العدد السّابق

قالت حياة :

" لطالما كانت قصص موت مع البشر تقتصر على التّعامل مع الموتى فقط أو في تلك الحالات الخاصّة التي أجتمع فيها أنا و هو ، لكن صادف في إحدى المرّات أنّني كنت هناك ...

حصلت هذه القصّة منذ زمن بعيد جدّا...

ذهب موت إلى قرية جبليّة صغيرة حيث أتته مهمّة إعتياديّة...كانت روح رجل عجوز بينما دعتني صديقتي الأمّ الطّبيعة إلى مساعدتها في جلب الرّبيع إلى بمنطقة قريبة من تلك القرية.

بعد أن أنهى موت عمله تاركا السكان يقيمون مراسم الدّفن أتته مهمّة أخرى في قرية قريبة. كان يستطيع الذهاب إلى هناك طيرانا لكنّ توقيت مهمّته كان لايزال بعيدا لذلك قرّر الذهاب مشيا.

فجأة و بينما كان يتمشّى جارّا أداته وراءه سمع صوت ضحك فالتفت وراءه رافعا أداته بسرعة كبيرة محدثا عاصفة صغيرة حوله لكنّه لم يجد أحدا.

عاد إلى المشي من جديد بحذر ثمّ عاد الصّوت مرّة أخرى فالتفت باحثا عن مصدر الصّوت بهدوء حتّى وجد طفلا رضيعا جالسا على الأرض بجانبه.

ظلّا ينظران إلى بعضهما البعض في صمت لبعض الوقت و الأغرب أنّ الطفل لم يكن خائفا حتّى أنّه همّ بلمس الجزء الحادّ من الأداة فأبعدها موت عنه بسرعة.

رغم غضبه الشديد الظاهر على وجهه حمل موت الطفل بذراع واحدة هامّا بارجاعه إلى القرية و لايزال هذا الأخير يضحك كأنّ الذي يحمله هو مجرّد بشري عاديّ.

خلال لحظات، ضرب الأرض بأداته فظهرت هالة سوداء حوله ثمّ غطّته بالكامل فانتقل آنيّا إلى منطقة قريبة من القرية و وضعه على الأرض تحت شجرة كبيرة و همّ بالرّحيل لكنّ الطّفل راح يبكي دون توقّف.

في البداية قرّر موت المشي محتقرا صوت البكاء ظانّا أنّه سيتوقف قريبا.

مرّت الدّقائق كأنّها ساعات و لم يتوقف ذلك الطفل عن البكاء.

عاد موت إلى الطّفل حاملا إيّاه (و بالطّبع توقّف عن البكاء) ثمّ غطّاه بعباءته ذاهبا نحو القرية.

كانت مراسم الجنازة قد توقّفت بسبب إختفاء الطّفل حيث كان كلّ من في القرية يبحث عنه.

كان موت يمشي بينهم دون أن يراه أيّ أحد و فجأة رأى إمرأة جالسة قرب أحد الأكواخ تبكي بحرقة فأدرك أنّها أمّ الطّفل.

دخل إلى أحد الأكواخ رافعا عباءته عن الطّفل الذي كان ينظر إليه مبتسما و وضعه داخل سلّة من القشّ ثمّ قال :

"أيّها الصّغير ، لقد جعلت والدتك و أفراد قريتك يقلقون عليك."

لم يتوقف الطّفل عن الضحك و تحريك يديه الصغيرتين محدّقا في موت.

"إبتسم و ألعب كما تشاء...قريبا ستكبر و تصبح خائفا منّي."

ثمّ همّ بالرّحيل قائلا : "فلتحظى بحياة جيّدة...أراك قريبا."

عندها بدأ الطّفل بالبكاء فسمعت الأمّ البكاء و أدركت على الفور مصدره.

في ذلك اليوم رأيت موت يطير في السّماء و أكاد أقسم أنّني رأيت للحظات إبتسامة تظهر من وراء تلك العباءة.

-النّهاية-

لقراءة العدد التّالي إضغط هنا