Image title

فإن هذه الرسالة لطالما أردت ان اكتبها وان أتمها لعل الله ان ينفع بها حال كثير من المسلمين , فإنه ولا ريب اننا نعلم ان الله خلقنا لأمر واحد وهو عبادته ولكن كثيرا جهل حاله في هذا الامر فهو مشتت في حياته متخبط وان كان يبدو ذا ثبات وذا شخصية في مجتمعه , فإنا قد رأينا من يقدم السعادة والمرح  سواء في الافلام وغيره قد رأينا انه في نهاية المطاف قد انتحر ! وأصبح الكثير منا يبحث عن واقع يكون فيه سعيدا إذ الواقع يتصرف فيه الله سبحانه وتعالى  , أصبح الكثير يقرأ القصص والأشعار والروايات الخيالية والواقعية وأصبح يعيش فيها اللحظات حتى اذا انتهى من الكتاب الاول أراد المزيد ليشبع رغبته في تناسي لحظاته المؤلمة وفي الحقيقة لن تنتهي ولن ينسى بل يزداد الامر صعوبة وألم! لأن السبب يعود إلى ان هناك خلل قد وقع في ذات الشخص نفسه , فكما ان الانسان قد يصاب في رجله ويده وان كانت الآلام كثيرة إلا ان الامر لا ينتهي حتى ينتهي ذاك الجزء من الانسان وهو القلب فكذا الانسان مهما اهتم باجزاء من جسده سواء تجميلها أو إصلاحها إلا ان القلب هو المسيطر ويبقى دوام هذه الاجزاء وصلاحها من دوام القلب , هل يعقل ان يهتم المرء بسيارته بتزيينها وقد خرب محركها اذ ان الامر يبدأ في محركها , وكذا انت عليك ان تبدأ بذاك الجزء المهم في جسدك , وصدق النبي صلى الله عليه وسلم اذ قال (( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت، فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب )) 

فلما حكم هذا الشخص هواه  في حياته وأصبح ضعيفا أمامها كل ما أرادت نفسه امرا انصاع لها,  اذ النفس تعشق وتحب وليس حراما هذا الامر ولكن ان يكون في طريق حرمه الله فهذا هو الحرام بعينه , حتى أقرب لك الامر  إقرأ قول الله تعالى ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ) , هذا هو علة الانسان وعلتنا هوى النفس , ذاك الذي اراد سيارة فارهة وحدثته نفسه بالسرقة وذاك الذي أحب فتاة فأخذ يحدثها بالسر وغير هذا الكثير كل هؤلاء لهم أغراض ليس فيها بأس , حب امتلاك السيارة والزواج ممن يحب ولكن الطريقة التي اخذوا بها ما يريدون كانت هي خواطر ووساوس انصاع بها الى نفسه والى شيطانه

 لو أن الذي حدثته نفسه بسرقة السيارة , سأل الله ان يعطيه وجد واجتهد في شراء هذه السيارة لوفقه الله ولو ان هذا الشخص الذي أحب الفتاة خطبها وطرق بابها لكانت قصة من أجمل القصص الحب اذ ان الامر تم بطريق شرعي , ولسان حال هؤلاء ياليتني لم أفعل , اذ ان مرارة الالم لازال يتجرعها كل يوم فلا هو استراح في سرقته ولا ذاك قد ارتبط بها.

 أعلم ان هذه ليست النهاية بما أنك تقرأ هذه السطور وانت في كامل قواك العقلية ,  و اعلم ان أنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المدلين كما قال ابن القيم رحمه الله , واعلم ان ما من تائب الا وقد اراد الله له صفحة بيضاء مشرفة يلقى بها ربه وروي عن بعض التابعين رضي الله تعالى عنهم أنه قال : إن المذنب يذنب فلا يزال نادما مستغفرا حتى يدخل الجنة ، فيقول الشيطان يا ليتني لم أوقعه فيه , فتأمل اخي في الله ولا تعرض وخذ بنفسك الى ما تكره حتى تحب الطاعة , قال بعض السلف: جاهدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت، فبلغت بعضهم فقال: طوبى له! أوقد استقامت؟

ولكن تأصيل المسألة في ذاتك ومعرفتك للشر حتى تتوقى منه مستقبلا خيرا لك , فما أجمل قول حذيفة رضي الله عنه عندما قال : ((كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني )) , فالله عز وجل أمر ونهى وبين طريق الخير وطريق الشر , قال الله عز وجل ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ).

اعلم ان لديك حزن ولديك هم يؤرقك ووجود الهم في الانسان يجعله يريد علاج له , هو خير من الله , فكيف لو شعرت بلذة المعصية وغرقت فيها فكيف ستخرج منها , ولكن وجود الالم في ذاتك يحتاج منك مراجعة العلاج ولكنه ليس علاج حسي فلست مصاب بجرح تنزف منه  ولكنك مصاب بجزء لا يملك علاج له الا خالقه وهو القلب .

في الختام , هل تحدث نفسك متى سوف تستقيم ام لا تحدثها ؟! وهل تريد ان تستقيم حتى تستقيم جوراحك وحياتك ؟ هل تستطيع ان تأخذ بنفسك وتتوضأ وان تصَلِّ ركعتين وان تقول لله عز وجل في سجودك :  

.انك تريد الاستقامة ولكنك تحتاج لتوفيقه

. تريد الاستقامة ولكن نفسك لا تريد

. حدث ربك انك عاجز وانك تحتاج له

. ان يشرح الله صدرك للاستقامة

.ان يثبتك الله 

فإن خرج هذا الكلام من قلب صادق فوالذي لا اله إلا هو سيرزقك الله ما تريد 

والحمد لله رب العالمين

كتبه : محمد بن سعيد النجاري