بسم الله الرحمن الرحيم .. ~
من خلق الله وهل خلق نفسه.؟
🔳 سؤال تكرر منذ القِدم يتجدد مع النفس البشرية في كل عصر، حتى اصبح احد اولى مداخل الشيطان في تشكيك النفس "بحقيقة الوجود"
🔳 فما يلبث هذا السؤال إلا ان يتحول من تساؤل عن طبيعة الذات الإلهية الى نفي كامل لوجودها بعد ان تبحرت نفس ذلك المسكين في غياهب الوساوس.!
🔲 دعوني اولا اتحدث عن برهان السببية لإرتباطه الوثيق بهذا السؤال، وهو احد البراهين الجمة التي يتم الاستدلال بها على وجود الخالق "عقليا"
♦ ببساطة، الفكرة تقول ان كل "حادثة" داخل اطار الزمان والمكان لابد وان يكون لها مُحدث
- فلا يوجد مثلا من يجلس على طاولته لينتظر ظهور الطعام امامه فجأة بلا سبب.!
🔳ملاحظة: كل علوم الدنيا تدعم مفهوم السببية فمن ينكرها لا يتعدى اكثر من كونه "مهرج"
فليس من مصلحتك يا عزيزي الملحد ان تنفيه لأن الايام التي قضيتها وانت تحاول ان تقنعنا ان البقرة تحولت الى حوت في مستنقع الانتخاب الطبيعي ستغدو بلا معنى.!
♦ وفي هذا يقول ابن رشد "العقل ليس هو شيء أكثر من إدراكه الموجودات بأسبابها" ويضيف قائلا “فمن رفع الأسباب فقد رفع العقل.!”
🔶 سبق وقلنا ان السببية لا تنطبق إلا على ما تجري عليه قوانين "الزمان والمكان"
🔲 والله سبحانه وتعالى لا يخضع لقوانين "الزمان والمكان" بل هو متعالٍ عليها يسيُرها كيفما يشاء، بل هو خالق الزمان والمكان الذي جاء بناءً عليه مفهوم السببية.!
⚠ يعترض احد الملاحدة قائلا: ومن قال لك ان الزمان والمكان "حادث" اصلا او ان هناك من خلقهما او تسبب في بدأهما اول مرة.!
🔵 فأقول له وبكل بساطة ان "العلم الحديث" واخر ما توصلت اليه حقول التجربة البشرية العلمية تخبرنا بذلك..!
~نظرية الانفجار العظيم~
والتي هزت نتائج ابحاثها اركان الملحدين في المجتمع العلمي بعد ان كانوا يبنون تصوراتهم على مبدأ "ازلية المادة" المتفردة بنفسها
ولكن ما لبثت النتائج العلمية إلا ان كشفت عن ان الزمان والمكان "الكون" ماهو الا حادث وليس "بأزلي".!
🔶 يقول مارتن ريس عالم الكوسمولوجيا الشهير ورئيس الجمعية الملكية البريطانية لتطوير المعرفة الطبيعية "كنت سابقا، اثق بنسبة 90% بحدوث الانفجار العظيم، اما الان فالنسبة اعظم بكثير، التقدم الكبير في التجارب والمشاهدات جعلت الصورة الكونية ادق وارغب ان ارفع درجة يقيني بها الى 99%"
🔳 وفي هذا يقول الفيلسوف روبرت س. كونز " لم يكن الدليل على وجود الله ابدا اوضح مما هو عليه الان.!"
♦ اذاً، فالكون "حادثة" تحتاج الى مُحدث بشهادة العلم، وهذا المحدث حتما سيكون خارج اطار الزمان والمكان "المخلوق" ومتعالٍ عليه.!
{"فالخالق" متعال على "المخلوق" ومهيمن عليه}
🔴 لذا سؤال من خلق الله، باطل في حد ذاته..
🔲 فأنت كمن يقول..
مَن خلق الذي لا يخضع لمفهوم الخلق ولا يجري عليه الزمان والمكان.!
