اذكر ان ابرز ما تعلمته من دروس الكتابة و التعبير في محاضرات اللغة العربية هو الاستناد الى الايات القرءانية او الاحاديث النبوية وحتى ابات شعر و المقولات المشهورة وذلك لتقديم فكرة او تمهيدا عن الموضوع المراد الكتابة عنه ,لهذا سألجئ الى الاية الكريمة في سورة الجمعة لبدأ موضوعي:

قوله تعالى: {مَثَلُ الّذِينَ حُمّلُواْ التّوْرَاةَ ثُمّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ }.,

تفسيرهذه الاية بحسب تفسير الطبري هو: مثل الذين أوتوا التوراة من اليهود, ثم لم يعملوا بما فيها, وكذّبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم, كمثل الحمار يحمل على ظهره كتبا من كتب العلم, لا ينتفع بها, ولا يعقل ما فيها.(تفسير الطبري)

لن ادخل في تفاصيل قصة نزول هذه الاية و انما سأكتفي بتشبيه هذا القوم الذين انزل عليهم العلم والهداية و لكنهم رفضوا الاقتداء و العمل بها بالحمار الذي يعتل و ينقل الكتب على ظهره و لكنه لا يعلم ماتحويه اوكيف يستخدمها للوصول الى طريق النجاة.

لم اجد افضل من تلك الكلمات الالهية لبدأ ما اريد التحدث به عن صرح طبي كبير اشتهر بفساده و كثرة الشكاوي عنه برغم من حداثته و تطوره و تزويده باحدث الاجهزة الطبية ,وذلك بهدف تقديم الخدمة الطبية المرموقة للمرضى و الاعتناء بهم بشكل يضمن احترام روحا وجدت لتكون في جسد كائن بشري من بني ادم ليس من بني الحيوان ,و برغم من هذا التطور فان ما تشتهر به كوادر هذا الصرح هو الاهمال , عدم المبالاة وقلة خبرتهم . (لكل قاعدة شواذ)

مستشفى الامير حمزة صرح ااسف بان يتبع باسم ملكي, تهدر به ارواح البشر و كأنها حشرات او صراصير لا نكترث لها عند رؤيتها ممدة على الارض اثر دعسة حذاء او مبيد حشيري , اعتذر عن هذا التشبيه الا انه المتداول ما بين المرضى انفسهم وعوائلهم الذي يدخلون و يراجعون احد اقسام هذا المبنى الضخم ,فلن تمضي دقائق على وجودك في احد استراحاته لتسمع “والله احنا مش حيوانات و لا حتى حشرات عشات يعاملونا بهذه المعاملة”.

طوارئ ليست لطوارئ

اصيب هيثم عدنان- شاب عشريني – بضربة اسفل راسه اثر شجار مع احد الاشخاص ,ادى الى فقدانه الوعي نقل مباشرة الى قسم الطوارئ في مستشفى الامير حمزة بحكم قربها من منزله الكائن في منطقة طبربور ,عند الوصول تفاجئ اهل المصاب بعدم اكتراث الكادر الطبي الذي استقبلهم للحالة فبعد نصف ساعة من وصولهم جاء احد الاطباء لفحص المريض الذي بدأ بالهذيان بعد فقدانه الوعي ووجود نزيف في الاذنين الا ان الطبيب اكتفى بقول: “مممممممم الضربة قوية لازم نصورها ,خدووه على التصور “.

استعان اهل المريض بانفسهم لاخذ مريضهم الى قسم الاشعة دون علمهم بمكان تواجده او كيف يذهبون اليه ,ولم يجدوا ايضا اي من الممرضين لمساعدتهم في ذلك .ولكن بعد التصوير و الرجوع الى نفس القسم الذي تم فحص المريض فيه تم الانتظار ما يقارب 45 دقيقة لعودة الطبيب ,لم يتحمل افراد العائلة ما يحدث امام اعينهم من اهمال و عدم مبالة في وقت كان ابنهم ما بين الحياة و الموت , قرروا نقله الى مستشفى اخر ولكن عندما استعانوا بالكادر التمريضي للاتصال و نقل المريض الى سيارة الاسعاف رفض احد الممرضين من مساعدتهم و رد عليهم ” احنا مش خدم عنكم”.

