عاد مشكل الصحراء ليطفو على السطح هذه المرة في ملف اقتصادي، حيث حال دون تطبيق اتفاق الصيد البحري المبرم بين المغرب و الاتحاد الأوروبي. المغرب رفض تجديد الاتفاق بعد أن طالبت الجهات الأوروبية المغرب بتعديله لكي لا يشمل المنطقة البحرية التابعة للأقاليم الصحراوية معتبرة أنها" منطقة متنازع" عنها

الحكومة المغربية قالت في موقف رسمي لا تراجع فيه أن المغرب لن يوقع على أي اتفاق أو شراكة دولية تتعارض مع وحدته الترابية ، على أن يدخل المغرب في مفاوضات جديدة في  شهر21 من مارس الجاري مع الاتحاد الأوروبي.

فبعد نقاش طويل داخل أسوار البرلمان الأوروبي حول شرعية الاتفاق جاء قرار  محكمة العدل الأوروبية  ليقطع الشك باليقين و الذي جاء في مجمله أن اتفاق الصيد البحري بين الجانبين لا يجب أن  يشمل المياه التابعة " للصحراء الغربية". سيم و أن المنطقة البحرية التابعة للمناطق الصحراوية متنازع عليها بين المغرب و جبهة البوليزاريو  و من الضروري استشارة الطرف الصحراوي و أخده بعين الاعتبار. و أردفت عدد من الهيئات الأوروبية خلال نقاشاتها تلك أن الأقاليم الصحراوية لا تستفيد من العائدات المالية مما يجعل حذف الشق المتعلق بالأقاليم الصحراوية أمرا ضروري لاستمرار  هذه الاتفاقية على حد قوليها .

المبرر الذي قدمه الطرف الأوروبي وجده بعض المراقبين " منعدم الأساس "خاصة و أن  الاتفاق يشمل ضرورة تقديم تقارير دورية توضح حجم استخدام عائدات الاتفاقية المالية في تنمية الأقاليم و في وقت سابق كانت  "وزارة الخارجية المغربية قد قالت  في بيان لها نشرته وسائل الإعلام إن  قيمة الاتفاق قدرت ب 40 مليون يورو و أن المغرب سيخصص 14 مليون يورو من هذا المبلغ لتعزيز وتحديث قطاع الصيد البحري بمجمل أقاليم المملكة و خص هنا الأقاليم الصحراوية ".

الطرح الذي يقول بأن المغرب لم ينصف منطقة الصحراء و أن هذه الأخيرة  لم تستفد  من العائدات  المالية في صفقات الصيد جاء  مراد الغزالي المهندس في وزارة الفلاحة الصيد البحري المغربية  ليفنده في حديث مع موقع  دويتشه فيله . حيث أبرز "أن الأمر هو «مجرد ادعاء" و أن المناطق الصحراوية في جنوب المغرب تعرف تقدما كبيرا في البنيات التحتية، ضاربا مثالا على ذلك بتواجد أكبر ميناء للصيد البحري في المغرب في مدينة الداخلة، كما أن أكبر سوق للسمك في المغرب موجود كذلك في مدينة العيون. وأكبر مصانع التصبير والتجميد في المغرب تملكها عائلات صحراوية معروفة مثل عائلة الدرهم وجمان".

المغرب بدوره لم ينتظر كثيرا لكي يعلن موقف الدبلوماسي رافضا أن يستخدم الاتفاق في المزايدات السياسية عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري قال في تصريح له لوسائل الإعلام "إن موقف المغرب واضح من تدخل محكمة العدل الأوروبية في اتفاق الصيد البحري الذي يجمع بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا بد أن يحترم السيادة المغربية. و أن  هذا الاتفاق لن يستمر في حالة منع المحكمة البواخر الأوروبية من الصيد في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية".

أخنوش  استدرك قائلا المشاورات لإيجاد حل تتطلب مجهودا دبلوماسيا مشيدا بالدور المهم الذي تلعبه المملكة كشريك اقتصادي مميز  يساعد الاتحاد الأوروبي على تفادي عدد كبير من المشاكل". خاصة و أن وقف الاتفاق بين المغرب و الاتحاد الأوروبي سيكلف هذا الأخير كثيرا الحديث هنا عن إسبانيا على وجه الخصوص و التي  تعرف تزايد في الضغوط من طرف الصيادين  الإسبان الذين تضرروا مطالين بذلك الحكومة الإسبانية بإيجاد حلول بديلة و تعويضهم  في حال بقي الاتفاق معلق .

و بموجد هذه الاتفاقية فسفن الصيد  الأوروبية يمكنها  النشاط  قبالة السواحل المغربية مقابل 40 مليون يورو سنويا، مع إمكانية تعديل عدد السفن ورقم المبالغ المقدمة عند تجديد الاتفاق و تشمل الاتفاقية كل من  إسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وليتوانيا، ولاتفيا، وهولندا، وايرلندا، و بولندا، وبريطانيا.  تحدد بينها عدد السفن و طرق الصيد و حجم ما يمكن استخلاصه من المياه المغربية بطريقة مختلفة من دولة إلى أخرى.