هنا سنتحدث لغة مقال غريبة.. سندمج ونُبسّط.. سنفهم الإختعاديّ -وهو الاختلاف والاعتيادي- بين الولد والبنت حسب دراسة شخصية مؤقتة في (العلاقات الجديدة، العواطف والأفكار، المجاري) بالكاد لن أعلمك كيف تكسب العلاقات أو كيف تجذب الناس اليك كالمغناطيس حتى أكون كذلك.. ذلك لأنها وحدها المسؤولة عن ذلك: المصادعقات -المصادفات والعلاقات- ولا تسأل مجددا...

سأشير أن المسألة الأساسية والنهاية المتوقعة تكمن في بداية تلك الفقرة المبهمة والبسيطة: في لحظة بين الصمت والكلام.. حديث داخلي يجري قبل كل كلمة ستقال لتعلن شعور جديد.. بعض الأمور والمشاعر وربما الأفكار لا يجب افصاحها حتى لأنفسنا.. لو عَلمنا حقا ما أجمل من التناغم والاستقرار النفسي -في العلاقات التي لن نخوضها كثيرا- لما أهملنا لتدفق كلماتنا وتصرفاتنا المعنى و الوجود.. ولو كان جوفنا هو وادي وماؤه من الأفكار والخواطر والعواطف لكان ذلك الماء يتدفق خارج شفاتنا. ومن يمرون بجانب ذلك النهر يشربوا منه البعض ولو كانت بعض الناس عبارة عن مجرى للصرف الصحي لكان من الصحي الانتباه لكلامنا أين يُصب. لكن المسألة الأهم هي أين المحطة النهائية لسيل العواطف والخواطر المتجددة حسب تطور العلاقة المرهونة بالاحداث والمواقف والأسرار. ويمكن أن نرى ذلك في خسارة غير متوقعة وإهدار لعلاقة ثمينة بين شخصين لمجرد الحديث بأمور لم تعد مُلحة. ويجب التلميح ان تلك العلاقة لا تقتصر على صداقة أو قرابة أو زمالة .. بل هناك علاقات أعقد من ذلك بكثير ولا تزال تسير بشكل ناجح.

وهنا يجب ان نفهم السبب، والذي قد يكون مرهون بمجرى اللسان والتفكير. غالبا ما تكون العلاقات الناجحة والسريعة تصاب بتوتر ملحوظ منذ بدايتها يجعل كلا الطرفين في تساؤلات مستمرة واهتياجات فكرية مبهمة نحو الطرف الآخر. من الطبيعي ان تستمر على فترات متباعدة ومعقولة، لكن عندما ينحاز العقل تجاه تلك العواطف الجياشة المبهمة التي لا تخلو من البرائة والالحاح المستمر سيكون الأمر صعب لإقناع كلا الطرفين انتظار مجرى الزمن والمصادفات أو الحوارات لتبرير هذه المشاعر المتجددة والمتحللة.

لتبسيط الأمر أكثر سنستعين بمسألة الوادي(نحن) والمجرى(ما نقوله) الذي غالباً ما يؤدي الى المجهول. فأي كلمة فياضة قد تنحشر ستعوض فيضان عارم قد يحدث بعد افلاتها من ذلك المجرى.. ذلك في حالة اعتدال كلا الطرفين فلا يكون أحدا خجول أو متحفظ أكثر من اللازم فهنا قد يسبب انحشار الكلمات (المصارحات) انسداد ذلك المجرى الجميل و اختلاف سياق تلك العلاقة نحو مسار حافل بالمطبات.

• العلاقات الجديدة

سنبدأ بالصنف الشائع والذي لم أتحدث عنه كثيرا حسب قصور تجاربي وخبرتي البسيطة.. وببلاغة معقولة سأصف انها العلاقات الطبيعية، المستدامة، المتجددة والمتحللة. وذلك حسب (الزمكان) الأرضي. انها الاجندة التي تحتفظ بها بكل ما عرفتهم أو قابلتهم يوما.

