يعد الهيكل التنظيمي هو الشكل الأكثر انتشارًا لتمثيل أجزاء المنظمة وكيف تعمل معًا. ومع ذلك، فإن هذا الوجه لايكفي للتعرف عليها لأن مايوضحه فقط هو التسلسل الهرمي للسلطة. لذلك فهناك حاجة إلى مناظير مختلفة تعرفنا على المنظمة وتفكك تعقيداتها وتفسر تناقضاتها وتساعدنا على تكوين فهم أعمق لها مما يمكننا من تصميم وإدارة منظماتنا بشكل أفضل. كما يمكننا فهم المناظير المختلفة من قيادة عمليات التغيير بفعالية وزيادة احتمالات نجاحها.لذلك فإننا سنلقي نظرة سريعة على مجموعة مناظير للمنظمة كما أوردها قاريث مورقان في كتابه Images of Organiztion :
١. المنظور الميكانيكي: يعتبر المنظمة كنظام ميكانيكي له مكونات مترابطة تؤدي وظيفة أو وظائف محددة بكفاءة عالية لذلك فهو يركز على توضيح الأهداف وبناء الهياكل بشكل عقلاني ويلخص مهمة الإدارة في التوجيه والتحكم.
٢. المنظور الدماغي: يعامل المنظمة كمعالج للمعلومات ويعنى بنمو المنظمة وديمومة جوانبها المعرفية وقدرتها على استمرارية التعلم وتصحيح المسار، فيساعد على حصر واستكشاف الجدارات الموجودة والمطلوبة وقواعد بناء فرق العمل وأساليب إدارة المعرفة.
٣. المنظور الحيوي: يعامل المنظمة ككائن حي يولد وينمو ويهرم ويمرض ويموت كما أنه يتأثر ببيئته ويؤثر فيها ويتكيف معها ويركز على استكشاف طبيعة الهيكل التنظيمي الملائم لطبيعة عمل المنظمة وبيئتها الداخلية والخارجية.
٤. المنظور التغييري: يعتبر أن المنظمة في حالة تغيير مستمر بحكم دخول وخروج عناصر جديدة فيها وتغير الوسائل والتقنيات من حولها وهو يحذر أيضًا من أن نجاح المنظمة الحالي يحمل بطياته بذرة فشلها المستقبلي إذا تجاهلت التغيير، وبالتالي فهو يؤسس لمفهوم أن التغيير الإيجابي تقوده قوى متعاكسة هدفها الحفاظ على ديناميكية المنظمة.
٥. المنظور السياسي: يعتبر المنظمة كتحالف يضم اهتمامات مشتركة أو مختلفة وكنظام يقوم على التعاون والتنافس قد ينشأ الخلاف من خلاله لذلك فعلى المنظمة تقبل الخلاف والتعايش معه لأنه شئ طبيعي. كما أن هذا المنظور يدعو لدراسة مكونات المنظمة من حلفاء وخصوم ومعارضين وأصحاب نفوذ ومستفيدون ومتضررون للتعامل مع احتياجاتهم وتوجيههم لخدمة المنظمة.
٦. المنظور الثقافي: يؤدي إلى فهم أسباب ما يدور في المنظمة فهو يتجاوز الهياكل والعمليات الظاهرة إلى الاستراتيجيات والأهداف وماهو أعمق منها كالأفكار والتصورات والمسلمات التي نشأت عليها المنظمة.
٧. منظور السجن النفسي: يبحث عن النقاط العمياء في المنظمة ويحلل الثقافة نقديًا خوفًا من أن تأسر المنظمة بقيودها وتعيقها عن التغيير ويدعو لفحص تاريخ المنظمة بنجاحه وإخفاقاته للتعلم منه.
٨. منظور الهيمنة: ينظر إلى المنظمة كمؤثر قوي في حياة موظفيها وزبائنها فقد تكون مصدر سعادة أو تعاسة لهم بأنظمتها ومنتجاتها، فيحلل هياكلها ومدى مرونتها وخدمتها لأهداف المنظمة كما ينظر إلى منتجاتها وأثرها على حياة مستخدميها.
٩. المنظور الترفيهي*: يسلط الضوء على تنوع الجوانب الإبداعية والاجتماعية والمبهجة ومصادرها في المنظمة التي تجعل العمل فيها ممتعًا ويتساءل عن مواهب موظفيها وعما تحتفل به. هذا المنظور تديدًا لم يذكره مورقان في كتابه ولكنه يمكن أن يندرج تحت " مناظير أخرى".
كل منظور من هذه المناظير على حدة يسلط الضوء على جانب مختلف في المنظمة ويغفل آخر، وتبني أحد المناظير دون الآخر لفهم المنظمة أو إدارتها لايكفي وقد تكون له عواقب مفاجئة غير محمودة. لذلك فمن الضروري مراعاة تكاملها للتعرف بشكل أفضل على المنظمة ولكن كيف يكون ذلك؟