ليست مَخبئًا فحسب بل تحملُ الحُزن وتُخفي قولًا عظيمًا ، وتحمي مياه غزيرة ..
وتستمتع بالنظر فقط، خوفًا من أنّ تُخدش بجريرةِ جمالها المُستمد من أناقةِ جنازة ذلك الحُزن الذي يتغللُ كالعروق في بياضِها ..
خوفًا من أنّ تبتهج قبل أنّ تُكرم غصتُها ثلاثةِ أيام العزاء ..
فأصبحت تُدعى بالعميقة ذات الجفونِ الذابلة ، التي تُحاول أنّ تصمد ولا يسيل منها سوى الفرحَ والإنشراح لكنها وبكل بساطة استسلمت لهُ في أخر رمقٍ لها
في هذه الحياة ويأست من تحمل الأعباء ، وانمهرت من عينيها أمطارُ السنين القاحلة ، انهمرت مياهٌ جارية ، انهمرت دون استأذان !
انجلت بعد أنّ لدغتها لدغةُ الموت ..
أجل ، هل سمعتم عن أحزانٍ قتلت أصحابها بعد استقرار كادت أنّ تُخسف منهُ الجبال ..
قيل أنها دموع الموت وقيل ليس للموت صوت ، فثبتت الأغصان ولم تعد الرياح تُحركها كما تفعل في السابق ، لأن جذورها اقتلعت دون سابقِ إنذار !
أُهنئك ياعيناي فأنتِ أقوى من أنّ يُصيبك الإنهيار، مع أولِ صفعةٍ من الأيام ، وجليلةٌ أنتِ كصاحبتكِ الذي لم يقضي على حُزنها سوى سكراتُ الموت الزُؤام ..
-غادة آل سليمان