنا أود أن أؤكد على قضية مهمة وهي تصرف بمسؤولية، وإياك ثم إياك أن تنتقد عملا خيريا، وتسفهه وتلوم صاحبه وتجرحه قط في السر والعلن، صغيرا كان ذلك العمل أم كبيرا، وبالأخص ان كان صاحبه كتوما بخيريته وغير مجاهر بها، وغير معروف بين الناس بالرياء أو المن أو الأذى، فكل من سيسمع انتقادك سيدافع عن الذي وجهت أصابع النقد له وسيتهمك ببغض الخير وأهله، وسيتحدث عنك بسوء بظهر الغيب، وأولها اتهامك بالبخل والشح وبقساوة القلب وكره الفقراء والمحتاجين وبقطع سبيل المعروف، ليس هذا فحسب بل ان صاحب العمل الخيري أخفاه عن أعين الناس، فقام الناقد فكشف السر متطوعا بمجرد علمه به من الذي قال له لغرض التجريح، فانتشر الخبر ومدح الناس الأول، فيما ذموا الثاني، ألم تسمع إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38] هذه النصيحة مجربة على أرض الواقع وبإمكاني أن أسرد قصصا حقيقية واحدة تلو أخرى بشأنها.
في العمل الخيري اعمل ولا تلتفت إلى الوراء فتتأخر، استمع للنقد وقوم نفسك ولا تسترسل كثيرا للدفاع عن نفسك، الأخطاء واردة في العمل لأنه اجتهاد فصحح وأمضي لغيرها، وقبل كل ذلك وبعده راجع إخلاصك وصدقك، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ..