Image title

علي بانافع

     أشهر ميكيافيلي هو ميكيافيلي نفسه ولم يفلح؟! أقول فلان ميكافيلي أي: يتبع طريقة ميكيافيلي لتحقيق مآربه والوصول إلى أهدافه، وهي: (الغاية تبرر الوسيلة) وهي طريقة بئيسة وغير مبدئية، أو غير أخلاقية، ويكفي أن ميكيافيلي نفسه لم يفلح في تحقيق مآربه انطلاقا من طريقته، ولو كان الخوخ يداوي لداوى نفسه كما يقول المغاربة..

  كانت أسرة مديتشي في الحكم، وأطاحت بها الحكومة الجمهورية الحرة والشعبية، قدم ميكيافيلي خدمات للحكومة الجمهورية، خدماته كانت عبارة عن مهام ديبلوماسية، إضافة إلى ترؤسه لميليشيا الجمهورية، كما كانت له علاقات هامة مع أعداء أسرة مديتشي، رغم أنه لم يكن معاديا لها، بعد 14 سنة تمكنت الجيوش البابوية من إعادة آل مديتشي إلى الحكم، وكان اسم ميكيافيلي على رأس قائمة المتآمرين الجمهوريين؛ فاعتقل وعُذِبْ ثم أطلق سراحه بعد ثبوت براءته، لكن لم يطلب منه استئناف عمله في مدينته، وبقي عاطلاً، في هذه الفترة كتب كتابه الشهير الأمير، وهو سفر صغير لكنه مهم ومثير وشهير، قدمه هدية إلى أمير اسمه لورنزودي مديتشي حاكم فلورنسا،لم يعر الأمير أي التفات إلى ميكيافيلي وكتابه؛ فكانت خيبة كبرى له، وأطيح مرة أخرى بآل مديتشي، واستعيد الحكم الديمقراطي بعد 15 سنة، هنا قد تنتهي نكبة ميكيافيلي؟؟!! لكن تأتي نكبة أخرى، فالجمهوريين ضبطوا عليه أمرين: 

الأمر الأول: ضبطوا طلب استخدام قدمه ميكيافيلي إلى آل مديتشي بعد استعادة حكمهم، فعلموا أنه لم يكن مبدئياً معهم فطاردوه ..

الأمر الثاني: ضبط الجمهوريون مخطوطة كتاب الأمير؛ فنقموا منه تصرفه، وبعد ذلك مات دون أن يحقق بغيته لا مع الملكيين ولا مع الجمهوريين ..

     الشاهد هنا هو عندما تخسر في أية مباراة على ملعب الحياة ولو في الوقت بدل الضائع فعليك أن لا تسنح، ﻻ تستسلم، لا تتراجع، شَغِّلْ مُخك، اعمل عقلك، استدعِ كل خبراتك في الحياة، انتقل من الدفاع إلى الهجوم -فليس عندك  شيء تخسره- شاور من تثق  بكفاءاتهم من حولك، حاور من تؤمن بسداد آرائهم ورجحان عقولهم، وتجنب المحبطين قدر الإمكان، راجع ملفاتك،قف عند اخطائك وخطاياك عن كثب واعترف بها وﻻ تتنصل عنها لغرض التصحيح وتقويم اﻷداء، تأمل ملياً في مواطن القوة والضعف عندك وعند الخصوم لإنقاذ نفسك ومن معك، ﻷن الوقت لا يسمح بالتردد والمكابرة، أما الجعجعة الفارغة، ترى ما توكل عيش وﻻ تطول شارب، فليفهم الميكيافيليون الدرس وليأخذوا منها العِبَرْ ..