في التدوينة الرابعة التي تأتي ختاماً لسلسلة تحقيق أفضل النتائج مع رئيسك.. هذه نقاط ساخنة صغتها كالعادة على شكل أسئلة .. مهمتك هي الإجابة عليها .. قد ترى أنني حتى الآن لم أتطرق إلى الرؤساء أبداً وكأنهم ليسوا طرفاً في المعادلة .. وهذا غير صحيح ولم أقصده .. ولكن السبب ببساطة أنني أكتب من زاوية محددة وأقدم لك خلاصة تجربتي من ذلك المنظور فقط .. لذلك أنت من تعنيني بالدرجة الأولى وليس رئيسك .. وقد تكون رئيساً فلعلك تجد بعض ما أكتبه مفيداً أوخلاف ذلك سواءاً كان ذلك في علاقتك مع مرؤسيك أو رئيسك .. والآن إلى النقاط الساخنة قبل أن تبرد ..
١. هل تلتقي برئيسك؟
تذكر أنها مسؤوليتك أن تقتطع من وقته جزءاً لك تتابع معه منجزاتك وخططك المستقبلية بل وحتى استشارات عامة تخص مستقبلك المهني، ومن المفيد جدًا سؤاله عن خبراته السابقة في المجالات ذات العلاقة .احذر أن تجعل هذه الاجتماعات للقيل والقال أو المواضيع الجانبية .. لا بأس من مشاركة بعض القصص الخاصة ربما في نهاية اللقاء، ولكن احرص أن تكون بداية اللقاء بالمواضيع الأكثر أهمية حيث تكون النفس مهيأة لنقاش المواضيع الصعبة. بعض الناس يعتقد أن طرح المواضيع العامة في بداية اللقاء محفز للبدء وهذا ليس صحيحاً دائماً لأن المواضيع العامة ليست لها نهاية وقد يطول النقاش حولها فيحين موعد لقاء أحد زملائك معه أو يأتيه طلب عاجل فتخسر الفرصة الثمينة، هذا من ناحيتك أما من ناحيته هو فسيعتقد في قرارة نفسه أنه لا شئ مهم لديك وسيجعلك في آخر اهتماماته في المستقبل لأن مواضيعك لا تستحق الاهتمام الجاد.
٢. هل توثق لقاءك معه؟
من أشد الأخطاء فداحة أن تحضر إلى اللقاء أو الجولة فارغ اليدين كالسمكة فهي لا تحسن التعامل مع الأشياء إلا بفمها. واحذر وضعية وضع الأيدي في الجيوب فهي لا تقل سوءًا عن التلويح بالأيدي. احضر وثائقك وقلمك وأوراق أو نوتة صغيرة أو ماتجده ملائماً لكتابة الملحوظات أو التخطيط عليه بل ووأحضر آلتك الحاسبة معك وكأنك ذاهب إلى امتحان فهذا يدل – ظاهريًا على الأقل- بأنك مهتم وجاد ولاتريد إضاعة الوقت في البحث عن تلك الوثيقة أو ذلك القلم لتسجيل فكرة أو مهمة مسندة. ما أتعس جملة " هل لديك رسمة تلك القطعة أو نسخة من ذلك التقرير ؟" إنها مسؤوليتك وهو موضوعك المناط بك .. لم لا تكن أنت المسئول عنه فالمسؤولية ليست كلمة أو مجرد ملصق نحمله على صدورنا أو يخول لنا بعض الصلاحيات .. إنها تعني الحرص والعناية بأدق التفاصيل و إلا كانت النتائج كارثية لا قدر الله.
اكتب النقاط الرئيسة وما اتفقتم على القيام به من أعمال والتفاصيل الدقيقة التي تطلب منك، ففي بعض الأحيان ستفوض أداء هذه المهام إلى غيرك وستنقل له صورة باهتة عن المطلوب فيكون تنفيذه غامضاً أيضاً والنتيجة في النهاية معروفة، فخبراء الاتصال قد وجدوا بأن الرسائل التي تصل من خلال الآخرين تفقد حوالي 25 % من محتواها بين كل ناقل وآخر على اعتبار أن الناقل مستوعب كلياً للرسالة ومقتنع بما فيها فكيف بها لو كانت مهمة دقيقة وبها كثير من التفاصيل. لا تنس تأريخ الوثيقة وإرسال نسخة منها لرئيسك بأي وسيلة مناسبة.
٣. هل توسع مداركك؟
هل تعرف الدوريات والمعارض والندوات والمؤتمرات والجمعيات العلمية والمهنية ذات العلاقة بمجالك؟ لاتقل لي بأن مجالي جديد و النشر فيه محدود ، ولا تقل بأن هذه هي مسؤولية رئيسي فهو الذي يجب أن يعلمني. هذه مبررات غير مقبولة خصوصًا في عصر الانفجار المعلوماتي. احرص على توسيع مداركك بشكل يومي بالإطلاع على الدوريات والمواقع والحسابات والقنوات ذات العلاقة ولا تنس تزويد رئيسك بما تجده من جديد وأخذ وجهة نظره فيما تقع يدك عليه.
