القلاع والحصون الإسلامية في سيناء

غزاة مصر لم يمروا من هنا 


القلاع والحصون الإسلامية في سيناء 


عشرات القلاع الأثرية شيدت لتكون حصنا منيعاً في وجوه الغزاة للذود عن الديار الإسلامية. 


ميدل ايست اونلاين 

بقلم: حسن غريب أحمد 

باحث في التراث 

كاتب روائي ناقد شاعر. 

عضو نقابة اتحاد كتاب مصر. 


تنشر في سيناء بجمهورية مصر العربية – شمالا وجنوبا عشرات القلاع العربية الإسلامية الأثرية التي شيدت قبل مئات وألوف السنين لتكون حصنا منيعاً في وجوه الغزاة، وقد أدت فيما مضى دورا مهما في الذود عن الديار الإسلامية من خلال أسوارها الحصينة وأبراجها الشامخة وفتحات رمى السهام المبثوثة فيها، حيث صدت الغزاة الصلبين والفرنجة وغيرهم مما حاولوا غزوا واحتلال الأراضي العربية الإسلامية . كما كانت هذه القلاع مقرا للحكام والملوك والأمراء والسلاطين، الذين يديرون شؤون البلاد والأمارة منها، ولذلك عنى هؤلاء بان تكون القلاع غاية في الإبداع وذات ابنيه عديدة تحقق الخدمات المطلوبة منها. 


الحضارة الإسلامية في سيناء 


لقد بزغ الإسلام في شبه الجزيرة العربية وتدفقت الجيوش العربية إلي الشرق والشمال والغرب وكانت قد مهدت لها السبيل من قبل عدة قبائل عربية استوطنت مشارف تلك البلاد .. كان من الطبيعى أن يسعى العرب إلي تأمين طريقهم إلي مصر والشام الا انه ليس في شبه الجزيرة اى دليل يؤكد أن العرب أقاموا فيها الحصون والمواقع الدفاعية مما يدل على أن السكان الاصليين اندمجوا بدون قتال في النظام الجديد . و قد وقع امتزاج بين القبائل العربية وسكان سيناء على اعتبار انهم من جنس واحد وفي التحقيق التالى سنستعرض أهم واجمل القلاع والحصون المصرية في سيناء، خاصة تلك المكتملة البناء . 


القلاع والحصون والاستحكامات الحربية 


إن الأهمية العسكرية التاريخية لسيناء جعلت منها منطقة تمثل بحق اكبر سجل عسكرى في العالم قاطبة، لذا فان هذه الأهمية اهتماما متزايدا تجسد في إقامة القلاع والحصون والاستحكامات الحربية التي ارتبطت مواقع أقامتها بمحاذاة الطرق التاريخية وتتمثل في القلاع وقبور الأولياء والنقوش العربية المنحوتة على الصخور وأهم القلاع هي : - 


اولا: قلعة العريش 


كانت القلعة مستطيلة الشكل طول ضلعيها الشرقى والغربى نحو 75 متراً وطول الضعلين الشمالى والجنوبى نحو 85 متراً وطول ارتفاع السور ثمانية أمتار وفي أعلى "" السور سته مزاغل لضرب النار وفي كل ركن من الأركان الأربعة برج للمدافع، في أسفله قبو لتخزين الذخيرة والقنابل، وبناء القلعة بالحجر الرملى الصلب وكان يحيط بها خندق متسع وكانت تقع على تل مرتفع وكان لها باب كبير بقنطرة مصفح بالحديد الصلب ارتفاعه 5 أمتار وعرضه 3.5 متر . وتقع "" قلعة العريش " على قمة هضبة مرتفعة جنوب غرب العريش، وقد اختير موقعها بشكل يتواءم وحماية طريق الحرب والتجارة الشمالى، كما إنها كانت تؤدى وظيفة إدارة شئون العريش القديمة الملاصقة لها .. و القلعة فرعونية الأصل وكانت توجد بها نقوش مصرية قديمة، وأعيد تجديدها وترميمها خلال العصور التاريخية المختلفة وكان أهم هذه التجديدات ما قام به السلطان التركى سليمان القانونى (1560 م – 968 هـ) لذا ينسب له – خطأ – بناؤها، ومن أهم الأحداث التي شهدتها القلعة اتفاقية العريش عام (1801 م) التي وقعت بين الأتراك والفرنسيين وقضت بجلاء الفرنسيين عن مصر .. 


