Image title
المهندس عدنان بن عايش العلوني الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع.

د. علي بانافع

     المهندس عدنان بن عايش العلوني الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع، لا أعرفه شخصياً، وأذكر أني لقيته في الممشى، وتبادلت معه سلاماً وكلاماً مُقتضباً جداً لمستُ فيه حُسن الخُلق والتواضع الجمْ، وما أثارني في الكتابة عنه هو صدور توجيهه في -بداية شهر رمضان الماضي- بإطلاق العمل بنظام الحجز الدفتري لبرنامج التمليك لحل مشكلة قوائم الإسكان، ثم ما لبث أن صدرت قوائم بمستحقي السكن يوم أمس، والحقيقة أن ما قام به يُعد قراراً شجاعاً وإنجازاً يُحسبْ له ولتاريخه الناصع المُشرف؛ فله منا جزيل الشكر وعظيم التقدير، إذ ليس البخيل الذي يبخل بماله فقط، لكن البخيل الذي يبخل بإبداء مشاعر الشكر لمن أعانه أو أسدى إليه معروفاً أو وقف إلى جانبه في لحظة احتياجه وضعفه، فالناس ليسوا جميعاً بحاجة إلى الدعم المادي فقط، لكنهم يحتاجون في عديد من المواقف لابتسامة رضى وكلمة عرفان ومشاعر نبل، يحتاج من قام بواجبه أن نقول له أحسنت بما فعلت، ويحتاج الكثير من الجنود المجهولين في معركة الحياة والذين تعودت نفوسهم على الوفاء والشهامة وقضاء الحوائج أن يُقال لهم بصوت مرتفع أحسنتم، حتى الشخص الذي يقوم بخدمتك يحتاج إلى أن تقول له بين الحين والآخر إِنك تُقدر إخلاصه وجهوده وتعتذر عن إزعاجه، هي كلمات لا تُكلف قائلها شيئاً لكنها تفعل فعل السحر في غيره وتدفع به إلى المزيد من العطاء، فالمناصب والجاه والبروز والشهرة كثيراً ما تُصبح عبئاً ثقيلاً على صاحبها؛ إن لم يواكبها إحساس صادق بالمسؤولية وبالجهود المبذولة وعرفان بما يُقَدَّمُ له، ورغبة مُلحة لتقديم التشجيع والثناء لمن يستحقه؛ وأشد قُبحاً من كل ما مضى من يتنكر لمن أسدى إليه عوناً كان يحتاجه أو دافع عنه في لحظة ضعفه أو أخذ بيده وهو يتهاوى، إن من يفعل ذلك يُكَرِّسْ الجحود الممقوت والتعالي المذموم ويُصَوِّر للناس اسوأ مظهر للتعامل الإنساني، والحياة تمتلىء بالنماذج المُشرقة إلى جانب امتلائها بالمظلم القاتم منها، وأرزاق العباد قد كفلها موجدهم من العدم، لكن غرور الناس وطغيانهم أوجد في سيئها ما نرى هذا النوع من التعامل الظالم، والنتيجة -التي قلما تختلف- أن المدركين لدورهم الإنساني يحيون حياتهم دون آلام أو مآسي، وغيرهم يعيش قلقاً لا يجد الاطمئنان سبيلاً إلى نفسه ولا الهدوء طريقاً إلى واقعه.

     والحقيقة أن الناس حين تسوء أخلاقهم وسلوكياتهم يصبح تسيير أمورهم صعباً، مما يستدعي المزيد من النظم المُعقدة والقوانين الحاكمة ليُصاب المجتمع بحالة من التضخم التشريعي ليظهر بعد ذلك مصطلحات تمييزية من عينة النظام وروح النظام والقانون وروح القانون ... الخ.

     وباختصار شديد لا يُخِلْ بالمعنى أود أن أطرح على سعادة المهندس عدنان العلوني مشكلة شريحة ليست بالقليلة من معلمي الهيئة الملكية بينبع، ولا أظنها مستعصية أو مستحيلة الحل وربما العكس بسيطة وسهلة المنال، ولابد من طرحها عليه إن استطاع إلى الحل سبيلاً فلا يُكلف الله نفساً إلا وسعها، وتتلخص في الآتي:

     منذ صدور قرار دمج مدارس الهيئة الملكية للجبيل وينبع بمدارس وزارة التعليم عام 1424هـ عانينا الأَمَرَيِّنْ، وعلى أثر هذا القرار لا ندري ما نقول:

— هل استغلت إدارة خدمات الأملاك بالهيئة الملكية بينبع ذلك القرار بتمليكنا منازل قديمة   -مؤقتة- لا تصلح للتملك والسكن الدائم وأقل من مئة متر مربع؟!

— أم نحن اضطررنا لتملك تلك المنازل، على أمل أن يُفعل قرار الدمج ونتمكن من النقل إلى جميع المناطق، لكن القرار لم يُفعل لظروف لا نعلم عنها شيئاً، ولعلها تندرج تحت قول الله تعالى: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖوَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗوَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

     فأصاب الكثير منا الشعور بالظلم والاحتقان والتوتر والإحباط واليأس، بل إنه قَوَض كيان المعلمين وبعثر ثرواتهم ونخر في قدراتهم، وكل ذلك يتناسب طرداً مع الإنحرافات والمنكرات والأمراض المجتمعية والأخلاقية، إن تطبيق الأنظمة وعدالة المعايير، يؤدي إلى الحد من المظالم التي تلحق المعلمين، ويُثَبِتْ القيم الأخلاقية القائمة على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، ويقضي على السلبية والنوايا السيئة، فالمسؤولين بالهيئة الملكية بينبع عن المشاريع السكنية مسؤولين مسؤولية مباشرة عن 90% من متاعب حياة المعلمين العاملين بها، فالمعلم الذي يعمل بالهيئة الملكية بينبع، وليس معه الأرض ولا المال الكافي للبناء محكوم عليه أن يدوخ السبع دوخات، ويُنهب حقه وتُهان كرامته وينتهي مرهوناً للبنك طيلة حياته!!

     مشكلتنا مع الهيئة الملكية بينبع لم تعد تتحمل اللف والدوران فإذا لم يستطع الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع المهندس الطموح عدنان بن عايش العلوني ايجاد حل لها من جذوره فلن يُكتب لها حلاً …