بسم الله الرحمن الرحيم


♦ مقدمة لابد منها:


الشريعة الاسلامية شريعة متكاملة تراعي في تشريعاتها جميع جوانب الحياة فهي لا تقتصر فقط على «الجانب الروحي» الذي يربط العبد بخالقه، بل نراها في كثير من التشريعات تتخطى الامر لأبعد من ذلك فتدخل تارة في الجانب الاقتصادي و تارة اخرى في الجانب السياسي و الاجتماعي وقد ترى دعوة للاهتمام بالعلم والعلماء في شتى المجالات التي تساهم في ارتقاء الامة البشرية وصلاح الارض، فالاسلام هو شريعة الله الكاملة التي ارتضاها للعالمين وختم بها جميع الرسالات لأهل التكليف من مخلوقاته.

♦ تصور لِما انت مُقبل عليه:

حتى يكون لديك تصور كامل عما سنبحر فيه يا عزيزي القارئ في سلسلتنا القادمة سنبدأ اولا في مناقشة واحدة من اهم التشريعات التي أُثير حولها الكثير من الجدل واللغط وهي «شريعة الجهاد» وسنتطرق في خلال رحلتنا لكثير من التشريعات المتعلقة بها مثل «الجزية» و بالطبع لن ننسى الموضوع الاهم الذي تم استهلاكه عند كثير من الطاعنين في الاسلام وهو موضوع العبيد و الجواري او «الرق» ثم سنختم سلسلتنا بإستعراض نماذج لبعض غزوات الرسول والصحابة التي تدور حولها الكثير من السجالات مثل غزوة بنو قريظة.!

🔲 دع تلك الهموم التي تشغل بالك بعيدا،،

- نعم.. اريدك ان تصفي ذهنك..!

◻ حسنا، لنبدأ... 🌹

: )


«شريعة الجهاد»

🔶من الاشياء التي علينا ان ندركها ان مفهوم الجهاد في الاسلام أوسع من ان نحصره في القتال بالسلاح، فقد قال ابن القيم رحمه الله :

" الجهاد أربع مراتب : جهاد النفس ، وجهاد الشيطان ، وجهاد الكفار ، وجهاد المنافقين"

🔴 ولكن في ساحة النقاشات كثيرا ما تدور الحوارات والتساؤلات حول الجهاد بالسلاح، فمن ضمن الاحاديث التي يقف امامها البعض متسائلاً عن «سماحة الإسلام»

♦ حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى ) رواه البخاري ومسلم.

👈 فالتركيز دائما يقع على قول الرسولﷺ: (فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام)


⚠ فيقف لنا الملحد "متشنجاً" ويقول أهذا ما ما بُعث لأجله نبيكم.؟ إما ان تُسلم و إلا فدماؤك وأموالك مستباحة.؟ أهذه شريعتكم السمحة التي صدعتم بها رؤوسنا والتي تقول«لا اكراه في الدين».؟

⚠ويقف معه القرآني متحيزا الفرصة للطعن في احد اهم مصادر الاستدلال في الاسلام بعد القرآن وهي السنة النبوية، ويقول أهذا ما جنيناه من كتب الموروث.؟ جعلتم الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم متعطش للدماء والاموال.!!

🔶 فنرد عليهم بقولنا: إن «افتقاركم» للمنهج الاستدلالي الصحيح الذي يعتمد على «الجمع» بين النصوص التي وردت في المسألة كاملة «دون اقتطاع»، ادى بكم الى حُكم مبني على "رؤية قاصرة" وتأويلات باطلة ليس لها علاقة بالقراءة الواقعية للتاريخ والتشريعات.!

لنأخذ نظرة عامة على الحديث:

🔸الحديث يتكلم عن النوع الاول من الجهاد  بالسلاح وهو ما يسمى «بجهاد الطلب» وعندما نتحدث عن جهاد الطلب علينا ان ندرك النقاط التالية:

1- جهاد الطلب حق من حقوق حاكم الدولة المسلمة ولا يأمر فيه الا الحاكم لكونه مرتبط ارتباط تام بمصلحة خاصة للأُمة والمجتمع الاسلامي وسندرك هذه المصلحة في النقاط القادمة.

2-هذا الجهاد لا يقع الا على «اهل الحرب من الكفار» الذين ليس بينك وبينهم اي «هدنة او معاهدة» حيث يقول رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة وأتم التسليم:

Image title


🔴 فأهل الحرب من الكفار يُشكلون خطراً محتملاً على دولتك لانهم يحاولون ايضا انتهاز الفرص لفرض نفوذهم عليك واحتلالك.

