اختلفت كثيراً مع أصدقائي من المعلمين الحريصين على سلامة اللغة، فيما يتعلق بأمور كثيرة، منها هذا الأمر، الذي آثرت أن أقدم كل اجتهاد ذي بال دار حوله، واستنادا إلى المصادر الموثوق بصحتها، وبالطبع أنقل هنا نقلا حرفيا (كما أفعل دائما) عن كتابي الذي اهتممت فيه بتقديم اجتهاداتي فيما بتعلق بكثير من استعمالاتنا اللغوية المعاصرة، بغرض إبانة الفصيح والصحيح، مما يشيع على الألسنة.
يُخَطِّئُ البَعْضُ أَنْ يُقَالَ: فُلَانَةٌ أُسْتَاذٌ بِكُلِّيَّةِ كَذَا، لَأَنَّ المُؤَنَّثَ وُصِفَ بِالمُذَكَّرِ، كَمَا يُخَطِّئُ آخَرُونَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانَةٌ أُسْتَاذَةٌ، ظَنًّا أَنَّهَا مِنْ الصِّفَاتِ التِي لَا يَلْحَقُهَا تَأْنِيثٌ، وَجَاءَ فِي (مُعْجَمِ الصَّوَابِ اللُّغَوِيِّ) مَا يُجِيزُ: فُلَانَةٌ أُسْتَاذٌ (فَصِيحَة)، وَفُلَانَةٌ أُسْتَاذَةٌ (فَصِيحَة)، فَفِيهِ: اخْتَلَفَ الرَّأْيُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا حَوْلَ أَسْمَاءِ الوَظَائِفِ التِي تَكْثُرُ فِي الرِّجَالِ، هَلْ يَظَلُّ الاسْمُ مُذَكَّرًا حَتَّى مَعَ النِّسَاءِ، فَيُقَالُ مَثَلًا: فُلَانَةٌ وَصِيُّ أَوْ وَكِيلُ فُلَانٍ، جَاءَ فِي (المُغْرِب) لِلمُطَرِّزِيِّ (أَمَمَ): الإِمَامُ: مَنْ يُؤْتَمُّ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَقَدْ سُمِعَ (إِمَامَة) وَتَرْكُ الهَاءِ (التَّاءِ) هُوَ الصَّوَابُ، لَأَنَّهُ اسْمٌ لَا وَصْفٌ، أَوْ تَلْحَقُهُ التَّاءُ حِينَئِذٍ، وَجَاءَ فِي المِصْبَاحِ (أَمَم): لَيْسَ بِخَطَأٍ أَنْ تَقُولَ: وَصِيَّة وَوَكِيلَة بِالتَّأْنِيثِ، لَأَنَّهَا صِفَةُ المَرْأَةِ، وَلِكُلِّ رَأْيٍ مِنْ الرَّأْيَيْنِ أَنْصَارُهُ وَحُجَجُهُ، وَقَدْ انْتَهَى مَجْمَعُ القَاهِرَةِ إِلَى اخْتِيَارِ المُطَابَقَةِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ فِي أَلْقَابِ المَنَاصِبِ وَالأَعْمَالِ، أَسْمَاءً كَانَتْ أَوْ صِفَاتٍ، وَيَجُوزُ إِلَى جَانِبِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ المَجْمَعُ إِطْلَاقُ المُذَكَّرِ عَلَى المُؤَنَّثِ إِذَا كَانَ فِي الكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى جِنْسِ المُتَحَدَّثِ عَنْهُ، وَكَانَ اللَّفْظُ اسْمًا عَامًّا لِوَظِيفَةٍ عَامَّةٍ يَشْغَلُهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عَلَى السَّوَاءِ، وَبِهَذَا تَتَّضِحُ فَصَاحَةُ الاسْتِعْمَالَيْنِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ: فُلَانَةٌ اسْتِشَارِيُّ كَذَا، وَدُكْتُورُ كَذَا وَرَئِيسُ كَذَا وَمُدِيرُ كَذَا وَوَزِير