العلاقات الأكاديمية، وهو أسلوب مجتمعي روتيني عادةً ما يجري تحت ظرف عمل أو دراسة أو بلد جديد ولا ينتهي عادة بالإهتمام العاطفي انما اهتياجه غالبا ما يكون نمطي أو عقلاني بحت. وفيه غالبا نوع من اللذة تظهر في الحوارات الغير رسمية او "أكاديمية" حيث كل طرف لا يريد من الآخر سوى تلك الابتسامة المنشكحة والكلام الودي الذي ينبثق كفقرة اعلانية بين كل حوار شيق ومتواصل. ما يعيب تلك العلاقة في بعض الأحيان أنها مألوفة وقد تكون مملة. الا أنها لا تفقد مكانها كجملة لكن لا يمكن تكرارها في بعض السطور العاطفية الأخرى.

ولا ننسى أسلوب العلاقات التنكرية.. والمقصود انها غالبا ما تكون مزينة بالمعاملات اللطيفة والبسيطة السطحية لكنها لا تخلو من الود ونوع من الاهتمام (التقرب).. والذي يحدث غالبا مع طرفين لم يربطهم "زمكان" محدد ولا لقاء سابق، انما حادثة بسيطة أو مركز تسوق مثلا... هذا النوع مع العلاقات عندما يسير بشكله الطبيعي فيتخذ مساره المتوقع حسب ما يتفق عليه الطرفين دون اتفاق فعلي بينهم.. أو هكذا ما يقودهم الزمن ليصبحوا أصدقاء قريبين .. او مجرد معرفة عزيزة ومهمة وأكثر.

•العاطرية

انها المسائل الفكرية المرتبطة بأمور عاطفية خاصة... و"الفكرية" تعنى بمسائل تقارب العقول وانطلاق مستوى التفاهم للحد ما فوق المعقول. العاطرية في كل أمور الحياة، ما يميزها في العلاقات انها المسؤلة في اتزان العلاقة خصوصا عندما يكون هناك طرف مشوش أو مشدود للطرف الآخر دون تلميح و تأكيد أو سبب.. لأنه -وكما أشرت- المسائل العاطفية لا تستقر ولا تبوح بنتيجة، انها دوماً في تجدد واستفهام يجاوبه استفهام آخر.. فكم مرة ظننا أننا نحب وأكتشفنا أنه لم يكن الحب الذي توقعناه وانما اتخذ مسار آخر ربما أفضل وأخف عبئاً، وكم من مرة حاولنا قول كلمة وجدنا إجابتها بالرفض قبل أن نبوح بها.. ليست المرة الأولى لإظهار إعجابنا أو إخفائه لعدم استقرار أحد الطرفين(العقل والعاطفة) أو أحد الطرفين(الرجل والأنثى). ستبدو سخيفاً لو قلت أنك متأكد من جميع علاقاتك أو بعضها كنت تخطط لها كما هي تحدث لك الآن! ولنفهم العاطرية ونغلق صفحة قبول الصداقات اللانهائية مؤقتاً سوف نتخيل مفهوم المجاري.

•المجاري ومبدأ برنولي

في حالتنا سنعتبر كل ما هو شائب -و شائك- لا يجب التخلص منه عبر المجاري.. والمجاري ليست كل ما نقوله أو نفصح عنه للطرف الأخر انما كل تصرف قد نصطنعه لنوضح الصورة الجديدة للشعور والعاطفة الجياشة ونظن أننا نصبه بشكل سليم مسؤولون عليه كذلك.. يجب أن نراعي مسألة التدفق في كل التصرفات، وانه لا يمكن مناقشة جميع الأمور وطرح كل الأسئلة في الفترة الأولى من العلاقات الجديدة، ولا يمكن حساب مقياس محدد لاستمرار كل فترة فأحيانا ما تؤثر الظروف (الضغط والسرعة) على التخلص من تلك الشوائب أو الكلمات العالقة لكنها في المقابل (وذلك الاهم) تحافظ على معدل الجريان وتوازن العلاقة وذلك حسب المبادئ الكونية البسيطة!

وأخيرا قد أقول من الصادم اننا لم نتحدث عن علاقات بشر أو مجتمع طيلة المقال، لكن لحسن الحظ كان ذلك نفسه المغزى.. انه يمكن استغلال بعض المبادئ لمعظم الأمور الروتينية في الحياة الاجتماعية.. والأهم وقبل كل شيء؛ العلاقات التي نبنيها مع انفسنا كلما اكتشفنا الجديد عنها، ومنها مبدأ برنولي أو المجاري لسير العلاقات الجديدة دون توتر أو تشتيت!

-بقلم وكيبورد/ نور الدين خالد-

٢٢/٧