من الإيقاعات الأقل تشويقا أثناء "السواليف" أن يصرّح المتحدّثُ بقوله "وهذه قصةٌ حقيقةٌ" ..

مشهورةٌ جدا هي هذه الورطة؛ يسردُ أحدُهم الحكايةَ وقُبيل النهاية يسكتُ سكتةً دراميّةً محترفةً قائلا: "ترا السالفة صج" .. وفي كل مرة تسمع فيها هذا البيان يجبُ عليك ألّا تشكك في مصداقية القصة ولا صاحبها؛ وفي كل مرة تسمع فيها هذا البيان يظنّ المتحدّثُ المسكين أنه قد أدهشك حقيقةً بحكايته "الصجيّة" .. ولات ثمة دهشة!

من خلال ملاحظتي البسيطة, يظهر هذا النوع من القصص الحقيقيّة غالبا حين يكون المحدَّثُ متورطا أساسا بمعية أحدهم وبالاستماع له: في الطائرة, في سيارة الأجرة, وفي طوابير الانتظار. وترافق هذه الورطة كذلك أساليب سرد متنوعة, منها أن يغلّظَ الأيمان خلالها تغليظا؛ وذلك تأييدا لحقيقيتها, وفرضا لوجوب الاستماع لها. وحين تحاول التلطف مجاملا ومتفاعلا فتقول: "من صجك؟!" .. فـ "تولّم" لمزيد حملٍ من العبارات والأيمان التي تؤيد تلك "الصجيّة" ..

عند الحديث -عادة- يُظْهر الناسُ متلطفين أصواتا تعبر عن تفاعلهم مع قصة صاحبنا "وشرواه" الحقيقيّة. تخيلوا معي لو أن هذا التفاعل الصوتي المعبّر يظهر فقط إن كان المخاطب مندهشا في الحقيقة, أو إن كان يؤمن يقينا أن حديث صاحبنا كذب كلُّه. ثم تخيلوا كم يحتاج المرء من الثقة بالنفس والشجاعة ليعرِضَ نفسه "حكواتيا" من هذا الطراز؛ وكم يحتاج من الثقة ليكون على يقين إنه مؤهل فعلا ليدهشنا. الأمر يبدو مخيفا لي إلى حدٍ ما!

- سايدي ستاين The Paris Review 

الصورة المرافقة بعنوان "الجد يحكي قصة" للرسام السويسري ألبيرت أنكر