👈فمتى ما رأى ولاة الامر ضرورة سد هذا المنفذ وفرض السيطرة والنفوذ الإسلامية عليهم، فوجب السمع والطاعة لما فيه خير وصلاح للمسلمين وتأمين للجانب السياسي للدولة.

3- لا يُشترط ابدا ان ينتظرهم الحاكم حتى يدخلوا بلاد المسلمين ويعيثوا فيها الفساد، فبمجرد عدم ارتباطهم معك «بأي ميثاق» يُصبح انتظارهم حتى يهجموا عليك ضربا من ضروب «السذاجة».!

وسيصبح الامر قاصراً على النوع الاخر من الجهاد بالسلاح وهو ما يسمى «بجهاد الدفع» والذي سأتكلم عنه لاحقا ان شاء..

♦ولكي نختصر جميع اقوال العلماء في بيان احكام جهاد الطلب، نُورد قول القرطبيّ رحمه الله حيث يقول: "وقسمٌ ثان من واجب الجهاد؛ فرض أيضًا على الإمام، إغزاء طائفة إلى العدو كل سنة مرة، يخرج معهم بنفسه أو يُخرج من يثق به، ليدعوهم إلى الإسلام ويرغبهم ويَكف أذاهم، ويظهر دين الله عليهم، حتى يدخلوا في الإسلام، أو يعطوا الجزية عن يد" (تفسير القرطبي).

🔶نأتي الان لموضع الشبهة وهي كالتالي:

👈بناء على هذا النص(فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام).

🔴فيقع السؤال كالتالي: هل الرسول يستبيح دماء واموال كل شخص لمجرد انهم رفضوا الدخول في  الاسلام.؟!

♦فنقول إن المتدبر في واقع التاريخ يُدرك ان المسلمين لم يُجبروا احداً على اعتناق دينهم، ويدرك ان المسلمين لم يقتلوا احداً لمجرد انه رفض التحول الى دينهم وبالطبع انا لا اتكلم هنا عن حد الردة لان الردة تقع بعد مرحلة التخيير والاختيار ولها ضوابط وحالات معينة وهي حق من حقوق الحاكم ايضا ربما نتكلم عنها في وقت لاحق ان شاء الله.

🔸عموما، في هذا الحديث الرسول كان يتحدث عن «العِصمة المُطلقة» والتي لا تتحقق إلا بالدخول في الاسلام فلا يُصبح لأحد من المسلمين سلطان على مالك او دمائك لأنك ببساطة اصبحت فرداً منهم.

ماذا عن «العِصمة المقيدة».؟

🔸دعونا اولاً نرى توجيهات الرسولﷺ لنستوعب كيف كان يجاهد المسلمين وهل كانوا فعلا يستبيحون دماء كل من يرفض دينهم.!

Image title

🔶 فنرى ان رفض اعتناق دين الاسلام حق من حقوق كل كافر ولا يعني ذلك بأي حال استباحة دمائه واعلان الحرب عليه.!

♦ بل يتم الانتقال للمرحلة الثانية وهي مرحلة تأمين الجانب السياسي للدولة حيث تدعوهم الى معاهدة بين الطرفين تتضمن اداء الجزية للمسلمين وتثبيت سلطان الدولة المسلمة عليهم بحيث تضمن انهم لن يغدروا او يخونوا او يتعاونوا مع المتربصين بالدولة الاسلامية لانهم اصبحوا في نِطاق معاهدتك.

﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]

⚠ يقول احدهم انا لم اعد اواجه مشكلة مع هذه الاية بعد ان عرفت مفهوم جهاد الطلب وان الغرض لا يقتصر فقط على نشر الدين ولكن أليست كلمة صاغرون فيها اهانة لأهل العهد والذمة.؟

🔴 في الواقع ان للعلماء اقوال واراء مختلفة في معنى الصغار المراد من الاية ولعل ابرزها واقواها في نظري هو قول الامام الشافعي رحمه الله حيث يقول : الصغار هو جريان أحكام الإسلام عليهم.

قد يسألني البعض لماذا اخترت هذا القول من بين جميع الاقوال والاراء.؟!

