في إحدى قاعات المستشفى...كانت تجرى إحدى العمليات الحساسة.

هناك إجتمع "موت" و "حياة" .

قالت "حياة" ضاحكة : - أهلا بصديقي "موت" ! لقد إشتقت إليك كثيرا نحن لم نجتمع منذ مدة.

أجاب "موت" بصوته الخشن و الهادئ : - أهلا "حياة".

حياة :- أنت بارد و هادئ كالعادة...أحقّا لم تشتق إلي ؟!

موت :- ما الذي أتى بك إلى هنا ؟

حياة:- إنه نداء الواجب !

موت:- أنا أيضا مثلك.

حياة :- أيعقل أنها إحدى الحالات النادرة التي نجتمع فيها معا ؟!

موت :- و ماذا تظنين إذا ؟!

حياة :- إذا الشخص الذي يجري العملية هو في حالة بين الحياة و الموت.

موت :- نعم.

حياة :- دعنا نلقي نظرة على صاحب العملية.

موت: - ....

حياة: - إنها فتاة!...يا لها من شابّة جميلة !

موت :- يبدو أنها عملية زرع قلب.

حياة :- نعم...

ثم أضافت بسرعة:

- أنظر ! إنّ الجرّاح يرتجف...لماذا ؟

موت :- بالطبع سيرتجف، إنه إنسان...إنه يشعر بالمسؤولية تجاه ما يقوم به...آه لو كان يستطيع رؤيتنا لأخبرته بأنّه لا يمثّل سوى عنصر صغير لكلّ ما يحدث...

و إنفعل "موت" فجأة موجّها نفسه نحو الجرّاح:

- أنت لست مسؤولا عن كل شيء!

حياة :- لكن له الحق في أن يرتجف فلقد شهدت في عديد المرات ما يواجهه بعد إنهاء ما يقوم به، إنه يواجه تلك الوجوه التي يكاد يقتلها الخوف و الإرتباك على الشخص الذي تقام عليه العملية.

موت :- كيف ؟

حياة :- إنهم بشر لديهم مشاعر و هم حسّاسون.

موت :- أتقصدين أن ما سيقوله الطبيب سيؤثر على مشاعرهم مما سيؤدي بدوره إلى إنفعالات سلبية أو إيجابية.

حياة :- بالضبط.

موت :- حقّا ! إن البشر كائنات عجيبة و غريبة...لكنني لم أفهم شيئا آخر.

حياة :- ماهو ؟

موت :- إذا كانو -كما تزعمين- "حساسين و محبين" لهذه الدرجة فلماذا يقتل بعضهم البعض الآخر في العديد من الفترات الزمنية منذ أن نزلوا على الأرض ؟

حياة :- إنهم يقسّمون أنفسهم حسب عدة معايير كالرقعة الجغرافية التي يسمونها "الوطن" التي يقودها واحد منهم برضاهم -أو على الأقل هذا ما يبدو عليه ذلك- ثم لغتهم و أديانهم حتى أنهم وصلوا إلى تقسيم أنفسهم حسب اللون.

موت :- يال الغرابة ؟!!

حياة :- إنتظر لتعرف الأغرب...هذه المعايير و التقسيمات التي يسمونها "النظام" هي بحد ذاتها السبب الرئيسي لنشأة الحروب و القتل.

موت :- حتى بعد كل ذلك التطور الذي جرى على أنفسهم و أجروه على ما حولهم لا تزال تلك الطبيعة الحيوانية تجعلهم يفعلون كل هذا !

حياة :- بالطبع...سقطت تفاحة واحدة فادركوا قوانين الطبيعة و سقطت آلاف الجثث و لم يدركوا حتى الآن معنى الإنسانية.

موت :- أنظري لقد توقف الجرّاح عن الإرتجاف.

حياة :- أنظر إلى تلك الإبتسامة الرائعة التي تخفي نشوة الإنتصار، لقد كافحت للظهور من خلال كل ذاك التوتر و العرق الشديدين ، لقد ظهرت بعد كل ذلك العناء، نعم لقد نجحوا في إنقاذ حياة كادت أن تضيع مع أحلامها، بؤسها، أحزانها و بالطبع الهدف من وجودها.

موت :- يا للأسف، كنت أظنها ستنجو من كل هذا العذاب لترقد في سلام .

حياة :- لماذا ؟ ألا يمكنها أن تعيش هنا أيضا بسلام ؟!

موت :- لا لن تستطيع ذلك.

حياة :- لماذا ؟

موت :- آسف لكن أظنه قد حان وقت الذهاب.

حياة :- إنتظر...أنت لم تجبني على سؤالي.

موت :- حسنا إن كنت مصرّة فالإجابة هي لأنها مازالت لا تعرف أن الحياة أكذوبة جميلة و أنّ الموت حقيقة مرة.

حياة :- أ أ...إنتظر...عدني أن نلتقي مرة أخرى.

موت :- آسف لا يمكنني أن أعدك بذلك...

حياة :-.....

موت :- لكنني أعدك بأنني سأحاول.

حياة :- حسنا! دعنا نلتقي مجددا...

-النّهاية-

لقراءة الجزء التّالي إضغط هنا