قبل مرحلة الدكتوراه، لم أجرب أبدًا الدراسة أون لاين. فعندما تخرجت من الجامعة كانت أجهزة الكمبيوتر الشخصية غير متوفرة على كل سطح مكتب ولم تكن الإنترنت موجودة للعامة بشكلها الحالي. لذلك كنت مصدومًا وقلقًا للغاية عندما واجهت حقيقة أنني سوف أدرس معظم المقررات أون لاين، باختصار شعرت إني اتخميت ولكن لم يكن باليد حيلة ..
في أول مادة كانت هناك تعليمات أن نقدم نفسنا لبقية الطلاب ، وأنا أشعر عادة بالحرج من هذه اللحظات تحديدًا، لكن عندما تذكرت أن عندي اختيار كتابة جمل محددة أو تصوير مقطع ڤيديو زالت تلك الرهبة نوعًا ما .. فالكتابة يمكن مراجعتها وتنقيحها ويمكن حفظها وإعادة استخدامها لتسجيل مقطع الڤيديو وهذا ماحدث. لازلت أذكر تنزيل أول مجموعة من مقاطع الفيديو وشرائح البوربوينت في مكتب غرفة نومي المريح مع كوب شاي بجواري والسماعات على أذني. بدأت أشاهد المحاضرة ثم شعرت بالخوف عندما فكرت في ماذا لو لم لم أستوعب بعض المفاهيم؟ كيف سأقول للأستاذ أن لدي سؤال؟ لكن انتظر ، هذا ملف فيديو يمكنني إعادة تشغيله أو حتى العودة لبضع ثوان لمشاهدته ومحاولة الفهم من جديد. اشتريت ملفًا وأوراقًا ولكني لم أستخدمها حيث يمكنني كتابة ملاحظاتي مباشرة على الشرائح أو في ملف وورد أو في أي تطبيق لتدوين الملاحظات.
أما الأسئلة فكانت تطرح في منتدى للمناقشة بين الطلبة والأستاذ حيث تأتي الإجابات ليس فقط من البروفسور بل وأيضًا من زملائي الطلاب في جميع أنحاء العالم. ميزة أخرى أحببتها هي القدرة على تنظيم أفكاري ودعمها بالمراجع المتاحة أو الروابط الحية عند الإجابة على أي سؤال أو التعليق على المداخلات. كما يمكنني أيضًا حفظ أي موضوع مناقشة مثير للاهتمام للاستفادة منه لاحقًا أوالتفكير فيه بشكل أعمق.
أفضل ميزة للتعلم الإلكتروني بالنسبة لي شخصياً هي القدرة على الرجوع لاحقًا إلى ڤيديوهات المحاضرة. فبعد مرور حوالي فصلين دراسيين كنت بحاجة للبحث عن مفهوم شعرت بأني لم أستوعبه جيدًا فبحثت في مجلد المادة وعثرت على المحاضرة المطلوبة وقمت بتشغيلها مرة أخرى ومشاهدة الشرح من جديد وقد أكتفي باستعراض الشرائح فقط أحيانًا. لازلت حتى هذا اليوم أعيد تشغيل مقاطع الفيديو الخاصة بالمحاضرات والتحقق من الشرائح والملاحظات مرارًا وتكرارًا فذلك مثل وجود أستاذ بجانبك طوال الوقت. من المدهش أيضًا آن هذه الطريقة تتيح التعلم من أفضل الأساتذة في أي وقت فتسجيل المحاضرات يحفظها ويتيح لأجيال متعددة التعلم من نفس المصد رغم تقادم الأيامي. أحد أصدقائي المتقاعدين أكمل مشاهدة دروس رياضيات على اليوتيوب لعالم مشهور في الستينيات في جامعة إم آي تي. أليس هذا شيء جميل؟
أما الواجبات المنزلية فيتم تقديمها وتصحيحها وإرسالها عبر البريد الإلكتروني مع تعليقات المدرس التي يمكنك قراءتها وتخزينها فلاتحتاج إلى إضاعة وقتك في محاولة فك شفرة الكتابة اليدوية. صحيح بأنه قد ينتابك شعور بالوحدة في وقت ما لأنك لا تستطيع رؤية الأشخاص ، لكننا قمنا كطلاب بتنظيم اجتماعات دورية نناقش خلالها بعض مايشكل علينا ثم تطورنا لنعقد لقاءات أسبوعية للتعلم الجماعي ومشاركة مدى التقدم في أبحاثنا حيث يمكن للأشخاص الانضمام عبر الإنترنت والتواصل مع زملائهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وطورناها بعد ذلك إلى ندوات فصلية حاليًا يلتقي خلالها طلاب من أكثر من جامعة تفصل بينهم آلاف الأميال. تجربتي في التأقلم مع التعليم الإلكتروني وتطوير الاستفادة منه جعلتني أجزم بأنها مهارة حيوية للتعلم المستمر من الضروري اكتسابها وتقديرها والاعتراف بها في التعليم الرسمي المحلي وعندها سيتلاشى السؤال الاستنكاري “الدراسة أون لاين؟”