♦ فسأرد ببساطة بحديث رسول اللهﷺ: 

Image title

♦ يقول الله سبحانه وتعالى: 

﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: ٨]

~~~~~~~~~~~~~~~~

بعضهم يقف معترضا ويقول ان الجزية ظلم لكل مواثيق الانسانية وهي محاولة للإستغلال المادي للكفار ومحاولة ادخالهم للاسلام عنوة.!

♦فنرد عليهم قائلين كوننا نتحدث عن «معاهدة» فهذا يعني ان لهم حقوقاً واجبة ايضا ولعلك بعد إطلاعك عليها ستغير رأيك السابق.! 

فما هي هذه الحقوق.؟

🔶هذه الحقوق تتمثل في: 

1-ضمان الحماية لهم من بطش الاعداء

🔸حيث ذُكر ذلك في كتب الحنابلة: "يجب على الإمام حفظ أهل الذمة ومنع مَن يؤذيهم، وفك أسرهم، ودفع مَن قصدهم بأذى إن لم يكونوا بدار حرب، بل كانوا بدارنا، ولو كانوا منفردين ببلد".

👈وعلل ذلك بأنهم: "جرت عليهم أحكام الإسلام وتأبد عقدهم، فلزمه ذلك كما يلزمه للمسلمين" (مطالب أولي النهى ج ـ 2 ص 602 - 603).

🔹ونرى ان شيخ الاسلام ابن تيمية ضرب اعلى درجات البطولة والتسامح في الالتزام بالعهود عندما رفض ان يبقى النصارى سُجناء عند العدو وان لا يقتصر الافراج على السجناء المسلمين فقط، وكان ذلك عندما هجم التتار.

"اهل ذمتنا قبل اهل ملتنا.!"

Image title

نعم، هذه هي سيرة ابن تيمية رحمه الله، البطل المجاهد الذي حارب اهل البدع بجميع الوسائل وإلتزم المنهج المعتدل دون إفراط او تفريط ولكن للأسف نرى اهل البدع والاهواء ينتهزون الفرص للنيل منه، بل و يصفونه بالمجرم والتكفيري وشيخ الدواعش، ولو سألتهم ماذا قرأتم له او ماذا تعرفون عن منهجه.؟

-سيقولون لك قرأنا من بعض اصحابنا الضالين والمواقع التي تفتقد المصداقية في الطرح ان اغلب كتبه تتلخص في عبارة «يُستتاب او يُقتل».! 

-يا سلام على الباحثين عن الحق.!

♦ دعك من ذلك، سأذكر الان حدث تاريخي مشهور لن تجده الا في تاريخ المسلمين.!

🔸حين فتح أبو عبيدة بن الجراح الشام، وأخذ الجزية من أهلها الذين كانوا يومئذٍ ما يزالون على دِينهم، اشترطوا عليه أن يحميهم من الروم الذين كانوا يَسومونهم الخَسْف والاضطهاد، وقَبِل "أبو عبيدة" الشرط، ولكن "هرقل" أعدَّ جيشًا عظيمًا لاسترداد الشام من المسلمين، وبلغت الأنباء "أبا عبيدة" فردَّ الجزية إلى الناس، وقال لهم: لقد سمعتُم بتجهيز هرقل لنا، وقد اشترطتم علينا أن نحميكم، وإنا لا نقدِر على ذلك، ونحن لكم على الشرط إن نصرنا الله عليهم.

2- حماية الأموال

🔸روى أبو يوسف في "الخراج" ما جاء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران: "ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أموالهم وملتهم وبِيَعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير"

🔹قال علي - رضي الله عنه - "إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا"

♦ وعلى هذا استقر عمل المسلمين طوال العصور، فمَن سرق مال ذمي قُطعت يده، ومَن غصبه عُزِّر، وأعيد المال إلى صاحبه، ومَن استدان من ذمي فعليه أن يقضي دينه، فإن ماطله وهو غني حبسه الحاكم حتى يؤدي ما عليه، شأنه في ذلك شأن المسلم ولا فرق.


3-حماية عرضه من ادنى الاذى ولو كان شتيمة او غيبة

🔸يقول الفقيه الأصولي المالكي شهاب الدين القرافي في كتاب «الفروق» : "إن عقد الذمة يوجب لهم حقوقًا علينا، لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا (حمايتنا) وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيَّع ذمة الله، وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وذمة دين الإسلام" .(الفروق ج ـ 3 ص 14 الفرق التاسع عشر والمائة).

🔹وفي الدر المختار -من كتب الحنفية-: " يجب كف الأذى عن الذمي وتحرم غيبته كالمسلم"

4- التأمين عند العجز والفقر

🔹رأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس، فسأله عن ذلك، فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال: ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم!

