أصدقائي القرّاء الأعزّاء...

للكتابة مخاضها... في لحظات الإبداع...

هي وجع جميل... يليق بكاتبه... له ثقافته وطقوسه الخاصة...

وجع لذيذ... تنصهر فيه دوّامات الحياة... من حنين... وألم... وفرح... وإشتياق... وأشياء وأشياء... تتحرّك بداخلنا... تحرّضنا على الكتابة...

نزعٌ داخليٌ ينمو...  ويودّ الخروج... فتولدُ الكلمات...!

كلماتٌ... تولد في معظم الأحيان... بلسماً لندبات الزمن فينا...!

فجميل ان نقطف روائع الإبداع من ثنايا الألم فينا.. ونعيشه كثقافة...

فنخوض غمار الكتابة في معالجة الأوجاع وآهات الروح... حتى نوقف نزيف تلك الآلام...!

وفي غمار الكتابة... لحظات وجودية...

فأن تكتب... إذاً أنت إنسانٌ يفكر...

إنسانٌ موجود... يتساءل عالياً...

ولا يخشى أن يضع نفسه... وذاته...  تحت مقصلة الأحكام...

إنسانٌ... يعيش إنسانيته وألمعيته... ببسالة... وبجود...

ولأن في الكتابة عطاء...

ولأن في الكتابة إبداع...

 تأتي الكتابة لتكون لوحات جميلة تُرسم على وجوه ملاحات الزمن... الأسود والأبيض منه...

لتجد في كل نص رائحة قائله...

فالمعنى يولد من المعاناة ومن رحم التجربة المحرقة للذات...

ولايكون الشعر شعراً والأدب أدباً إلا إذا كان ينضح بخوراً من ذات الكاتب ومن مجامر عشقه ونزقه ونزعه...!

وفي هذا السياق، حفرت في ذاكرتي أبيات شهيرة لنزار قباني... يقول فيها:
«هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟
وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ
في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟
أم أنّني وحدي الذي...
عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟»

لحظات إبداعية... تتجلّى مشاعراّ في صور شعرية... وعبقرية كلمات...!

والسؤال الأبرز الّذي يُطرح هو: ماذا يحصل للكاتب عندما تتأخر اللحظة الإبداعية... ويطول المخاض... وتصعب ولادة الذات بالكلمات...؟

فالصحافي الأميريكي الشهير ريد سميث كان يقول:

(Writing is easy. Just sit in front of a typewriter, open up a vein and bleed it out drop by drop)

أي بما معناه : «الكتابة ليست صعبة، كل ما عليك أن تجلس أمام الآلة الكاتبة... وتفتح وريداً من أوردتك... وتنزف قطرة.. قطرة».

غير  أنّ قلق الكتابة وجحيمها... ما هو بالشيء السهل..

فأن تفتح وريداً من أوردتك... يتطلب جهوزية إنسان صقلته التجارب... وتَمَرُّسِ قلمٍ..!

فعندها... تولدُ لحظات الإبداع...وتنتصر العبقرية!

المحامي كمال الحلّاني