تتعالى ترانيمه واصواته الحادة من أجل جذب انتباه المارة .. تراه يستجدي الناس لشراء سلعته، فما من مجيب، باءت محاولاته بالفشل، وأصبح محبطا لدرجة أنه اضطر أن يخفض سعر سلعته ولكن للأسف كان المارة يشيحون عنه بوجوههم ولم يعيروه أي انتباه، وهو ينادي ويقول : " والله يا جماعة الخير انه بطيخ زي العسل، جربوه واذا ما عجبكوا برجعلكم مصاريكم". وبعد أن خارت قواه وفقد الأمل ببيع سلعته، بدأ يمسك بالبطيخ ويرمي به الى بعض الماعز بجانب الطريق ويقول: " كلوا ، كلوا والله انكم بتستاهلوا أكثر مننا .. كلوا وببلاش كمان ، فالناس بالبلد هاي ما بحبوا غير البطيخ الكبير".

هذا هو حال الكثير مننا ومبداهم في هذه الحياة .. استكبرها ولو كانت عجرة.. فالكثير ممن تقابلهم وتعرفهم يركزون على الكم ولا يعيرون اهتمامهم للنوع. 

فمنهم من يحب انجاب العديد من الأطفال من أجل أن يضيفوا الهيبة له في المستقبل، وبعد أن يقع الفأس بالرأس يتمنى أنه لم يرزق بذرية متناسيا أنه قد ركز على الكم ولم يركز على النوع وهو تربيتهم تربية متميزة لأنه أصلا لم يكن بمقدوره القيام بذلك لأنه عددهم كبير.

أحدهم يتفاخر ويتباهى بكثرة اصدقائه، وبعد فترة تجده يندب حظه لأنه وجد نفسه وحيدا عند أول معضلة، فما أكثر الإخوان حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل. وجد نفسه بلا أصدقاء لأنه كان يركز على الكم لا النوع.

أحدهم كثير الكلام، لا يترك فسحة للآخرين بالحوار ، وتجده اكثر الناس سقطا وسهوا وكلامه لا فائدة منه، لذا تجد الناس يتجنبوه ويتجنبوا ادارة اي حوار معه لانهم يعرفونه بأنه كثير الكلام. فهو شخص يركز على كم الكلام وليس نوعه او جودته، لذا تجد أكثر الناس حكمة هم قليلو الكلام. فخير الكلام ما قل و دل.

المشكلة الكبرى أنك ستقابل كثيرا من الناس على هذه الشاكلة بل وستجد لهم سوقا وبضاعة لا تبور، وستجد أنهم أكثر الناس حظا ورفعة بين الناس .. لأننا للاسف هكذا نحب أن نستكبرها وحتى لو كانت عجرة.