((قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ:

"يا معشرَ المهاجرين! خصالٌ خمسٌ إنِ ابتُلِيتُم بهنَّ، ونَزَلْنَ بكم -[و] أعوذ بالله أنْ تُدركوهنَّ-: لم تظهر الفاحشةُ في قوم قطُّ حتى يُعلنوا بها؛ إلا فشا فيهَم [الطاعون و] الأوجاعُ التي لم تكن في أسلافِهم، ولم يَنْقُصُوا المِكيالَ والميزان؛ إلا أخذوا بالسنين وشِدَّةِ المؤنةِ وجَوْرِ السلطان، ولم يَمنعوا زكاةَ أموالِهم؛ إلا مُنعوا القَطْر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولا نَقَضوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه؛ إلا سُلِّطَ عليهم عدوٌّ من غيرِهم، فيأْخذ بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جُعِل بأْسهم بينهم". (2))). صحيح الترغيب والترهيب: 1/ 468.

سبحان الله عز وجل، حديث يحكي واقعنا تماما، والناس ساخطون: لماذا نعاني كل هذا؟ لماذا ظلم السلطان وجوره؟ لماذا ضنك العيش؟ لماذا ضيق الصدور؟ لماذا اﻷمراض الغريبة القاتلة؟ لماذا اضطراب حياتنا؟ فاقرؤوا الحديث إذن ببصيرتكم، والله كثير من الناس يدعي أنه عامل بدين الله عز وجل، ولو امتحنت حاله لوجدته كاذبا في كثير مما يقول، إن لم يكن جاهلا بدينه أصلا، قل لي بربك من من الناس ينظر في ماله من حله وحرامه، من منهم لا يسعى في أخذ الربا في هذا الزمان من منهم لا يأخذ الرشوة، من منهم لا يظلم غيره ليل نهار، وقد يظن نفسه هو صاحب الحق ويرى المظلوم ظالما، من منكم لم يحارب أحدا في رزقه لمجرد غضب انتابه عليه؟ والله لو بحثت عن صور الظلم في مجتمعنا لكلت اﻷقلام من جمعها وتدوينها: نساء يفسقن وهن في ذمة رجال، أب أحمق ظالم أوقف زواج ابنته شراطا على زواجه هو، أب يقتل ابنته انتقاما لشرفه في زعمه، وهل ربيتها بما يرضي الله عز وجل أيها الفاجر، موظف يظلم من هو أدنى منه منصبا؛ ﻷنه لا يروق له. رجل يحسب نفسه رجلا راشدا ويطلق النار في المناسبات ليقتل آخر خطأ فيعتذرون له بالقدر، فاقتلوه إذن قدرا، والله لا أظن أن الحيوانات تفعلها. وآخر يرى من ضرب امرئ لابنه بسيارته ضربا خفيفا مناسبة لعقاب صاحبها وجمع المال منه. ورجل يقول حين زواج ابنته: مهورنا غالية، ويراها عزة وشرفا ولا يدري أنه في مقام من يبيع ابنته، ورجل يغش في البيع ويسميها رجولة وشطارة وذكاء، وهو غشاش، كثير ممن يشتكي من الحاكم وظلمه (لا أدافع عن أحد) لو صار هو حاكما لفعل وفعل ... والله لو تظاهرتم سنين وسنين ودعوتم كذلك وسخطتم وولولتم وصحتم حتى تنقطع أصواتكم فلا يستجاب لكم حتى ترجعوا إلى ربكم، ما هذا الحمق الذي نحن فيه؟؟؟!!!