في قهقهة التاريخ والزمن وصيرورة الحتمية وصراع الأفكار حيث لا بقاء سوى للصلب المنغرس والمتجذر في تربة الملموس التاريخي والفكر العلمي الثوري، أستهل فتح صفحة التاريخ هذه ؛تاريخ القضبان ورونق القيود لأخبركم عن حركية التكالبات و أزيز الخذلان و صفير الخيانة، وكذلك فلول رفاق الإستمرارية وهذا هو الاساس والغاية.لأن حلقات التاريخ لا تقول وداعا بل سأركم لاحقا، الليل فعلا زائل لا غرف التوقيف باقية ولا حتى زراد السلاسل هكذا نملئ جانب رئتينا من درويشيات محمود ونزفها أمام من إختار لنا العدم للأسود الهصورة خلف رونق القيد وغرف العدم والإجترار ،وأجيئكم متضامنا مأزرآ من أمام محاكمهم ومعتقلاتهم وأسوارهم أين تركتم تاريخا يتراشق منه شرر المجد وسليل أصوات جلجلت عن الوطن المكلوم، وأفكارا إستمرت و متدت بعد التوقيف، ومواقف ثابتة ثبات ظلال الطلح بمنبسط الحمادة حيث سفاح الامس يجتاح الجماجم والعظام باعثا الحياة الحنظلية في كرسات الموت البهي.
نعم .. نقر بها خذوا حصتكم من دمنا المتختر وانصرفوا وغادروا واندثروا ،ولا تنسوا قبل مغادرتكم أن تكدسوا عظامنا في حجيم حفرة كما فعلتم ذات يوم قريب، حتى نعلن للإنسانية بل نحاكم ضميرها غذا ،لأن دائرة التوقيف إتسعت بل شملت كل شيء حي حتى ضاقت حشرجة الأفواه المكلومة،وتركوا حفل توقيع إنجازكم هذا لحزمة الصياحين والمتأمرين وأصحاب البزات الرمادية، وقضوا لياليكم السمرية على تربتنا بقرع كؤوس عملكم الموقر . وفي الاخير ، إتركونا فقط نرتل على مذابح نهاية كرونولوجية الوجود صلوات في هيكل محمود درويش :
أيها المارون بين الكلمات العابرة ..
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
أيها المارون بين الكلمات العابرة ..
منكم السيف ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا
وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء
و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة ..
كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
خلنا في أرضنا ما نعمل
و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر.. أو خجل
فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحف
و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم
على صحن خزف
لنا ما ليس يرضيكم ، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل
أيها المارون بين الكلمات العابرة ..
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى مسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف شعبا
وطن يصلح للنسيان أو للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة ..
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
فنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا .. والآخرة ْ
فاخرجوا من أرضنا
من برنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ
أيها المارون بين الكلمات العابرة ْ!