في خطبة العيد؛ للمرة الأولى رئيسا لتيار الحكمة الوطني، وربما تكون الأخيرة وهو رئيس للتحالف الوطني العراقي، بعث السيد عمار الحكيم رسائل مهمة على الصعيد العراقي، الذي يعيش مرحلة ما بعد داعش وقرب الانتخابات البرلمانية، وكذلك على الصعيد الإقليمي الذي يشهد صراعات حساسة ما بين محاور الشرق والغرب، وتأثيرها على الوضع الداخلي العراقي .

   فالحكيم لم يتطرق للماضي الذي رماه خلف ظهره، وخلافه مع قيادات المجلس الأعلى والأسباب التي دعته لتأسيس تيار الحكمة الوطني، ولم يرد على كثير من اللغط الذي جرى في الأروقة السياسية ووسائل الإعلام، فقد انطلق للإمام على حد قوله، وان مشروع تيار الحكمة الوطني الذي أسسه ملتزم بثوابته الإسلامية الأصيلة، ومرجعية النجف المتمثلة بالإمام السيستاني دام ظله، وليس أمام أنصار هذا التيار إلا أن ينالوا ثقة شعبهم عن طريق قناعته بهم، فهو يتعدى مرحلة الانتخابات المقبلة وكسب جولتها، وإنما هو عمل للمستقبل أمامه الكثير من التحديات .

   وأهمية العراق الإقليمية ووحدته  كانت حاضرة في خطاب الحكيم، الذي أكد ان العراق هو قلب " المثلث الذهبي " الذي أضلاعه إيران وتركيا والسعودية، وأن بإمكانه أن يلعب دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين هذه الأطراف، وتقليل حدة الصراع بينها مما ينعكس إيجابا على استقرار المنطقة بأكملها، لافتا الى أن العراق ليس مجرد حدود إدارية، إنما هو تاريخ وحضارة وعادات وتقاليد مشتركة، وان من يحاول الانفصال عنه عليه استحضار حسابات الواقع بين العرب والكرد وسائر القوميات الأخرى، وان من يحاول الانفصال فهو واهم فالمشاكل لن تحل بالانفصال .

     فزمن الإصطفافات الطائفية والمناطقية والقومية يجب ان ينتهي، وعلى العراقيين أن يعملوا من اجل هذا الوطن ونهوضه من كبوته، وذلك لا يتحقق الا بحكومة وطنية تتفق على مشروع وطني محدد، تحققه تحالفات وطنية عابرة للطائفية تصحح مسار العملية السياسية وتقضي على التوافقية، التي جعلت العمل السياسي مرتهن للابتزاز والمصالح الضيقة، ويبدو إن الحكيم اتخذ قراره في تبني مشروع الكتلة الوطنية العابرة للطائفية، مع تقديم وجوه جديدة كفوءة  ونزيهة في المرحلة المقبلة .

   ويبدو أن التحالف الوطني العراقي على أعتاب مرحلة جديدة مع رئاسة جديدة، بعد دعوة الحكيم الهيئة القيادية للتحالف الى اختيار رئيس جديد له، بعد أن حسم أمره في تسليم رئاسة التحالف في موعدها المحدد الذي بات قريبا، هذا التحالف الذي شهد طفرة نوعية في عمله السياسي، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي خلال فترة تسلم الحكيم لرئاسته، تلقي على عاتق الشخصية القادمة مهمة كبيرة من اجل ديمومة عمله، والسير بالخطى نفسها التي إتبعها الحكيم، في لم أطراف التحالف وتوحيد قرارها .

    ختاما : يبدو إننا سنشهد مرحلة جديدة في الساحة العراقية، أبرزها ركون الأكراد الى الأمر الواقع وتخليهم عن دعاوى الانفصال، وولادة تيارات سياسية جديدة بعيدة عن الاصطفاف الطائفي والعرقي والمناطقي أبرزها تيار الحكمة الوطني، ورئيس جديد لأبرز المكونات السياسية العراقية وهو التحالف الوطني، وربما يكون العراق هو المبادر لخلق علاقة جيدة بين دول المنطقة الكبرى .