🔶 ولهذا امر رسول اللهﷺ بتجديد الايمان واليقين بالله عند ورود هذه الخواطر التي هي في اساسها لا تتعدى اكثر من كونها خواطر فاسدة لا اساس عقلي لها
💠 وفي هذا قال ارسطو بعد ان استطرد في طرح الاسباب المتتابعة قائلا ان العملية لا يمكن ان تستمر في حقل لا نهائي من الاسباب التي يجر بعضها بعضا، بل لابد ان تنتهي عند سبب اول ابتدأ منه كل شيء، سبب اول يَخلق ولا يُخلق.!
{السبب الأول.!}
⚠ اخيرا، بعد ان استنفذ الملحد جميع خياراته تراه يطاردنا مجادلاً..
ما دليلكم ان الله اوجد كل هذا.؟
لابد ان يكون هناك سبب فعلا ولكن لماذا يتحتم ان يكون هو [الله]
لماذا لا يكون جِنياً او اي كائن روحي اخر.؟!!
🔳 فنقول له طالما ان اتفاقنا العقلي قادنا الى سبب اول حكيم خلق الزمان والمكان عند نقطة بداية معينة، فلا يهم ماذا تسميه، فنحن المسلمين نسميه "الله" وكفى..!
🔴 احد الشبهات الاخرى التي يستخدمها الملاحدة في نفي وجود الخالق والتي تتضمن في جوهرها فساد صريح هو قولهم:
يقولﷻ: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة: ١٠٦]
⚠ هل يستطيع الله ان يخلق صخرة لا يقدر على حملها.؟
⚠ فإن اجبت "بنعم" او "لا" ستطعن في قدرة الله المُطلقة وبهذا لا وجود لمثل هذا الكيان المستحيل.!
🔲 حسناً، هذا النوع من الاسئلة يحمل شقين يناقض احدهما الاخر:
"هل يستطيع الله ان يخلق صخرة...؟"
1) الشق الاول يتضمن عملية خلق الصخرة، فهي في هذا النصف من السؤال عبارة عن مخلوق مفتقر لخالقه وهو الله فالخالق كما قلنا متعالٍ على مخلوقاته
"... لا يقدر على حملها.؟"
2) الشق الثاني ينافي الشق الاول تماما بحيث يرفعها مباشرة من مرتبة المخلوق المفتقر لخالقه التي افترضها لها في الشق الاول من السؤال ويرفعها الى مرتبة الكيان المهيمن.!
♦ فكما نرى ان هذا السؤال يناقض نفسه، وهذا النوع من الاسئلة لا يصح عقليا لانه يحمل [الشيء] ونقيضه.!
{إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
♦ قاعدة: القدرة الكاملة ترتبط بالممكنات عقلا وهي التي لا تتضمن تناقضا في ذاتها..~
" امور واقعية" وليست محض هرطقات "لا عقلانية"
🔲 احد الاجوبة الطريفة التي تجعل الملحد المجادل يعيد استخدام عقله مجددا ويُدرك انه ضرب بكل أُسس المنطق عرض الحائط وهو يردد هذه الشبهة كالببغاء..
"نعم، يستطيع الله ان يخلق صخرة لا يستطيع حملها ولكنه يستطيع حملها"
🔳 {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة: ١٠٦] :)
⚠ فإن غضب منك المجادل وقال هذا تناقض.!
قل له وعلى ماذا بنيت سؤالك، هل هو على اساس عقلي سليم.؟
🔲 أم انك ضربت كل اسس العقل بعرض الحائط وتمخضت لنا سؤالا يناقض بعضه بعضاً.!
﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾
✴✴✴✴✴
على الهامش: للإستزادة اوصي بقراءة كتاب
فمن خلق الله.؟
للدكتور سامي عامري
🔳 حيث تفصل في المسألة واستعرضها استعراضا كاملاً ومشوقاً في ضوء النقد الفلسفي والتحقيق العلمي الكوسمولوجي.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين..~
دمتم بخير..~
