عشر سنوات مضت على حالة استثنائية  تسببت بقلب موازين حياتي ،،حالة اعتبرتها فنا تجريديا استخدم فيها اغرب الاشكال و اعمق الألوان ، لتتشكل بعدها لوحة عجيبة لم افهمها او اجد تفسيرا لها لهذه اللحظة .

 من اجل هذه اللوحة  اجبرت على تقديم أغلى ما املك او بالأحرى كل ما املك من مال ،صحة،اهل و احباب .

الثاني من تموز  ٢٠٠٧ كانت البداية ،مع  مرض مفاجئ لم تعرف اسبابه  ،ولكن و بعد العديد من الفحوصات والتجارب كانت النتيجة هي التهاب فايروسي اصاب جزءا من النخاع الشوكي نتج عنه تلف في الاعصاب  و شلل كلي   لاطراف الجسم   شملت القلب و رئتين.

تم انعاش القلب في الوقت الضائع بعد توقفه لعدة دقائق،من قبل  كادر طبي يتضمن اشهر اخصائي القلب تواجد بالصدفة بوقت اصابتي .

امضيت في المستشفى  مايقارب الخمسة شهور ،استشعرت من خلالها بشعور فأر التجارب ،فما بين كادر طبي ممتاز و آخر اكثر من سيئ ، و مابين اجراء طبي سليم و آخر عقيم ،كان التعامل مع الحالة بيأس و توقع الاسوء .

حصلت على عدة القاب منها  البطل و المناضل و آخر بالخارق لما تضمنه واقعي من آلام و أوجاع،و التوقف التام لحركة الجسم وهي بحد ذاتها حقيقة لا يستطيع العقل استوعابها او التعايش معها بعد ان كان جسدا في عز الشباب مملوءا بالنشاط و الحركة  و خطط مستقبلية على جدول الانجاز .

لم تصب هذه الالقاب واقع الحال و بالعكس تماما فقد كنت في قمة الضعف والانكسار ، ولكن قد اصفه بنوع من  الذكاء في التعامل مع الواقع ،كان بمثابة درع واقي و سلاح اثمر بتقدمي في هذه المعركة التي اتحدت فيها جميع الظروف القاهرة ضدي.

 اجتمع المرض و الاعاقة مع ظروف مادية سيئة   ممزوجة   بمشاكل عائلية لا تعرف بدايتها من نهايتها لتشكل جميعها ساحة قتال لاتعرف خيرها من شرها  ، تجبرك ان تكون السند و انت اكثر من يحتاج المساعدة ،و ان تكون المسعف و انت من تحتاج الدواء.

قدمت لي هذه السنوات شهادة خبرة لن تنالها  في افضل  المؤسسات التعليمية ، تؤهلك لتعرف على من تحب و كيف تحب ،و تدلك على افضل مبادئ التقييم  لكل من حولك،و وتقدم لك متعة حب ذاتك و تقبلك لمن هو انت، وهو تكتيك اساسي لبدأ بخططك الحياتية المقبلة ،و ستعلم ايضا ان العطاء هو افضل انواع السعادة حتى ولو كنت اضعف الكائنات على وجه الارض و ستكتشف انك قد تكون مصدرا اساسيا لطاقة لمن يحيطك.

 لم اعلن انتصاري بهذه المعركة لحد الآن،ولكن الاتفاقيات المبرمة و التي انتهى بها الحال قدمت لي فرصة لتفاؤل و التفكير بالافضل ،فبعد  اكتشاف ذكاء المحارب الذي في داخلي،و تقدير من هو انا ،يجعلني على يقين ان القادم سيكون افضل بإذن الله