إنتهى عصر القلم... وبدأ عصر القدم...

المتنبي يموت مرتين...!

كلنا من هواة الرياضة ومشجعيها... بل ومحبيها...

فالرياضة تصقل الروح وتشذب الأخلاق...

لذا قيل وصفًا بأن الرجال الرجال... شموخًا وتسامحًا... دائمًا يتحلون ويتصفون بأخلاق رياضية...!

خلال متابعتي لإحدى مباريات كأس العالم لكرة القدم، أذهلني... بل صدمني... تعليق تافه لأحد المذيعين العرب... الّذي كان مبتهجاً بآداء أحد اللاعبين، فقال عنه:

"أنا الذي نظر الأعمى إلى قدمي...."

وما كان ذلك إلّا تعليقاً ووصفاً وتحويراً... أوجعني... تاريخاً وفكراً وشعراً وأدباً...

بإستعارته من بيت المتنبي الشهير وتحويره له...

إذ أن أصل بيت الشعر هو:

«أنا الّذي نظر الأعمى الى أدبي... وأسمعت كلماتي من به صمم...!»

حيث كنت أرى... نتاج أمّة عظيمة تقرأ وتكتب... وتنظّم المعلقات... يتدحرج بين أرجل اللاعبين... وتتقاذفه الكرات...!

هذا التعليق العظيم... أصاب روح المتنبي... صنديد الشعر العربي وعلّامته...

فإنتفضت... وإرتعشت... رفاته... الممزوجة تبرًا في تراب... لتخبر روحه العالم مجدداً أنّه ينتحر أو يموت للمرة الثانية... حين رأى بلاغته وفحولته الشعرية .... تتقاذفها الأقدام...!

حتى أن الكاتب والأديب المصري العظيم و رائد المسرح الذهني توفيق الحكيم له مقولة شهيرة، قالها حينما علم بأجر أحد لاعبى كرة القدم المصرية...

ففى لحظة ألم وإحباط وتحسّر، قال الحكيم: «انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم...! لقد أخذ هذا اللاعب فى سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر منذ أيام أخناتون...!!!»

وبذلك وصف توفيق الحكيم بمنتهى الدقة وبعد النظر … عصرنا هذا...

لذلك... إقتضى التوضيح

علّني وإياكم ممن يتعظون...

والسلام...!

المحامي كمال الحلّاني