🔸وفي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق، حيث كانوا من النصارى: "وجعلت لهم، أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله " . .(رواه أبو يوسف في "الخراج")

🔴 ركز على الكلام المغمق :)

🔶 ثم يأتي ملحد او نصراني جاهلين ويقولوا لك ان الجزية كانت مفروضة لإغتصاب الاموال واستغلال الناس واجبارهم على الدخول في الاسلام.!

5- احترام حرية التدين والاعتقاد 

قال الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ﴾ [البقرة: ٢٥٦]

وقال جل في علاه: ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: ٩٩]

🔹حيث نرى في معاهدة عمر بن الخطاب إلى أهل إيلياء (القدس) نص على حُريتهم الدينية، وحرمة معابدهم وشعائرهم حيث جاء النص كالتالي: "هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسائر ملَّتها، لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبها، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم. ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود . . " كما رواه الطبري . (تاريخ الطبري ط . دار المعارف بمصر ج ـ 3 ص 609).

🔸وفي معاهدة خالد بن الوليد لأهل عانات: "ولهم أن يضربوا نواقيسهم في أي ساعة شاءوا من ليل أو نهار، إلا في أوقات الصلاة، وأن يخرجوا الصلبان في أيام عيدهم" .(الخراج لأبي يوسف ص 146)

🔹يقول العلامة الفرنسي جوستاف لوبون: "رأينا من آي القرآن التي ذكرناها آنفًا أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته.."

♦فلا يمكنك ان تجد ابدا في التاريخ مهما بحثت ان المسلمين اجبروا احدا على اعتناق الاسلام او اضطهدوا شعائره الدينية.!

6- حرية العمل والتكسب وتولي الوظائف المدنية في الدولة

🔹قال آدم ميتز: "ولم يكن في التشريع الإسلامي ما يغلق دون أهل الذمة أي باب من أبواب الأعمال، وكانت قدمهم راسخة في الصنائع التي تدر الأرباح الوافرة، فكانوا صيارفة وتجارًا وأصحاب ضياع وأطباء، بل إن أهل الذمة نظموا أنفسهم، بحيث كان معظم الصيارفة الجهابذة في الشام مثلاً يهودًا . على حين كان أكثر الأطباء والكتبة نصارى . وكان رئيس النصارى ببغداد هو طبيب الخليفة، وكان رؤساء اليهود وجهابذتهم عنده "

🔸و قال ايضا في كتابه "الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري" (الجزء الأول ص105): "من الأمور التي نعجبلها كثرة عدد العمال (الولاة وكبار الموظفين) والمتصرفين غير المسلمين في الدولة الإسلامية، فكأن النصارى هم الذين يحكمون المسلمين في بلاد الإسلام والشكوى من تحكيم أهل الذمة في أبشار المسلمين شكوى قديمة".

🔷 مقارنة بالاموال والمميزات التي كانوا يتمتعون بها في الدولة الاسلامية، فالجزية لم تكن تساوي الا مبلغ زهيد لا يتم فرضه الا على القادرين من الرجال الاحرار

 🔴 فلا تكون على الصغار ولا المجانين ولا الأرقاء ولا العاجزين عن دفعها ولا الرهبان المنعزلين في صوامعهم.

Image title

♦ وبهذا نكون انتهينا من موضوع «العِصمة المُقيدة» فهي بإختصار ما ذكره الرسول في احاديث اهل العهد والذمة 👇

Image title


⚠ يسأل احدهم ويقول: اذا كانوا لا يريدون الاسلام ولا يريدون معاهدتك.؟!

🔶 فنقول له لا خيار امامنا سوى الحرب وهم من اضطرونا لهذا الخيار.!

🔴فماذا تنتظر بعد ان رفضوا المعاهدة.؟ هل ستنتظر حتى يهجموا عليك ويفسدوا في الارض بعد إصلاحها.؟

♦ولنا في الحروب الصليبية وما يحدث في زمننا الحاضر في بورما وفلسطين ونيجيريا وتركستان الشرقية وافغانستان واضطهاد الهندوس للمسلمين في الهند وما يحدث من اغتصاب لثروات الدول الافريقية من قِبل الدول العالمانية الاوروبية واغتصاب ثروات ونساء العراق حتى باتت دمارا بعد ان كانت جنة في الارض ومنبعاً للعلم والحضارة،  وغيرها الكثير من العمليات الاستعمارية التي لازالت قائمة حتى وقتنا الحاضر ولكن يتم تمريرها من خلال الإعلام على الساذجين بإسم "محاربة الارهاب".!

♦نأتي الان للنوع الثاني من الجهاد بالسلاح وهو جهاد الدفع: وهو الدفاع عن اراضي المسلمين ضد المعتدي المحارب، وهو اعظم اجرا من جهاد الطلب، وقد اشتمل القرآن على 39 اية تتحدث عن جهاد الدفع وآيتين فقط تتحدثان عن جهاد الطلب.

