كتب : نبوى الجزار
كلمه هى كلمة بسيطة لا تتعدى حروفها الثلاثة أحرف ولكنها فى الوقت نفسه تحمل معانى ودلالات كبيرة وعظيمة لا يمكن تصورها فهى كلمة فخر واعتزاز وهى الهوية التي يحملها الإنسان أينما كان وفى أي زمان وجد فالوطن هو الذي نشأ فيه وشب على ثراه وترعرع بين جنباته وأثر على سلوكه وطباعه لا شك فى أن حب الوطن من الأمور الفطرية التي جبل الإنسان عليها لما له من فضل عليه فى تربيته وتنشئته وتغذيته وحمايته ولما له من اثار فى تشكيل شخصيته وطبائعه وبما أن الوطن هو مهد الإنسان ومسرح نشاطه ومرعى هواه ومأمنه من الفزع فلا بد من شعور صادق وبحنين جارف نحوه حين يبتعد عنه بسبب ظروفه التي يعيش بها وذلك ردا لفضله ومعروفه إن علاقة الإنسان بوطنه أشبه بعلاقته بأمه وأسرته حيث الشعور بالأمان والراحة النفسية والاطمئنان فمن عق وطنه فكأنما عقّ أمه والإنسان بطبيعته يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها ونشأ على ترابها وعاش من خيراتها فالواجب عليه أن يعرف ما حقوقه وواجباته اتجاهه من حقوق الإخوة وحقوق الجوار والقرابة وزملاء العمل وغير ذلك من الحقوق وواجبه بالدفاع عنه من كل عدو ومن كل شر فحبه يعنى الولاء له والانتماء إليه والحرص على تنمية روح المحبة والمودة بين أبنائه ليكونوا كالجسد الواحد فيه إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ويكون بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وبذلك يبقى أبناؤه يتصفون بالتالف والتاخي فيما بينهم فالدين الاسلامي يحثنا على حب الوطن والانتماء إليه والدفاع عنه والمرابطة على ثغوره لتأمين حدوده وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وطنه أحب ما إليه ودليل ذلك قوله حين خرج من مكة ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجونى منك ما سكنت غيرك فالرسول قدوتنا وقد صرح بحب وطنه فعلينا أن نحذو حذوه ونعمل بعمله فالإنسان الحر يحب وطنه يكون مخلصا له غيورا عليه فهو مصدر عزته وفخره فالوطن كالشمس لا يستطيع الإنسان العيش بدونه
فالوطن بكل ما يحويه من معان هو المكان الذي نعيش فيه وننتمى إليه بالقلوب والعقول فهو كالجسد والروح متصلين مع بعضهما البعض وهو كالماء والهواء سر الحياة وبذلك لا يستطيع العيش دون الوطن الحبيب فمهما ابتعد الإنسان عن وطنه تبقى روحه متعلقة فيه حتى يرجع إليه حيث الأهل والأحباب وكل الذكريات الجميلة ولقد كانت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يستخلف الإنسان في الأرض ليعمرها على هدى وبصيرة وأن يستمتع بخيراته بما فيه من الطيبات والزينة فحب الإنسان له وحرصه على المحافظة عليه واغتنام خيراته وتحقيق العبودية لله إنما هو تحقيق لمعنى الاستخلاف
