نحن بني البشر بطبعنا نحب اللقاء والتمتع بمجالسة الآخرين والتعرف عليهم والتكسّب من خبراتهم اليومية وحيواتهم المختلفة، إذ إننا بذلك نتعلم منهم، ونسعى بأن نحيا حياة أفضل وأقل ضرراً وأكثر إنتاجاً. إلا أن بعضاً من الناس، لا يمروا مرور الكرام، بل تختلط أرواحهم ببعضهم، فإما أن تتعمق علاقاتهم، فينتج ارتباطاً أقوى وأكثر صلابةً، أو ارتباطاً هشاًّ لا يدوم الا لساعاتٍ أحيانا. 

رُبّينا على أن نميز الخير من الشر. لكن، ما الذي يجعلنا نخوض الشر عوضاً عن الخير؟ المجازفة. وأحيانا قرب الشر منك عن الخير. الأصل في الانسان أنه يحتمي بالخير عن الشر، وأن ييسر الظروف كلها كي يحمي نفسه من الشر. بداية بتهذيب النفس، مروراً بتهذيب الظروف المؤدية للخير، منتهية بالخير ذاته. والواقع أحيانا يكون العكس، قد هيئت نفسك ولكن غيرك لم يتقبل ما تؤول به إلى الخير بحججٍ قد تكون واهية بالنسبة لك، رسختها التجارب السابقة والعقلية الاجتماعية الجامدة التي تشكلت مع مرور الزمن. 

ما بغي فيه الخير، فعلينا تعزيزه كي ينتهي على خير. وما أريدَ به الخير وقابله اعتراض لأن لا يصل به إلى الخير، فهنا الطامة. وهنا البداية إلى الهاوية 

فكم من راغبٍ، بغية العفة والحب، قد أجبره أهله على هجر من أحب. وكم من فتاة أحبت فكان رفض أهلها بحجة واهية، كجنس أو أصل أو فصل. و طالبٍ أراد أن يتخصص فيما يحب، وجد أقرانه أول من حاربوه فيما أراد. أو بنتاً أرادت نجاحاً في علم أو معرفة نادرة، قد قوبلت بالإهانة أو الاتسهزاء. وأجد هنا وجوب الاصرار والصمود أمام هذه الريح العاصف، والتمسك بالقرار الذي يتحمله صاحبه بكامل مسؤوليته. وأن يحافظ على توازنه ليصل إلى بر الأمان، إلى الخير المنشود


ختاماً.. 

كن على علم، أن الطرق ليست كما تظن، مستقيمة أو منتظمة. بل بها من التعرجات والمنعطفات التي تظهر معدنك وأصالتك. ثق بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وأن من يتوكل على الله فهو حسبه، والعمل بالأسباب التي تؤدي إلى ما تنشده هي المفتاح للخير الذي تريد. وكن كساق البامبو، مِل بهبوب الريح عليك، ولا تجعلها تكسرك عودك.