في العريش التي كانت تُعرف بـ مدينة النخيل، شكّلت التمددات العُمرانية، لا سيما بعد الحرب بين مصر وإسرائيل التي امتدّت من 1967 حتى 1979، التهديد الأبرز للنخيل، قبل أن تبدأ التحديات البيئية الناتجة عن التغيّر المناخي في منطقة تشهد سنوياً موجات مناخية متقلبة.
في الريسة والسكاسكة شرق العريش، لا تزال مئات أشجار النخيل تحافظ على شموخها قرب السواحل الشاطئية للبحر المتوسط، حيث يضرب في جذوعها البحر بمياهه المالحة ولازال شامخًا.
كما أن أشجار النخيل غرب العريش وفي مدينة بئر العبد وضواحيها لازالت تحافظ على أشجارها ذات الثمار عالية الجودة، إذ أن ثمار البلح المنتج من هذه المنطقة معروف أنه أكبر حجماً.
بينما في موسم الحصاد الذي قد بدأ في الأول من سبتمبر الجاري، تنحني الأغصان بفعل ثقل عناقيد البلح الأصفر والأحمر في محافظة شمال سيناء. ويبدأ متسلقو الأشجار عملهم مع بزوغ الفجر تفادياً للحرّ اللاذع في الساعات المتقدّمة من النهار، يستخدموا أذرعهم للدفع بأجسادهم المعلّقة بحزام مربوط بحبل بجذع الشجرة يسمى "مُطلاع".
ويقول أبو سلّام البالغ 50 عاما، وهو مزارع من حي المساعيد تخصص في متابعة النخيل والإشراف عليه، أن المحصول الزراعي جيّد هذا العام، لكن حبَّات ثمار البلح ليست كما في السابق”.
ويوضح “أن النخيل يحتاج إلى رعاية مُسبقة قبل أن يجنى ثمارها، ففي فصول معينة خلال العام يتم التلقيح وأخرى يتم التكريم، وفصول لا يجوز فيها الإقتراب من النخيل”.
في أعلى الشجرة، يقطف المتسلّقون البلح الناضج فقط لملء سلّة يتمّ إنزالها بعد ذلك بواسطة حبل الى الأرض يطلقون عليها "مشنة" حيث يعمل أطفال على إفراغها على فرشة لتنقيتها. ثم يوضع المحصول في أوعية أو أقفاص مصنوعة من أوراق النخيل يطلقون عليها "عِدّايات خشبية" من أجل تحميله في شاحنات وتوزيعه.
مع ذلك، يقول سلّام إن المحاصيل لا تزال راهنا أقلّ بكثير من تلك التي عرفها مزارعو سيناء في الماضي. في إشارة إلى تراجع المحاصيل “بنسبة تقترب من النصف” في السنوات الأخيرة، إذ كانت تزيد في الماضي.
وطالب سلّام بإقامة مبادرات جديدة للتشجير للنخيل تزامنًا مع مبادرة الزيتون باستخدام شتلات النخيل "الحِيَّاني"، ويُعرف في سيناء أن نوعين من الشتلات للنخيل وهما "المَجهَل والحياني" مؤكدًا أهمية إنعاش أشجار النخيل ورعايتها التي تشكّل رمزاً بيئياً ومحرّكا مهما للاقتصاد.