حسن غريب أحمد ( 1965- 2021م )
"قاص وكاتب مصري"
بقلم/ عبدالله السلايمة
حسن غريب أحمد كاتب وقاص مصري، يُعد من أوائل كُتّاب القصة القصيرة في شمال سيناء، ومازال يزاول كتابتها مع مزاولته مهنة التدريس كمعلم للغة العربية.
وُلد حسن غريب في مدينة "العريش" عاصمة محافظة شمال سيناء في الثالث عشر من شهر يونيه عام 1965م، تعلّم في مدارسها، وحصل على دبلوم معهد المعلمين بالسويس عام 1986م، ثم حاز عام 1994 على بكالوريوس التربية في جامعة قناة السويس ــ شعبة تعليم ابتدائي للتأهيل التربوي قسم اللغة العربية والتربية الإسلامية، ويعمل حاليًا مدير مدرسة بالتعليم الأساسي بمديرية بالتربية والتعليم.
ورغم أن تجربة كتابة القصة القصيرة من التجارب الأدبية الحديثة في شمال سيناء، إلا أن حسن غريب أحمد، استطاع أن يقدم خلال الأربع عقود السابقة عددًا من الإبداعات السردية القصصية والتجارب الروائية، ساعده في ذلك ولوجه عالم "الإنترنت"، هذا العالم الأوسع، والأكثر حرية الذى أتاح لبعض كُتّاب القصة والرواية ومن بينهم حسن غريب فرصة الانفتاح على الأساليب والتقنيات السردية الجديدة في العالم. إلى جانب وعيهم بأهمية تطوير أدواتهم السردية وفق أنساق أسلوبية تتجاوز مرحلة التأثر والتقليد، إلى مرحلة الإبداع الأكثر نضجاً، وتماساً مع هموم الإنسان في سيناء، والاشتباك مع قضاياه.
بدأت أولى تجارب حسن غريب القصصية في الظهور أواخر الثمانينات، بعد تأسيس نادى أدب العريش عام 1980، حيث أصدر مع بعض أعضاء النادي أول مجموعة قصصية مشتركة "الحب وقصص أخرى" عام 1989عن دار الفارس العربي بالعريش، ثم توالت إصداراته القصصية. فقد أصدر عام 1998 أول مجموعة قصصية (الانحدار إلى أعلى) عن (الجمعية المصرية للمواهب)، ضمت المجموعة أربعة عشر قصة، ووفق قول الناقد حاتم عبدالهادي " تُمثّل المجموعة نموذجا متميزاً في عالم القصة، لما تتمتع به من مزج الحلم بالواقع، والملهاة بالمأساة، والمزج بين الأجناس الأدبية: المسرح، الرواية، الشعر".
وأصدر في العام التالي 1999 عن إقليم القناة وسيناء الثقافي – النشر الإقليمي – مجموعته
القصصية الثانية "تجاعيد على حجر من ذهب" التي فازت إحدى قصصها (مكاننا) عام 2001
بالمركز الأول ببرنامج (أوراق) الذي تنظمه إذاعة إلـ BBC البريطانية، ما شجعه على مواصلة الكتابة وإصدار مجموعته الثالثة "اتجاه إجباري" عام 2004، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، إقليم القناة وسيناء الثقافي، فرع ثقافة شمال سيناء.
ولعل من الملاحظ أن تجاربه كمعلم في التربية والتعليم تظهر بجلاء في كتاباته، ففي هذه المجموعة يقدّم نماذج مختلفة من المجتمع السينائي البسيط، وخاصة من أوساط المدرسين، حيث يقتفى أثر التفاصيل اليومية البسيطة في هذا العالم، كما يقدم لنا خريطة مختلفة للحياة في سيناء، بكل ما تحمله من تفاصيل بسيطة وحميمية يتداخل فيها الواقع مع الخيال، كما يتداخل عالم الإنسان مع عوالم الطيور والروائح وغيرها من العوالم المثيرة للانتباه.
وفي عام 2006 أصدر حسن غريب مجموعة رابعة " امرأة تعزف على الأسلاك الشائكة"( سلسلة ابداعات) الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وعن اتحاد كُتّاب مصر أصدر عام 2009 مجموعته القصصية الخامسة "عينان في الأفق الشرقي" تتكوّن المجموعة من ثماني عشرة قصة قصيرة : الأولى: عينان في الأفق الشرقي، والأخيرة: لحظة حب، وبين القصة الأولى والأخيرة، مجموعة من القصص المتنوعة، يربط بينهم حداثة التناول وطرافته. وتتحدث عن أدب المقاومة، وكيف كان أبناء سيناء درعًا واقيًا ومدافعًا عن الوطن، من خلال تعاونهم ومؤازرتهم للأمن المصري في ذلك الوقت، حتى عودة سيناء لمصر عام 1982.