لن انكر الاسلوب اللا واعي لدى الاهل في تلك اللحظة و طريقة تعاملهم مع ايا كان ,ولكن لن ننسى موقفهم الصعب برؤية احد ابنائهم بهذا الحال, الا ان هذه الامور باتت للاسوء عند عدم الاكتراث لها او التعامل معهابشكل صحيح .

الواسطة و الرشوة لضمان الجودة

الحاج (ابو خالد) دخل للمستشفى في حالة يرثى لها ,فمرض السكر هشم جسمه الضعيف و تأكلت اجزاء من اطرافه و اسفل ظهره نتيجة تقرحات الفراش الذي لازمه ما يقارب السنتين دون حراك ,مما اضرافراد عائلته الا ادخاله المستشفى املين ان يتم معالجة الوضع و عدم تفاقم الاضرار الناتجة عن هذه التقرحات,قام الطبيب المسؤول بالكشف على الحالة بعد ان تدخلت عدد من الواسظات الخارجية و الداخلية التي لجئ اليها الاهل لزيادة الاهتمام بالمريض.

برغم من ادراك العائلة لسوء حالة والدهم المرضية الا انه كان لديهم بصيصا من الامل لعودة الى البيت برفقة ابيهم متشافيا مما فيه, فلجات الام الى رشوة العديد من الممرضين و بالاخص منهم في المناوبات الليلية لتلقي الاهتمام الجيد, مع ذلك صادف توقف نبض القلب وتدهور الحالة لعدة مرات ولم يتم التعامل مع الموقف بخبرة كافية ,مما زاد من حدة شحنة الاهل و توترهم حتى استسلموا لواقعهم ومصير والدهم االذي سلم بدوره امانته بعد ايام مؤلمة.

عصابات المستشفيات

ولم تكن الحال افضل مع احمد ابراهيم شاب مقعد لا يتجاوز عمره العشرين عاما, وهو مغترب تتكفل احد المنظمات الانسانية بمصاريف علاجه ,حيث تتجاوز رسوم الليلة الواحدة له في المستشفى المئة دينار برغم من انه في قسم اعتيادي لا يتطلب عناية حثيث او عناية مركزة ,فهو يعاني من التهابات متعددة في جسمه و تشتجات عصبية شدية في اطرافه العليا.

بدا الاهمال عند كادر التمريض واضحا لدى احمد لكنه لم يكترث للامر لقدرته على الاعتماد على نفسه في بعض الحالات ,فهو يقوم بذات نفسه باخذ حبوب وادوية مخفضة للحرارة عند ارتفاع درجة حرارته بسبب عدم تجاوب الممرضين لطلبه عند تبليغهم بالامر .

تفاجئ احمد في احد فجر احد الايام وبتحديد الساعة الخامسة صباحا بشخص غريب يقف بجانبه ,متداعيا انه من البحث الجنائي و انه هنا للطمئنان على احمد و حرصه على اخذه الدواء بموعد الصباحي , لم يقتنع احمد بالامر و طلب منه هوية تثبت ذلك الا ان هذا الشخص اخرج هوية مزيفة زادت من شكوك احمد طالبا منه الخروج و عدم العودة , فر الشاب من الغرفة و بدأ احمد بنداء الممرضين المناوبين الا ان يستجب احد بسبب عدم و جود ايا منهم في القسم,ولكن حينها صادف وجود مسؤولة التغذية التي قامت بدورها بابلاغ امن المستشفى ,حيث تم القبض على عصابة كاملة من خمسة اشخاص يقومون بسرقة المرضى اثناء الليل و استغلال الغياب الطويل للممريضين في تلك اللحظة.

تتعدد القصص وفي المستشفيات الحكومية و العسكرية وهي ليس بعيدة عن ما يجري في المستشفيات الخاصة ,ولكن يبقى التسائل عن عناوين الاخبار التي تنشر وسائل الاعلان عن اعتداءات و ضرب للممرضين و الاطباء في المستشفيات الحكومية وعن مطالة الحراك المختص بهم لوقف ما يسمى العنف ضد الكوادر الطبية ,وعدم الاكتراث للعنف النفسي الذي يتعرض له المريض او مرافقيه عند عدم الاكتراث للوضع الحرج الذي يفصل ما بين الحياة و الموت في بعض الاحيان