ثانيا ً: قلعة نخل 


إحدى القلاع التي شيدت في عهد قنصوه الغورى في بلدة نخل بدرب الحج المصرى وعرفت بالخان وتخطيط القلعة مربع الشكل وفي واجهتها ثلاثة أحجار تاريخية في صف واحد عليها كتابة بالعربية بحروف ناتئة . و تعد القلعة من أهم القلاع المشرفة على طريق الحجاج القديم حيث لم يعد للمخافر والمراكز التي كانت تقوم بتأمين الحجاج المسلمين بقايا سوى هذه القلعة التي يرجع تاريخ إنشائها إلي السلطان المملوكى قنصوه الغورى (1516 م – 915 هـ) وهى من اجمل القلاع التي شيدت في عهده، لذا اختارها محافظ سيناء الانجليزى مقراً لادارة سيناء، وخلال الحرب العالمية الأولى قامت الحامية المصرية التركية بالقلعة بتدميرها أثناء انسحابها من سيناء (1914 م) حتى لا تترك للانجليز فرصة الاستفادة من موقعها الاستراتيجى الحاكم، لذلك لم يتبق منها سوى اطلال تبرز منها بقايا سورها الشمالى الشرقى وصهريج المياه القابع بالجهة الشمالية الشرقية من القلعة .. 


ثالثا ً: قلعة المغارة 


تقع في منطقة تسمى "" خربة الرطيل "" بقرية الجورة جنوب مدينة رفح بشمال سيناء بمسافة تبلغ حوالى 30 كم، ويذهب بعض الباحثين إلي القول بأنها من بين القلاع التي شيدت خلال العصر الرومانى .. 


رابعاً: قلعة لحفن 


و تبعد عن مدينة العريش (جنوباً) بمسافة 13 كم تقريباً، ويرجع تاريخ إنشائها الى العصر الرومانى استناداً إلي مادة البناء المستخدمة في تشييد القلعة وبعض الاساسات المتبقية اعلى جبل لحفن، كذلك استناداً إلي الشقاقات الفخارية والقطع الزجاجية الموجودة فوق بعض التلال الأثرية بالمنطقة .. 


خامسا: قلعة استراسين (الفكرسيات) 


تقع جنوب منطقة الزرانيق الحالية، بناها الإمبراطور الرومانى جستنيان وذلك في عام 545 م وقد اختير موقعها على تل مرتفع يشرف على التقاء الطرف الشرقى لبحيرة سريونيس (بحيرة البردويل) والطريق الحربى الشمالى (طريق حوريس)، كما شيدت بالموقع عدة كنائس، كما وجد بها آثار لمسجد اسلامى تحمل مئذنته تاريخ (1171 م – 567 هـ) 


سادساً: قلعة الطينة 


و تقع بين قلعة الطينة وبين تل الفضة، خرائب الفرما، وكانت تحرسها حامية عثمانية حتى أوائل القرن التاسع عشر ويذكر أهل العريش القدماء أن حاميتى قطية والطينة نقلتا الى قلعة العريش منذ عهد بعيد ولا نعلم تاريخ بناء هذه القلعة .. و قلعة الطينة اسمها مشتق من موقعها الطينى الموحل، تقع على لسان فرع النيل البليوزى القديم غرب المحمديات (جرها) وشمال مدينة الفرما القديمة، يرجع تاريخها إلي العصر المملوكى وتتخذ شكلا دائرياً يشغل مساحة لا تتعدى سوى 10 × 10 متر وهى مبنية بالطوب اللبن الذى كان متوفراً في المنطقة نتيجة لرواسب فرع نهر النيل البليوزى القديم .. 


