‏ألبارحة ، فيما أجوب دهاليز النت بحثا عن بهجة صغيرة مزيفة أغمض عيني على جمالها قبل أن أغفو ، وقعت على عدد من الصور المبهجة ، صور ورد بري صغير ألوانه حارة و فريدة ، مساحات خضراء شاسعة مكللة بالغواية ، و أكواخ خشبية تطل نوافذها على المدى و تكحلها سحب سمراء مثيرة ، سارعت إلى حفظ الصور ثم تأملتها ببطء و التذاذ و جال في خاطري أن أرسل لك بعضا منها كنت سأخدعك و أقول : صور من الريف الفرنسي .. على يقيني بأنك راض بالجمال الصرف كائنا ما كان انتماؤه ، لكني عدلت عن الفكرة و قلت في نفسي : أأرسل البهجات المزيفة الصغيرة لمن يرفل في البهجة الحقيقية الآن ؟ يا لحمقي .. أعلم أنك تشرب الجمال الآن بحواسك الخمس ، تسمع صوت الحياة تسوقه إليك زقزقة عصفور عنيد نشيط يأبى أن يغرد بعيدا عن نافذة غرفتك ، دون أن تعمد للبحث عنه خارج الصناديق الاسمنتية المحشوة بهدير المكيفات ، تشم أريج الورد فيضطرب قلبك قبل أن تثقل فتنته جفنيك ، يتكاثف الندى على كفك قبل أن تمده بأصابعك على وجه ورقة خضراء ، تخزن في فمك حلاوة التوت و رشفة من القهوة فتنتشي قبل أن تلتهم حصتك من البهجة كاملة .. على أي سخافة كنت مقبلة !

هديتك التي أرسلت لي ، التفاحة التي ماتزال معلقة بذراع أمها البهية ، كانت عطرة شهية أعتقد أنها ألذ ما حملته الشجرة ، سأحتفظ بحلاوتها التي انفجرت بهجة و دهشة في فمي لوقت طويل جدا .. إلى الأبد ، الأبد الذي بدأ الآن !

و صباح الغد سيكون مشرقا مفرحا ، ذاك أنك ذكرتني في تلك الجنة الصغيرة المزركشة بعناقيد الشمس و الجمال ..

تشكرات لا تنتهي على هديتك المبهجة يا صديق الزيف  .