يتسم إنتاج حسن غريب بالقِلة، فبالنظر إلى أعماله التي صدرت سنجد أنه قدّم خمس مجموعات قصصية، وله بعض الدراسات النقدية تناول فيها إبداعات بعض أدباء شمال سيناء ومصر والوطن العربي، نُشرت في العديد من المواقع الإليكترونية، وله أيضًا بعض التجارب في الشعر الفصيح، جمعها في ديوان مخطوط أختار له عنوان( هكذا كلمني البحر)، وله كذلك تجربة روائية مخطوطة (حنظل الشمال)، قال عنها المرحوم الأديب فؤاد حجازي: " الأعمال الأدبية التي تدور حول الإنسان المصري في الأماكن المنعزلة البعيدة عن الوادي تثرى الأدب المصري والعربي بوجه عام، وتنفي العزلة عن تلك البيئات عندما يزيد وعينا بالإنسان النوبي كما في أعمال محمد خليل قاسم و حجاج أدول و يحيي مختار وغيرهم، وبإنسان أسوان كما في أعمال عبد الوهاب الأسواني وأحمد أبو خنيجر وغيرهم وها هي رواية (حنظل الشمال) لــ " حسن غريب" تنفي عن إنسان سيناء غربته، وعن بيئتها عزلتها، وتضيف لوعينا الإنساني مزيداً من الإحساس بالجمال و البراءة".
ويتحدث حسن غريب عن هذه التجربة فيقول " تلك التجربة لا تعني أنني خلعت ثوب القصة القصيرة وتوقفت عن كتابتها، فكل ما في الأمر أن الرواية قد أغوتني كما الكثير من كُتّاب قصة، وقد وجدت فيها مساحة أكبر من الحرية لرصد ما يحدث حولي بشكل أكثر راحة، وتفاصيل أكثر دقة".
وكما كل مبدعي سيناء لم تحظ كتابات حسن غريب بالمتابعة النقدية الكافية من نُقّاد الأدب؛ ليتسنى لنا الوقوف على ميزاتها الأدبية الأساسية، ربما كان ذلك أحد أسباب قلة إنتاجه الأدبي وانصرافه للعمل كمراسل لبعض الصحف، مثل: (سيناء المستقبل وصحيفة التعاون وصحيفة البادية اليوم قبل توقفها منذ عدة أعوام). وكما هو حال كافة كُتّاب سيناء يحدو حسن غريب الأمل في أن يلتفت النُقّاد إلى كتاباته.
وربما ما يدفعه إلى الاستمرار في الكتابة على فترات متباعدة حصوله على بعض شهادات التقدير من مديرية ثقافة شمال سيناء وبعض جمعيات المجتمع المدني تقديرًا لإسهاماته في مجال الخدمة الأدبية والثقافية في شمال سيناء، وعضويته للعديد من المؤسسات والمنظمات الثقافية، مثل: اتحاد كُتّاب مصر، نادى القصة بالقاهرة، دار الأدباء بالقاهرة، أتيليه الفنانين و الكتاب بالقاهرة، عضو الجمعية العربية للفنون و الثقافة و الإعلام، وعضوية اتحاد الكتاب العرب.
وكذلك حصوله على بعض الجوائز، مثل: جائزة الــ بى بى سي 2001، جائزة مسابقة النقد والقصة التي تنظمها مجلة النصر للقوات المسلحة ( أكتوبر الذاكرة المتجددة ) عام 2002م، جائزة الجمعية المصرية 2003، وجائزة صحيفة "العروبة" للشعر الفصيح 2004 م.
وأيضًا يجدر الإشارة إلى عضوية مجلس إدارة نادي أدب العريش لأكثر من مرة، وتوليه رئاسة مجلس إدارته لدورة 2004 ــ 2006 م.
ويمكن القول في النهاية أن حسن غريب أحمد يُعد من رواد الحركة الأدبية في شمال سيناء، حيث كان له الدور الريادي إلى جانب أدباء آخرين يجيء المرحوم الشيخ محمد عايش عبيد، والشاعر والناقد حاتم عبدالهادي السيد في مقدمتهم في التأسيس لحركة أدبية وفعل ثقافي في مدينة العريش، فضلاً عن دوره في إثراء الحراك الثقافي والأدبي في إقليم القناة وسيناء.