د. علي بانافع
وأنا اتابع نداءات الكوادر الطبية والصحية والأمنية الحكومية -حفظها الله ورعاها- المتواصلة ليل نهار للمواطنين بضرورة الالتزام بالبقاء والجلوس في منازلهم، وعدم الخروج مطلقا الا للحاجة الماسة حفاظا على سلامتهم ومنعا لإنتشار الفايروس، وسط تجاهل البعض، وكأنهم مجموعة أطفال في الروضة أنت بحاجة إلى ان تربط اكبرهم سنا حتى البقية الباقية كلها تخاف منك، وتسكت وتقنع بالبقاء والجلوس في البيوت، وأنا اتابع كل ذلك أدركت جليا بأن نصف الخلل ان لم يكن اكثر في العوام مع احترامي وتقديري للطيبين والملتزمين منهم.
الوباء له جانب عقدي يتعلق به كمصيبة وما تتطلب من حسن الظن بالله والصبر والتوكل عليه والتضرع إليه، وله جانب فقهي يتعلق بأحكام المرض وحكم التدابير في الشريعة، وله جانب علمي طبي هو الذي يقرر نوع الضرر وقدره و إجراءات مدافعته، وعدم تجاوب الناس مع إجراءات الحكومة الاحترازية، يؤدي بالحكومة بالمقدور عليه ثم تتدرج في الإجراءات حتى تصل للقصوى وهي التي تعطل معاش الناس لهذه الضرورة -لا سمح الله- ومن ثم لا تفعل إلا مبدأ الاحتياط لعدم ثقتها في التجاوب وعلمها بضعف الوعي، وهذا ما تخشاه الأجهزة الحكومية -واقعا- من الآن فصاعدا في التعامل مع متجاهلي الحجر أو البقاء في البيوت.
وإليك هذا الحديث النبوي الشريف، قال النبي ﷺ: (( ليس من رجل يقع الطاعون، فيمكث في بيته صابراً محتسباً يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد )). [ صحيح، رواه أحمد: 26139]. قال ابن حجر رحمه الله: "اقتضى منطوقه أن من اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد وإن لم يمت". [فتح البارى 194/10].
فاشغل وقتك أثناء الحجر بالنافع والمفيد وبما يخدم دينك، وأمتك، ووطنك، ومواطنيك، وقضيتك، وانقل هنا قصيدة شعرية رائعة للأديب والشاعر العراقي المبدع سامي طه، وهي بعنوان: (الفايروس) الذي كتب هذه الابيات مؤخراً للمشاركة في التوجيه السليم للالتزام بالحجر والاعتزال في زمن الوباء عافنا وعافاكم الله ووقى الجميع:
أتاك يجر اخطاراً جساماً تهدد عيش كل العالمينا
وبات يضيف اهوالاً ويسعى إلى نشر الهلاك اليوم فينا
هو الفيروس شرٌّ مستطيرٌ وساءت سمعةً واسماً: كُرونا
هو الفيروس بئس نذير قومٍ فمن من شر محنته يقينا
سوى رب العباد وكل أمرٍ حكيمٌ منه ذو نفع يقينا
فإن العقل يهدينا فنمضي على آثاره مترسمينا
فنجتنب المخاطر باعتزال وفرط نظافة للمعتنينا
فإن حكم الإله به صبرنا لكي نُجزى جزاء الصابرينا
وإن الحجر لهو سبيل من لا يحاول نشر هذا الداء فينا
فمن يجهلْ فإن الجهل عارٌ إذا أودى بجمع الجاهلينا
ومن يعقلْ فإن العقل تاجٌ ينير على رؤوس العاقلينا