أسئلة للتأمل
- ما هو آخر كتاب في مجالك اطلعت عليه؟ ومتى كان ذلك؟
- ما هي آخر دورية اطلعت عليها؟ ومتى كان ذلك؟
- ما هي آخر دورة تدريبية حضرتها؟ ومتى كانت؟
- ما هو آخر مؤتمر حضرته أو حصلت على أبحاثه؟ ومتى كان ذلك؟
- من هم الخبراء في مجالك والذين تحرص على القراءة لهم؟
- ماهي مقاطع اليوتيوب التي تشاهدها أو البودكاست التي تستمع إليها بشكل دوري؟
- هل لديك اهتمامات أخرى تحرص على تنميتها وإثرائها وممارستها؟
تأمل الأسئلة، فإذا كانت معظم أجوبتها حاضرة في ذهنك فهذا يعني أنك على الطريق السليم فواصل المسيرة وارفع سقف التحدي على نفسك ، أما إذا لم تجد أجوبة أو استغرق إيجادها وقتًا طويلاً فاعلم بأنها فرصة جيدة لتفعيل هذه النقاط .. وبالتالي لن يصل الإنسان في يوم من الأيام إلى حالة " ليس لدي ما أقوم به اليوم "
٤. هل تبني مكتبتك الخاصة؟
من المفترض بأن تبني مكتبتك الخاصة ولست أقصد هنا الكتب وما شابهها فقط بل أقصد الملفات التي تحمل طابعك ومجالك المتخصص فالمعلومات والخبرات تأتي من كل مكان ودورك هو التقاطها وغربلتها وتصنيفها وحفظها. اجعل نفسك مرجعًا في مجالك وبالتدريج ستجد رئيسك يأتي ليبحث عن ما يحتاجه لديك .. إذا وجدت نفسك حتى الآن تهرع إليه للسؤال عن كل معلومة عامة فاعلم بأنك على الطريق الخطأ. تذكر بأننا نتحدث هنا عن المراجع.
٥. هل تطوّر قدراتك على التواصل مع الآخرين؟
ابذل ما تستطيع لتطوير قدراتك للتعبير عن نفسك بوضوح واختصار وتجنب استخدام كلمات مثل أنا وأنت و حاول التحدث دائمًا بضمير نحن ما أمكن. اتقن أسلوب المواجهة المهذب بدلاً من العويل وندب الحظ خلف أبواب المكاتب أو مناطق الاستراحة أو مواقف السيارات. تدرب على هذا الأسلوب واستثمر في تدريب نفسك عليه مهما بلغت التكلفة. ولاتغفل استشارة زملائك ومن تثق بهم و الناجحين عمومًا ، و الناجحين في التعامل مع رئيسك باحترافية خصوصًا، فربما تستفيد من تجربتهم في فهم بعض الأمور الغائبة.
ماذا بعد؟
قد تقول بأنني أقوم بكل هذا ومع ذلك يرفض رئيسي كل أفكاري ويقاوم أي رغبة أبديها للتطوير، فأقول لك بأنه هو المسؤول في النهاية وهو الذي يتحمل نتائج تلك القرارات - في أغلب الأحيان - وهذا لا يعني أن تكف عن المحاولة بل عاود الكرة ، ففي يوم من الأيام ستتاح لك الفرصة لتنفيذ ما تعتقد بأنه الصواب إذا ثابرت وواصلت المسيرة وبنيت حصيلتك المعرفية، فاستعد لذلك اليوم ولا تتباطأ الأيام فتخيب ثقة من حملوك الأمانة.
أما إذا وجدت بأن نفسيتك محطمة وحاولت بكل الطرق واستشرت ولم تفلح فربما تكون في المكان الخطأ فابحث عن البديل ولكن تذكر بأن تغييرك للمكان والرئيس ليس نهاية المطاف فقد تصادف من هو أسوأ خصوصًا إذا كان- مع التحفظ الشديد على هذه الكلمة – خاوي الوفاض علميًا وفنياً وخلقياً، فحياتك ستكون مريرة إن كنت تبحث عن كسب الخبرة الحقيقية وليس عن أساليب المناورات، وتذكر بأن العدو العاقل خير من الصديق الجاهل. وكسب الحرب أهم بكثير من كسب المعركة.
ختامًا
حاول التطبيق أولاً ، ثم افحص تجربتك وكيّفها بما يتلاءم مع مبادئك ولا تيأس فكل إنسان له مايلائمه وفق معادلته القيمية والنفسية والاجتماعية. إذا كنت رئيساً ووجدت ما أقول مناسباً فمرر هذه النقاط إلى مرؤسيك .. أما إذا كنت تعرفني شخصياً فأرجو أن لا تشكل وجهة نظرك عني عائقًا لك عن التطبيق لأنني ربما لا أستطيع تنفيذ جميع ماذكرته حرفياً في كل الأوقات، ولكنني - وبكل أمانة - أعمل جاهدًا لتطبيق وتمحيص كل ما ذكرته سابقًا وسأظل أتطلع إلى الأفضل باستمرار .. ويسرني الاستماع والتفاعل مع تجاربك وتعليقاتك ..جعلنا الله وإياك ممن توافق أفعالهم أقوالهم والله المستعان.