سابعاً: قلعة قطية 


يشرف موقعها على الدرب السلطانى شمال شرق مدينة الفرما، وزادت أهميتها بعد تهديد الصلبيين لطريق الساحل (خاصة في القرن الخامس الهجرى/الحادى عشر الميلادى) أقام فيها والى طلبخانا لجباية عشر قيمة التجارة من التجار وكان يساعده في ذلك قاض وناظر وشهود ومباشرون، وكانت القلعة بمثابة نقطة للتصريح بالسفر الى مصر وكانت الجيوش المملوكية تحضر في القلعة لمحاربة المنشقين عن الحكم، وكانت هذه القلعة مركزأ برياً هاماً بين مصر والشام خاصة اثناء فترة ولاية بيبرس الجشنكير (708 هـ – 1308 م) والسلطان الظاهر برقوق (784 هـ- 1382 م) .. 


ثامناً: قلعة ثارو 


تقع على بعد 2 كم جنوب شرق مدينة القنطرة شرق ويرجع تاريخ إنشائها الى الملك الفرعونى سيتى الاول (1290 ق .م) وكانت تعد بمثابة المركز العسكرى الذى يتولى تجهيز الجيوش الفرعونية خلال الحروب المختلفة التي خاضتها مصر القديمة .. 


تاسعا: قلعة صدر 


رأي القائد العربى الكبير صلاح الدين الأيوبي أن يشيد حصناً في قلب سيناء لكى يأمن ناحيتها وليقضى على مؤامرات الصلبيين والبدو فانشا قلعة صدر حوالى عام 1183 م وكان الانتهاء من البناء عام 1187 وهو ما يتفق مع التاريخ الهجرى المنقوش على القلعة .. 


عاشراً: قلعة طريق فرعون 


و يحيط بها سور منيع له باب يتجه نحو سيناء ويرجح ان يكون بناء القلعة قد تم بأمر من صلاح الدين الأيوبي إذ إنها تشبه في تخطيطها قلعة صدر 


الحادى عشر: قلعة العقبة 


تقع جنوب بلدة العقبة على بعد خمسين متراً من شاطئ خليج العقبة وقد أمر بانشائها ابو النصر قنصوه الغورى عام 1516م كما يتضح من النقوش الموجودة على جدران الديوان الأيمن وهى مربعة الشك وشيدت بالحجر المنحوت وكان على كل ركن من أركانها الأربعة برج ولكنه تهدم .. 


الثاني عشر: قلعة الطور 


تقع جنوب بلدة الطور وتشرف على خليج السويس وشيدت في عصر السلطان سليم العثمانى واستخدم أهل البلدة حجارتها لبناء منازلهم، واتخذ بعض موظفى الحكومة ما بقى من أحجار أساسا لبناء دور الحكومة 0 


الثالث عشر: قلعة نوبيع 


و كانت قد شيدتها وزارة الحربية المصرية عام 1893 م بعد تسليم قلعة العقبة الى الدولة العثمانية حيث جعلتها مركزاً للشرطة .. 


تقع القلعة على بعد ميلين من مصب وادى العين شمالاً وخمسين ميلاً من العقبة جنوباً وتسمى الجهة القائمة فيها القلعة "" نوبيع القرابين "" تمييزاً لها عن نوبيع مزيفة .. 


وأخيراً مما لا شك فيه ان هذه القلاع هى تذكير بأهمية سيناء المصرية من الناحية الجغرافية والاستراتيجية، وبأنها مفتاح رئيسى من مفاتيح المنطقة العربية لمحاذاتها للبحر الأبيض المتوسط وآسيا الصغرى ودول المشرق العربى .. 


المراجع والمصادر 


1 – كتاب " العمارة العربية الإسلامية " 


د . عبد القادر ريماوى وزارة الثقافة – دمشق 1979 م 


2 – كتاب " وصف سيناء " من سلسة وصف مصر المعاصرة – 


وزارة الأعلام المصرية 1983 م 


3 – كتاب " محاور التنمية السياحية في شمال سيناء " 


تأليف : قدرى يونس العبد – مؤسسة بيتر للطباع – القاهرة 1989 م 


4 – م . حسن رجب " النهضة السياحية ومستقبلها 


(القاهرة الدار القومية للطباعة والنشر– 1966 م) 


5 – كتاب إقلاع سيناء الحضارية " 


عبد الرزاق قزون – الهيئة العامة للآثار – دمشق 1984 م 


6- كتاب تاريخ سيناء 


تأليف : نعوم شقير 


* حسن غريب أحمد، عضو اتحاد كتاب مصر