♦قال النبي صلى الله عليه وسلم " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد "

🔶يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين واجب إجماعًا، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط -كالزاد والراحلة- بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم"

🔶 وقال الإمام ابن القيم : " وجهاد الدفع أصعب من جهاد الطلب؛ فإن جهاد الدفع يشبه باب دفع الصائل، ولهذا أبيح للمظلوم أن يدفع عن نفسه كما قال الله تعالى " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ".

🔴 فقتال الدفع أوسع من قتال الطلب وأعم وجوباً.

⚠ يسأل احدهم قائلا ان رسول الله يقول في الحديث « أمِرت ان اقاتل الناس...» 

🔴 فكيف كان يقاتل رسولكم الناس.؟


🔶في الواقع، ان للرسول صلى الله عليه وسلم وصايا ثابتة في الجهاد واخلاقيات كريمة كان يربي عليها الجيوش الإسلامية نجدها في الاحاديث التالي:

Image title

    Image title

    Image title

     🔶يقول الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: 8].

    🔶قال القرطبي رحمه الله: دَلّت الآية على أنّ كُفر الكافر لا يَمنع من العدل معه، وأن المثلة بهم غير جائزة، وإن قَتلوا نساءنا وأطفالنا وغَمُّونا بذلك، فليس لنا أن نقتلهم بمثلة قصدًا لإيصال الغمِّ والحزن إليهم

    Image title

    Image title

    ♦ اما في اسرى الحرب الذين سنتحدث عنهم في الجزء الثاني ان شاء الله، فقد وردت احاديث كثير في الاحسان إليهم من ضمنها: 

    Image title

    وسنتحدث عنهم بتفصيل اكبر في الجزء الثاني ان شاء الله.

    🔶 مختصر وصايا الرسول في الحرب تجدها هنا:

    Image title

    ومن من الاحاديث التي تثير الكثير من الجدل في ساحة الحوارات هو الحديث التالي

    Image title


    🔷 يجدر بالذكر ان هذا الحديث صححه طائفة من اهل العلم، لكن الشيخ شعيب الأرناؤوط يراه ضعيفاً، وتضعيفه له بسبب إسناده ومتنه، ففي إسناده عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان

    Image title

    * نقلا عن الدكتور منقذ السقار

    ♦ عموما، يقع نظر اغلب المشككين على عبارة "بُعثت بالسيف حتى يُعبد الله" وتبدأ الافتراضات تحوم مجددا حول وحشية الرسول وهذه الافتراضات قائمة على وساوس صاحبها وليس على دليل قوي يدعمها، فتجد ان اغلب هذه الوساوس التي يقع فيها الشخص هي بسبب فهمه القاصر وعدم جمعه لكامل النصوص التي تحدثت في احكام الجهاد وادابه الاسلامية، ولعل المُطّلع عليها لن يختلف رأيه عن روبرتسن..!

🔸يقول المؤرخ روبرتسن في كتابه "تاريخ شارلكن": "إن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى وأنهم مع امتشاقهم الحسام نشرًا لدينهم، تركوا مَن لم يرغبوا فيه أحرارًا في التمسك بتعاليمهم الدينية" . (حاشية من صفحة 128 من كتاب "حضارة العرب" لجوستاف لوبون)

🔶 ملاحظة: الحسام= السيف 

♦ وجميعنا رأينا كيف كانت وصايا الرسولﷺ في:

1- الجهاد وآدابه وكيف اننا وضحنا المقصود بالعِصمة المُطلقة والمُقيدة

2-اهل الذمة الذين تقع عليهم المعاهدة على الجزية وحقوقهم

♦ فمع كل هذا الزخم الاسلامي لا تستغرب يا عزيزي القارئ ابدا من كلام روبرتسن فأُمتنا قد كانت مفخرة للعالم حيث جمعت اسمى معاني الرحمة والتسامح والحرية مع المخالفين، حيث تجاوزت روح التسامح الإسلامي جميع الحدود حتى وصلت لأسرى الحرب والذين من المفترض انهم مماليك عند المسلمين يتصرفون فيهم كيف يشاؤون ولكن نرى ان الاسلام وضع لهم حقوقا ايضاً لم يعرف لها العالم مثيل، حتى في يومنا الحاضر جميعنا نعلم ماذا يحصل لأسرى الحرب في السجون سواء كانوا نساء او اطفال او كهول.! 


♦الى هنا نصل لختام موضوع نقاشنا حول شريعة الجهاد، سأتحدث قريبا ان شاء الله عن الرقيق في الاسلام وسيكون ذلك في جزء ثاني منفصل، دمتم بخير.!


؛ )


~~~~~~~~~~~


- مدخل للسلسلة المتعلقة بالسنة النبوية